طرابلس ـ عبد الكافي الصمدإلا أنّ المفارقة برزت في السجال الذي اندلع بين عدد من الأفرقاء الإسلاميين، «الحركيين» من جهة و«السلفيين» من جهة أخرى، على نحو تجاوز إطار الاختلاف الفقهي بين الطرفين، مبرزاً تحالفات الجميع مع الأطراف الرئيسيين الفاعلين محلياً وإقليمياً.
وفي غمرة حوادث بيروت وطرابلس، فضلاً عن عكّار والبقاع والجبل، أطلّ سلفيو الشمال دفعة واحدة ليعبّروا عن مواقفهم الرافضة لما يجري، محذّرين من ارتداداته.
فقد شدد مؤسّس التيّار السلفي في الشّمال الشيخ داعي الإسلام الشهّال على ضرورة «دق النفير العام لتنظيم الطائفة السنّية نظراً للظروف وتداعياتها الخطيرة، وما أصاب الطائفة من جرح عميق»، داعياً «الشباب المسلم والغيور إلى الاستعداد للمرحلة المقبلة»، ومطالباً «أهل السنّة والجماعة في العالمين العربي والإسلامي بالمساعدة المادية والمعنوية» نظراً «لحاجة الطائفة السنّية (في لبنان) في مجالات عديدة».
كذلك ذكّر «وقف اقرأ الإسلامي» الذي يترأسه الداعية عمر بكري فستق حزب الله، الذي وصفه بـ«الميليشيا»، بأنّ «للسنّة رجالاً وأسوداً لم يخوضوا المعركة بعد، ويعرفون أبجدياتكم تماماً، وعند النزال تعرفون معنى الحرب». فيما طالب رئيس جمعية «دعوة الإيمان والعدل والإحسان» الدكتور حسن الشهّال المسؤولين العرب بـ«إرسال قوات سلام وفصل عربية وإسلامية، بعدما قابل حزب الله كلمة الحق بالمدفع، والرأي بالسيف، وحرية التعبير بسفك الدماء». وأعلن «اللقاء الإسلامي المستقل»، برئاسة النائب السابق خالد ضاهر، إطلاق «المقاومة الإسلامية السنّية، للدفاع عن لبنان ـــــ الكيان والمؤسسات، وذلك لعدم قيام القوى الأمنية والعسكرية بواجبها وحماية العاصمة بيروت وأهلها، ومحاولة الميليشيات التى تدّعي زوراً المقاومة، ممارسة الإرهاب والقتل بحق اللبنانيين عامّة وأهل السنّة خاصّة».
هذا التصعيد، حمل رئيس مجلس قيادة حركة التوحيد الإسلامي وعضو قيادة جبهة العمل الإسلامي الشيخ هاشم منقارة، على التساؤل عن «جدوى التحريض المذهبي الذي يمارسه البعض»، مشيراً إلى أنّ «السلف يدعو إلى تطهير اللسان من فتنة طهّر الله بها سيوفنا. فعلى من تعلنون النفير؟ على من قاتل اليهود وأعوانهم ومن دعمهم، أم على من يريد صلحاً معهم على حساب الحقوق الشرعية لأهل فلسطين؟»، مضيفاً: «أعلنوا نفيراً على الصهاينة إن كنتم فاعلين».
ورد على موقف منقارة رئيس مجلس أمناء «وقف اقرأ الإسلامي» الشيخ نور الدين غلاييني الذي رأى أنّ «السلفية لا تمنع حقّ الدفاع عن النفس، وهذا لا يمتّ بصلة إلى التحريض المذهبي»، وسأله: «متى وصلت إسرائيل إلى بيروت والطريق الجديدة وكورنيش المزرعة وباب التبّانة، حتى تتوجه أسلحة المقاومة نحوها».
وسط هذا التضارب، قال رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير أحمد القصص إنّ الأحداث الأخيرة كشفت أنّ «الصراع الحقيقي في لبنان ليس مذهبياً، وإن حاول البعض إلباسه هذا الثوب، وإنّ الفريقين ضالعان في صراع أبعاده إقليمية ودولية»، معتبراً أن «الكلام عن التنازع والتسابق بين الطوائف في لبنان، ليس إلا كلاماً عن قبائل من نوع جديد تستند إلى جذور الولاء التاريخي».