عمر نشابةلم يتدخّل الجيش بقوّة لقمع الاشتباكات المسلّحة، كما لم تقم قوى الأمن الداخلي بواجباتها المنصوص عليها في القانون، وهي حفظ النظام وحماية المواطنين. ويسأل بعض الناس الغاضبين ما الذي يمنع قيام موظفي المؤسسات الرسمية المعنية بأمن الناس بواجباتهم القانونية؟
إن المؤسسات المعنية بالأمن تعمل ضمن السلطة الإجرائية التي يرأسها بحسب الدستور مجلس الوزراء. ويرأس تلك المؤسسات قادة يتواصلون عبر وزيري الداخلية والدفاع مع السلطة الإجرائية العليا. ويفترض أن يعمل الجيش وقوى الأمن وفق السياسة التي تحدّدها حكومة تتمتّع بثقة أعضاء مجلس النواب، أي بثقة المواطنين غير المباشرة من خلالهم. وكان مجلس النواب قد منح الثقة لحكومة فؤاد السنيورة المؤلفة من 24 وزيراً، من بينهم وزراء من توجهات سياسية مختلفة لا بل متناقضة أحياناً. وربما من الصائب القول إن تغييرات في ربع وزراء حكومة السنيورة كان قد أثّر على قرار بعض النواب بمنح الثقة أو حجبها.
لذا أصبحت حكومة السنيورة «بتراء» (كما وصفها رئيس مجلس النواب) بعد استقالة ستة وزراء منها، وبغضّ النظر عن أسباب تعذّر تعيين بديل عنهم، ورغم تمسّك السنيورة وحلفائه في «الأكثرية» النيابية بها، لا يمكن موضوعياً تجاهل اهتزاز شرعية الحكومة بحسب جزء لا يستهان به من اللبنانيين. وقد وجدت المؤسسات الرسمية ولا سيما العسكرية والأمنية منها نفسها، بسبب ذلك، في وضع حسّاس لا بل حرج. فرغم اعتراف «العالم كلّه» (بحسب السنيورة ومستشاريه الأشاوس) بشرعية الحكومة، «لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك». وهذا الكلام لا يقتصر على حبر في نصّ الدستور، بل يعبّر عن خلاصة في فهم تركيبة الدولة وسبيل نجاحها وحسن سير عمل مؤسساتها.