البقاع ـــ نقولا أبو رجيليعودة الحياة إلى طبيعتها تدريجياً لم تلغ حال الحذر التي تعيشها قرى البقاع الأوسط وبلداته، تخوفاً من فشل مساعي اللجنة الوزارية العربية بالتوصل إلى تسوية، مما قد يؤدي إلى تجدد جولات العنف بين طرفي النزاع.
حال القلق هذه يترجمها انتشار المسلحين ليلاً داخل الأحياء وبمحيط القرى والبلدات المتداخلة والمتجاورة ذات التنوع السياسي والطائفي والمذهبي. فالأمن الذاتي هو سيد الموقف، بحيث يعتمد الجميع على تنظيم نوبات حراسة ليلية ينفذها الأهالي، وكل فريق يتحضّر لحصول «الأسوأ». وإن كانت الأمور منظمة في المناطق التي ينتمي سكانها إلى قوى المعارضة، بحيث يشارك عناصر حزب الله وحركة أمل ويشرفون على توزيع المهمات، فإن الوضع يتغير في المقلب الآخر، حيث وجود تبار المستقبل وقوى الموالاة. فتوزيع مهمات الحراسة الليلية ملقى على عاتق الأهالي ومنسقي التيار وبعض العسكريين المتقاعدين ومحازبين سابقين شاركوا في الحرب الأهلية.
هذا الأمر لم يعد سراً يمكن إخفاؤه، فالأهالي، والأجهزة الأمنية، على معرفة بهذا الأمر، والتداول به أصبح «على المكشوف»، ولا ضير إذا تأخر أحدهم عن عمله، فنوبة الحراسة الليلية أرهقته واضطرته إلى النوم في ساعات الصباح الأولى تعويضاً لما فاته من الراحة الليلية، ليتمكن من متابعة أعماله اليومية.
وأكثر ما يزيد الأوضاع توتراً الشائعات التي يبثها البعض عن هجوم محتمل قد يشنه أحد الفريقين على الآخر، مما يزيد حالة استنفار للقوى في صفوف الطرفين، تحسباً لاجتياح منطقته.
وبالمقابل، «رب ضارة نافعة» بحسب ما قال مصدر أمني لـ«الأخبار». فقد أظهرت الأيام القليلة الماضية تدنياً في نسبة السرقات، وتكاد لا تذكر حوادث السرقة التي سجلتها المراكز الأمنية مع بداية الأحداث الأخيرة. وبحسب رأي المصدر، فإن حال التوتر والأمن الذاتي التي يعتمدها الجميع أسهمت إلى حد كبير بتقليص أعمال السرقة. والملاحظ هنا غياب شبه كامل للدوريات الأمنية التي كانت تطلق سابقاً. وتقتصر الإجراءات الأمنية حالياً على حواجز الجيش اللبناني المنتشرة على بعض الطرق الرئيسية والفرعية التي تفتّش السيارات وتدقّق بهويات ركابها. أما تحرك عناصر قوى الأمن الداخلي فيأتي نتيجة التبليغ عن بعض الحوادث أو بناءً لشكوى تقدم بها أحد المواطنين.