مجموعة محطات تاريخية تمثل محور الذاكرة الشعبية لدى الدروز ومخيالهم السياسي، أو قُل «كربلائياتهم». لكن وليد جنبلاط، أمس، كان يصرّ على عدم تحويل 11 أيار 2008 إلى «كربلائية درزية». الأيام المقبلة سوف تظهر إن كان سيغيّر موقفه
عاليه ـ عامر ملاعب

«أحد قصور خلدة» الذي كان «يسعى إلى السيطرة على الطريق الساحلي» كما وصفه النائب وليد جنبلاط في 5/11/2007، كان أمس «بيته» الذي دخله «البيك» كممر قسري للعبور إلى عدد من قرى الجبل، حيث كانت له محطات في الشويفات وبيصور وعيتات وعاليه.
في خلدة، التقى جنبلاط خصمه التقليدي الوزير السابق طلال أرسلان «بعد طول غياب» على حد قوله. أرسلان رحب بجنبلاط، شاكراً «كل تعاون أبداه»، متمنياً أن يكون «منع هذا الشبح الأسود الذي أتى إلى الجبل بحكمة جنبلاط والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، مؤكداً أن «الجبل كما قال النائب جنبلاط سيبقى حاضناً للمقاومة». وأن «لا خوف من أن يكون فيه أحد يطعن المقاومة في الظهر».
بدوره، أكد جنبلاط على «العيش المشترك مع إخواننا من الطائفة الشيعية الكريمة وغيرهم، ونأمل أن تحل النزاعات بطرق الحوار، والسلاح لا يفيد ولا يعطي أي نتيجة».
وأكد جنبلاط أنه «جرى اتصال أمني مع السيد وفيق صفا لاستيضاح شيء معين من أجل وضع الأمور في نصابها»، دون أن ينسى التنويه بالدور الإيجابي والفعال الذي قمنا به نحن والأمير أرسلان والرئيس بري في ما يتعلق بتسوية النزاع على الأرض».
وفي بيصور، أقيم لجنبلاط استقبال حاشد لم يخل من الظهور المسلح لعناصر الاشتراكي في باحة «الرابطة الثقافية الرياضية»، في حضور شيخ العقل نعيم حسن، وزير الإعلام غازي العريضي وعدد من الفاعليات. وبعد كلمة لوليد ملاعب باسم الحزب الاشتراكي وكلمة للشيخ فؤاد ملاعب، ألقى النائب وليد جنبلاط كلمة قال فيها: «كان أفضل بالشكل وبالمضمون أن يكون العلم اللبناني الأكبر والعلم الحزبي في تصرف العلم اللبناني، وفي الوقت نفسه أقول اليوم أفضل طريقة للدفاع هي الحوار، وتأكيد العيش المشترك مع كيفون والقماطية والضاحية، لأن الخلاف السياسي لا يعالج بالسلاح، للتذكير فقط بأن بيصور أم الشهداء كانت المعبر إلى بيروت، والمعبر إلى الجنوب لتحرير بيروت وتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، والذي جرى في هذه الأيام الصعبة سنعتبره غيمة صيف، حتى لو جار علينا الجار نحميه ولا نجاوبه إلا بالحسنى والحوار».
وأضاف: «ذاهبون إلى الحوار وجرح كبير، الجرح السياسي، لكن تذكّروا كلنا جميعاً كنا في مسيرة المقاومة الوطنية، والمقاومة من أجل البقاء، وكلنا ساهمنا في تحرير بيروت من الاحتلال الإسرائيلي». وأضاف: «لم نتخلّ عن اقتناعاتنا، وغير مطلوب أن يتخلوا عن اقتناعاتهم، فلنعالج الأمور بهدوء وبتروّ على طاولة الحوار. المطلوب منا ومنهم أن نقدم تنازلات من أجل وأد الفتنة والاستمرار في هذه المسيرة، مسيرة العيش المشترك».
بعد ذلك، تفقد جنبلاط منزل العريضي الذي تعرض لإطلاق نار خلال الاشتباكات، يرافقه الشيخ حسن وفاعليات. وبعد كلمة ترحيب من الشيخ علي العريضي. ألقى جنبلاط كلمة قال فيها: «نحن في بيت الرفيق غازي، بيت المقاوم والمناضل العسكري، وأهم من المقاومة العسكرية المقاومة بالكلمة، وأياً كانت القذائف أو القنابل فالكلمة ستبقى أقوى، الكلمة المحقّة والمقاومة ستبقى أقوى بكثير، ولا نريد أن نخلق بعد الذي حدث خطوط تماس بيننا وبين أهلنا في كيفون والقماطية، يكون (ذلك) أكبر غلط».
ورد العريضي بكلمة قال فيها: «بيصور كانت دائماً سنداً أساسياً للضاحية، لبيروت لكل المواقع الوطنية، وعندما أتحدث عن بيصور فأنا أتحدث عن كيفون وعن القماطية وعن الثلاث ثمانات، عن عيتات وبشامون وقبرشمون وعن الشحار والشويفات، عن عرمون وعن كل هذه المواقع في الجبل، التي ارتوت بدماء أعز أبناء الجبل ولبنان وخصوصاً أعزّ أبناء بيصور». وختم: «على رغم كل ما حصل، أهل كيفون مثل أهل بيصور، وأهل القماطية مثل أهل بيصور، وعلى رغم كل ما جرى يجب أن نبقى نحن وكيفون والقماطية وكل هذا الجوار من قرى في هذا التنوع الفريد الذي يميز لبنان، أن نبقى كلمة واحدة وأن نعالج آثار ما جرى وأن نضمد الجراح.
وكذلك أقيم لجنبلاط استقبال حاشد في قاعة جمعية الرسالة الاجتماعية في مدينة عاليه، حضره العريضي ونواب «اللقاء الديموقراطي»: أكرم شهيب، فؤاد السعد، أنطوان أندراوس، هنري حلو وفيصل الصايغ، رئيس البلدية وجدي مراد وعدد كبير من الفاعليات.
وألقى شهيب كلمة أهالي عاليه، فقال: «أهلاً بك في بيتك راعياً للود والتآخي، راعياً لجيرة بيصور وكيفون وسوق الغرب والقماطية وعيتات وعاليه».
وألقى جنبلاط كلمة قال فيها: «سنتحاور بكل هدوء، والمطلوب ربما تنازلات من أجل الوطن، وحدة الوطن، لا بأس، الطريق طويل، ولكن لا نخشى من التنازلات. لن تكون تنازلات على حساب الجوهر، لكن لا بد من الحوار وصولاً إلى تثبيت الدولة على كل الأرض اللبنانية، وإلى حصرية السلاح بأيدي الجيش اللبناني، طبعاً أقول وصولاً إلى أن نصل إلى هذا الأمر فقد يحتاج إلى ظروف عربية وإقليمية ناضجة نتمنى فقط أن يبقى السلاح موجهاً ضد إسرائيل، كل السلاح».
وفي خطوة لافتة، جاءت رداً غير مباشر على الاجتماع الذي عقد في خلوات القطالب في بعذران الشوف، التقى ما يزيد على 750 من مشايخ طائفة الموحدين الدروز في مقام الشريف في بلدة شارون ــــ قضاء عاليه، يتقدمهم المرجع الروحي الشيخ أبو سليمان حسيب الصايغ، الشيخ أبو سهيل غالب قيس على رأس وفد من مشايخ البياضة، الشيخ أبو علي سليمان أبو دياب، شيخ العقل نصر الدين الغريب، الشيخ أبو صالح فرحان العريضي، رئيس هيئة العمل التوحيدي الشيخ صالح ضو على رأس وفد من الهيئة وحشد كبير من مشايخ الطائفة من مختلف مناطق الجبل وحاصبيا وراشيا.
وصدر عن المجتمعين بيان تلاه الغريب جاء فيه «إن الحقبة الصعبة التي يمر فيها الوطن تستلزم منا جميعاً اليقظة والحذر وتوجب علينا التعاون والتضامن حتى يبقى هذا الجبل موئلاً للعيش المشترك والسلم الأهلي». وأضاف: «الأزمة في لبنان سياسية بامتياز وليست طائفية أو مذهبية. كل منّا يخطئ ويصيب. فمن أخطأ فليطلب من الله السماح، ومن أصاب فلا يجعل من رأيه الصائب استكباراً. بل نشكر الله على وقايته لهذا الجبل وحفظه من الانقسام الذي ربما كان سيعرّضه للأسوأ». وأشاد «بوعي المعارضة وحكمتها وإدارتها للأزمة والإجراءات الأمنية المحدودة بحسّ عال من المسؤولية الوطنية. كما نرحّب باللجنة العربية الوزارية ونبارك الاتفاق الذي رعته بالأمس بين الموالاة والمعارضة، ونأمل من الحوار الذي سينطلق من الدوحة أن تتوصل الأطراف السياسية إلى حل لهذه الأزمة». وختم بتوجيه «تحية إلى الشقيقة سوريا بالشكر لما تبذله من المساعدة لحل الأزمة السياسية في لبنان».