عون يتّهم الموالاة بمحاولة الهيمنة على الصوت المسيحي وإلحاق الأرمن بغير مناطقهمدخل مؤتمر الحوار الوطني اللبناني، المنعقد في قطر في يومه الثالث، غرفة العناية الفائقة بعدما سادت أجواء التشاؤم جرّاء تشابك مواضيع البحث واختلاط جدول أعمال اتفاق بيروت وفق أولويات كل فريق ورؤيته للحل
بددت عقدة تقسيم بيروت وإصرار الموالاة على بحث موضوع سلاح المقاومة التفاؤل الذي ساد اليومين: الأول والثاني من مؤتمر الحوار ووضعته على حافة الانهيار، ما استدعى تدخل أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي عقد اجتماعين منفصلين مع كل من المعارضة والموالاة قبل أن يجمعهما في فندق الشيراتون.
وقد حضر الاجتماع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري.
وكشف العماد عون أنه جرى خلال الاجتماع طرح أفكار جديدة و«تبين أن نزعة السيطرة عند البعض لم تتغير بخصوص بعض مقاعد المسيحيين في بيروت، والاجتماع توقف لإكماله في ما بعد». ولفت إلى أن «هناك خروجاً عن ترتيب الأولويات التي طرحت في بيروت».
واتهم فريق الموالاة بمحاولة الهيمنة على الصوت المسيحي من خلال التقسيمات التي يطرحها في بيروت، مشيراً إلى أن السلطة من خلال اقتراحاتها تضمن نصف مقاعد المسيحيين في بيروت. ولفت إلى أن المسيحيين قد لا يؤيدونه في الانتخابات المقبلة، إلا أنه يسعى لتأمين قانون انتخابات يسمح لهم باختيار ممثليهم، كما يسمح لغيرهم من اللبنانيين باختيار ممثليهم أيضاً.
وأشار عون في حديث إلى تلفزيون OTV، إلى «أن الموالاة تريد اقتطاع مناطق وجود الأرمن وإلحاقها بمناطق أخرى»، مؤكداً «أن هذا الأمر مرفوض».
وأعلن أن الموالاة اقترحت إعطاء المعارضة ما تطلبه ضمن الحكومة، مقابل إعطائها القانون الانتخابي الذي تريد، واصفاً هذا الأمر بـ«الولادي»، مشيراً إلى أن الحكومة هي لـ11 شهراً، بينما قانون الانتخاب سيعيد إنتاج السلطة للسنوات المقبلة.
ورأى «أن نزعة السيطرة عند البعض لم تتغير، منبهاً من أن هذه النزعة كانت سبب استعمال السلاح في بيروت»، وأكد ضرورة استكمال الحوار في بيروت لطمأنة اللبنانيين بأن الحوادث الأخيرة لن تتكرر.
وعن موضوع الحكومة الانتقالية، لفت عون إلى أن هذه الحكومة كفيلة بترتيب الأمور وإجراء انتخابات رئاسية ونيابية بدل استمرار الخلاف، مشيراً إلى أن الموالاة لم تقدم رداً بعد على هذا الطرح.
وأوضح النائب بطرس حرب «أن الاجتماع الذي عقده أمير قطر مع قيادات من الموالاة والمعارضة أتى لإعادة بناء الثقة وفتح حوار عقلاني بعيداً عن ردات الفعل والعصبية التي سادت اجتماع (أول من) أمس».
وكشف النائب ميشال المر أن شيئاً ما سيظهر في الساعات القليلة المقبلة، مرجحاً العودة إلى بيروت مساء اليوم وانتخاب رئيس يوم الثلاثاء أو الأربعاء كحد أقصى.

لقاءات جانبيّّة بدل الموسعة

وغابت أمس اللقاءات الموسعة وحلّ مكانها اللقاءات الجانبية، بين الموالاة والمعارضة، ونشط الشيخ حمد وموسى في حركة مكوكية مكثفة بين الجانبين في الساعات الثماني والأربعين الماضية لتقريب وجهات النظر بين الطرفين.
وسجل لقاء بين عون والمر ولقاء آخر بين النائب علي حسن خليل ورئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع لمدة عشر دقائق على «الواقف»، خرج بعدها جعجع وألقى التحية على النائب آغوب بقرادونيان الذي كان جالساً مع عدد من نواب الموالاة. وقد سبق لقاء خليل ــــ جعجع، اجتماع مماثل بين خليل والرئيس أمين الجميل.
وأرخى جعجع أجواء من التشاؤم على الحوار، وقال قبل لقائه النائب خليل، إن «الأجواء ملبدة كثيراً، ما في شي ظابط»، معتبراً أن ما يجري «طبخة بحص». وإذ كرر بعد اللقاء أن «الوضع معقد»، لفت إلى أنهما بحثا «في ضرورة توفر نيّات صافية». وأعلن رفضه لفكرة تشكيل حكومة انتقالية، مشيراً إلى أن أقصى ما يقبل به هو تعويم الحكومة الحالية. بينما أيد وزير الأشغال العامة والنقل محمد الصفدي اقتراح الحكومة الانتقالية، مؤكداً أنه «الحل المناسب لجميع الأفرقاء إذا لم يتوصل المتحاورون إلى حل شامل».
وبقي موضوع السلاح وقضيّة تقسيم بيروت انتخابياً، في مقدم اهتمامات الموالاة، وأكد رئيس حزب الكتائب أمين الجميل في المسألة الأولى، أن «من الضروري عدم تكرار تجربة اتفاقية القاهرة فنصبح في مفهوم «قاهرة رقم 2»، أي عدم تشريع مفهوم منطق الدويلة ضمن الدولة».
وشدد وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت على «أننا جئنا بنية طيبة لعقد اتفاقية واضحة تشمل كل البنود التي جاءت في إعلان بيروت ورأى أن جميع البنود لها القيمة نفسها والأولوية نفسها أيضاً، معتبراً أنه إما أن تتم جميعاً وإلا فلن يحصل شيء جدي.

إعلان نتائج انتخابات 2009وفي موضوع قانون الانتخاب، أعلن عضو اللقاء الديموقراطي النائب أكرم شهيب عبر «صوت لبنان» أنه «قد يتم التوصل اليوم (أمس) إلى صيغة توافقية في موضوع قانون الانتخاب، يخرج فيها فريقا الثامن والرابع عشر من آذار مرتاحين»، آملاً عدم حصول «تعطيل كما يحصل عادة في نهاية كل حوار».
وأشار إلى أن «فريق 14 آذار قدم ورقة تحتوي على ثلاث نقاط وهي التوازن في المقاعد النيابية، مراعاة العيش المشترك، والوضوح في جغرافيا الدوائر الانتخابية، لكن المعارضة رفضت هذا الطرح ووضعت على الورقة ملاحظات عديدة».
إلا أن النائب حسين الحاج حسن لفت إلى أن «هناك محاولات واضحة من فريق الموالاة لإنتاج قانون انتخابي، سواء في بيروت أو في كل لبنان، لإعلان نتائج انتخابات 2009 اليوم، بفوزهم».
وأكد النائب آغوب بقرادونيان أن المعارضة مع تقسيم الدوائر الانتخابية في بيروت، مثل باقي المناطق، مشدداً على ضرورة أن يؤمن ذلك التمثيل الصحيح للطوائف اللبنانية. ولفت إلى أنه لا مشكلة في أن يبقى تقسيم بيروت إلى 3 دوائر انتخابية، لكن المهم هو كيفية توزيعها، وأشار إلى «أن التقسيم الذي تطرحه السلطة سيحوّل بيروت إلى عقدة في الحوار».
ووسط هذه الاجواء، أكد موسى «أن موضوع حكومة الوحدة الوطنية ستتم معالجته من خلال ما نصّت عليه المبادرة العربية، أي عدم الاستئثار للأكثرية وعدم التعطيل للمعارضة».
وأعلن في حديث إلى إذاعة «لبنان الحر» في الدوحة: «أنه سيزور سوريا بعد الانتهاء من أعمال مؤتمر الحوار»،.

رسالة من وزير الدفاع إلى الجيش

في مجال آخر، وبعد حملة الانتقادات التي وجهها بعض قوى الموالاة للجيش، خلال وبعد الحوادث الأخيرة، وجّه وزير الدفاع الوطني الياس المر كلمة إلى العسكريين، قال إنها «قد تكون الأخيرة لهم»، ثمّن فيها تضحياتهم وقال: «استعدتم زمام المبادرة. وما بادرتم إلا لردم الهوة وإخماد الفتنة وتوفير الظروف الممكنة للعودة إلى العقل»، مشيراً إلى أنه «كان كل فريق يمني النفس بأن يكون الجيش إلى جانبه. إلا أن الجيش كان إلى جانب الوطن، لا لفريق ولا على فريق، لأنه يدرك أن أي انحياز لهذا أو ذاك قد يخل بالتوازن الوطني ويعرض المؤسسة العسكرية في وحدتها وتماسكها. وإذا لا سمح الله انقسم الجيش كما في الماضي انقسم الوطن وانتهى لبنان».
وأكد أن «الجيش كما الوطن هو الثابت والضامن للجميع، أما السياسة فلا تحالفات فيها إلى الأبد ولا خصومات إلى الأبد». وشدد على أن «الجيش كان ويبقى على مسافة واحدة من الجميع. لا يرفع بندقيته إلا في مواجهة العدو الإسرائيلي والإرهاب».

لقاء شمالي لنصرة بيروت

وفي طرابلس، عرض الرئيس نجيب ميقاتي التطورات مع مفتي المدينة الشيخ مالك الشعار، كما شارك ميقاتي في جانب من اجتماع عقد في منزل المفتي الشعار، حضره عدد من فاعليات طرابلس والشمال. ودعا ميقاتي إلى «كلمة سواء بيننا كلبنانيين لنتعاون ونتشارك في إدارة الشؤون الوطنية لتأمين الاستقرار لوطننا والوصول به إلى شاطئ الأمان».
من جهته، قال الشعار إن «الاجتماع كان لدرس موضوع طرابلس خصوصاً والشمال عموماً من أجل استقراره الأمني والداخلي، ومن أجل أمر آخر لا يقل أهمية عنه وهو اتخاذ موقف صريح وواضح ونصرة علنية لإخواننا في بيروت، لأنه انتهكت كرامتهم واستبيحت بيوتهم وشوارعهم»، وأعلن إنشاء لجنة متابعة في الشمال «من أجل أن تستوعب الأمور الأمنية والاقتصادية والسياسية خطوة بخطوة، وأن تشكل هذه اللجنة قيادة تنفيذية من جانب المجتمعين».
والتطورات الأمنية والسياسية كانت محور زيارة وفد من تيار «المستقبل» برئاسة منسق عام تيار المستقبل في صيدا والجنوب المهندس يوسف النقيب مقر «الجماعة الإسلامية» وأكد المجتمعون «ضرورة الحفاظ على الدور الوطني والعربي لمدينة صيدا وعلى وحدة أبنائها والسلم الأهلي.
ووسط هذه الأجواء، رأى رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد إبراهيم أمين السيد «أن ما حصل في الآونة الأخيرة في لبنان أسقط مؤامرة شبيهة بمؤامرة حرب تموز». وأكد خلال احتفال تأبيني في حي السلم، «أن القضية الأساسية في المنطقة اليوم هي مقاومة المحتل»، مشيراً إلى أنه «لو كان لحزب الله هدف بفرض تغييرات سياسية لفعل».
في مجال آخر، جال رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال ارسلان في بلدات وقرى الجبل، متفقداً قرى قضاء عاليه، ولا سيما التي شهدت حوادث أمنية الأسبوع الماضي. وقدم التعازي بعدد من الضحايا التي سقطت خلال تلك المواجهات،.
وأكد أرسلان خلال الجولة أن ما حصل في الجبل «غيمة مرت وتجاوزناها».
إلى ذلك، وجهت مجموعة من المثقفين والصحافيين ونشطاء في المجتمع المدني، نداءً إلى اللبنانيين، هاجموا فيه بشدة «حزب الله» ودعوا جميع اللبنانيين إلى إطلاق «مقاومة مدنية سلمية لمواجهة انقلاب» الحزب.


اعتصام وشموع استنكاراً لمجزرة حلبا

لبَّى أمس قرابة 400 شخص الدعوة التي وجهها ناشطون في المجتمع المدني إلى اعتصام صامت وإضاءة شموع في ساحة خالد علوان في شارع الحمراء، استنكاراً للمجزرة التي حصلت في بلدة حلبا ـــــ عكار. وكان معظم المشاركين في الاعتصام من محازبي وأنصار الحزب السوري القومي الاجتماعي الذين أتوا يستذكرون رفاقاً عكاريين لا يعرفون عنهم إلا أنهم قتلوا بعد استسلامهم، وتعرّضوا قبل إعدامهم للتنكيل.
ورغم طغيان الهدوء على سلوك القوميين وتطرّقهم إلى المجزرة من زاوية انتهاك حقوق الإنسان، فقد توعّد بعضهم القتلة بالحساب، متسائلين كيف يغطي أهل قريطم، الذين يبعدون عشرات الأمتار فقط من ساحة علوان، جريمة كهذه؟ ووزع المعتصمون بياناً تحت عنوان «أنا ـــــ أولاً ـــــ إنسان» رأوا فيه أن الإنسانيّة مبدأ يسري في كل الأوقات، حتى أثناء القتال. وهناك قواعد تنظم الخلاف المسلح. وهي قواعد تنص عليها القوانين الدولية، كمعاهدة جنيف 1949، ونظام روما الإنساني للمحكمة الجنائيّة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما تشدد عليها القيم الدينيّة.
وأوضحت الدكتورة رانيا المصري، وهي من الداعين إلى الاعتصام «إن هدف التحرك توجيه رسالة تدعو الناس إلى وقف الانحراف السياسي وعدم تبرير الارتكابات البشعة بحجج مختلفة. والأهم، عدم تسييس المجازر».
وفي ظل تعاطف الناس مع المعتصمين، باستثناء سيدّة أغضبها عدم رفعهم أعلاماً لبنانيّة، تعهّد مسؤولو الحزب القومي بمتابعة القضيّة أمام المراجع القضائيّة المحليّة والدوليّة.
(الأخبار)