نادر فوزأولاً، عدم انضمام التيّار إلى سائر قوى المعارضة في العمل الميداني، وعدم الظهور في الشارع اعتراضاً على قراري الحكومة، مما ساهم في تهدئة النفوس على الجبهة المسيحية وتجنيبها التوتر والاشتباكات التي شهدتها بيروت ثم الجبل والشمال.
ثانياً، المحافظة على هدوء خطوط تماس الحرب الأهلية، وخاصةً «الشريط الحدودي» الممتدّ من مستديرة الطيّونة إلى كنيسة مار مخايل، حيث كان البعض يتخوّف من انتهاكات نسبةً إلى «العداء» وحالة عدم الاستقرار بين عين الرمّانة والشيّاح. والهدوء على هذا «المحور» ليس إلا نتيجة سياسة التيّار في الداخل، وخاصةً إبرامه ورقة التفاهم مع حزب الله. فقد ساهم هذا التفاهم السياسي، إلى حدّ كبير، في توفير ضمان للشارع المسيحي بعدم التعرّض له مهما كان حجم تحرّك قوى مسيحيّي 14 آذار ميدانياً وعسكرياً، مع العلم أنّ التنسيق بين قيادة التيّار وحزب الله كان مباشراً طيلة المرحلة الأخيرة.
ثالثاً، قرار التيّار بأن الجيش وحده يمتلك حق ضبط الأمن في الشرقية وتطويق أي انتشار مسلّح، وهو ما حصل في عدد من شوارع بيروت الشرقية المحاذية للضفّة الأخرى، بعدما أكّدت قيادة الجيش لمسؤولي «التيار» أنّ الوضع مضبوط. وكانت تعليمات أركان التيار لشبابه واضحة بالتزام منازلهم والاكتفاء بالدفاع عن النفس إذا تطوّرت الأمور وعجزت العناصر الأمنية عن احتوائها.
رابعاً، ترجمت هذه التعليمات خاصة في منطقتي الجبل والشمال، حيث حدّ مناصرو التيّار تحرّكاتهم وأخلوا مراكزهم، التي طالت بعضها الاعتداءات، دون أن تكون للعونيين أية ردّة فعل، مما ثبّت وجهة التيّار السلمية والانفتاحية لدى الجمهور المسيحي. ويرى مسؤول التثقيف السياسي في التيّار، بسام الهاشم، أن وثيقة التفاهم مع حزب الله تكتسب أهمية كبيرة، وخاصةً أنّ «الأحداث الأخيرة كانت الاختبار الأقوى لهذا التفاهم، فتبيّن للجميع، ولا سيما للمسيحيين، عمق هذه الوثيقة»، مشيراً إلى أنّ ما جرى ساهم في تغيير آراء وقناعات عدد كبير من أبناء المناطق المسيحية تجاه سياسة العماد عون. ويعتبر الهاشم أنّ الانتصار السياسي للتيّار يتجسّد أيضاً في انطلاق الحوار اللبناني، «وهو مطلبنا الأساسيّ، لأن الأهم إعادة تكوين السلطة وتحكيم الشعب لحسم الخيارات ووجهة البلد السياسية».
ورغم توّجه وفد التيّار إلى الدوحة، وعلى رأسه عون، يؤكد الهاشم وجود ملاحظات على بيان وزراء الخارجية العرب، لأنه «على مسافة أقلّ من عام على إجراء انتخابات نيابية، يصبح انتخاب رئيس للجمهورية بلا جدوى في وجود قوى سياسية مشكوك في قدرتها التمثيلية». ويلفت إلى أنّ التيّار يعيد الحديث عن حكومة انتقالية تحدّد أهدافها بإحياء المجلس الدستوري ووضع قانون انتخابي وإجراء الانتخابات، مؤكداً أنه مهما كانت نتيجة الانتخابات المقبلة سـ«يضمن التيّار تأمين النصاب لانتخاب رئيس للجمهورية».