طغى أمس الهمّ الأكاديمي على طلاب الجامعة اللبنانية، فسارعوا إلى متابعة مقرراتهم ومعرفة المواعيد الجديدة لامتحاناتهم في مختلف كليات الجامعة وفروعها ومعاهدها. وفيما عززت رئاسة الجامعة حضور القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي في المجمّّعات الكبرى في الحدث والفنار، تجنبت أحاديث الطلاب وتعليقاتهم الخوض في السياسة من دون أن تخلو من «التلطيشات» المبطّنة
فاتن الحاج

لم يقاطع طلاب الجبل المجمع الجامعي في الحدث، فلا نيّة أصلاً بالمقاطعة، لكن «تهديدات» منتصف الليل، جعلت الناشطين في الحزب التقدمي الاشتراكي يتريثون فيغيبون عن كلياتهم، بعد إبلاغ رئاسة الجامعة ومديري الكليات بقرار رفضهم لمنطق التهديد في الصرح الأكاديمي. «لا يرهبنا هذا المنطق، لكننا نرفض أن نكون الفريق الثاني لأي إشكال يمكن أن يخدم مشروع الفتنة»، يقول مسؤول منظمة الشباب التقدمي في كلية العلوم ــــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية رائد أبو حمدان. وينفي أبو حمدان المقاطعة «فنحن لن نترك جامعة كل اللبنانيين، بل سنكمل عملنا الطلابي وسنبقى نمارس سياسة قبول الآخر، وإن كنا نترقب هذين اليومين لمعرفة ما سيجري على الساحة السياسية».
هذا الموقف لم يمنع بعض طلاب الجبل غير الحزبيين من الحضور، بعد حصولهم على تطمينات من زملائهم بأنّ الأجواء أكاديمية وهادئة.
والمفارقة أنّك لا تعرف من أين تأتي التهديدات، وخصوصاً أنّ الأطراف الأخرى في الكلية تتحدث عن توجيهات بتحييد الجامعة عن الصراع السياسي، و«أنّ تاريخنا يشهد على استيعاب الطلاب لأية طائفة انتموا والجميع إخوة»، كما يؤكد عضو مجلس فرع الطلاب كامل سرور (حزب الله)، مستشهداً بكلام للنائب وليد جنبلاط: «غيمة صيف وبتمر». ثمّ إنّ طلاب حركة أمل، باعتراف الاشتراكي هم من دعوا إلى تلاقي الأحزاب.
أما مدير الكلية الدكتور علي كنج فقد أوضح «أننا جمعنا مجلس الطلاب والطلاب ودعوناهم إلى التهدئة وإبعاد شبح السياسة عن الجو الجامعي». وفيما أشار كنج إلى أنّ حضور الطلاب لامس 85 في المئة، نفى أن يكون قد سجّل أي غياب في صفوف الأساتذة الذين حضروا من الشمال والجنوب والجبل والبقاع. وأعلن كنج أنّه سيجري تمديد العام الجامعي أسبوعين، إذا لم يطرأ أي جديد، علماً بأنّ العطلة القسرية لم تؤثر على الامتحانات الجزئية التي انتهت الثلاثاء الأخير الذي سبق الأحداث.
وفي كلية الحقوق والعلوم السياسية، تبدأ الامتحانات في 23 حزيران المقبل بعدما كان مقرراً أن تكون في 16 حزيران. وتبادل الطلاب «شوية» أحاديث بالسياسة، ولم تتخطّ الاستفزازات حدود «المزاح» والعتاب «ليك مسؤولك شو عمل! نحنا كان معنا حق، كلن بدن كب عالزبالة، وإذا ما اتفقوا ما يرجعوا».
وبالنسبة إلى كليتي إدارة الأعمال والهندسة، فقد جرى تأجيل الامتحانات إلى نهاية الأسبوع الجاري، لمزيد من الاطمئنان إلى استقرار الوضع السياسي.
وفي الفروع الثانية، غاب الحديث في السياسة إلا بين مناصري الحزب الواحد، وحضر الطلاب والقوى الأمنية، وخصوصاً أمام كلية العلوم في الفنار، بعد التوقف الذي فرضته أحداث الأسبوعين الأخيرين. والنتيجة هي أنّ معظم هذه الكليات ستمدّد الدراسة لمدة أسبوع تقريباً. طريق مار تقلا ــــ الفنار شهدت حركة طبيعية أمس ولا سيما أنها ممر لكليات العلوم والإعلام والآداب. في الإعلام، خالف الواقع المتوقع، وبدا الطلاب كأنهم عائدون من فرصة عيد الميلاد أو ما شابه، فناشدوا تأجيل الامتحانات التي كانت مقررة في الثاني من حزيران، فأرجئت أسبوعاً كاملاً حتى التاسع منه. وفي كلية الآداب والعلوم الإنسانية، يرجح أن تمتد الدراسة أسبوعاً كاملاً، بعدما كان مقرراً أن تنتهي في 23 الجاري لتكون امتحانات نهاية العام في التاسع من حزيران. أما في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جل الديب، فلم يتجاوز العدد الثلاثين طالباً، والسبب ليس أمنياً أو سياسياً وإنما يعود «إلى عدم معرفة الطلاب بموعد استئناف الدراسة»، فتبلغوا بالحضور أمس، وخصوصاً أنّ أسبوع «الفرصة القسرية» كان مقرراً أسبوعاً أخيراً في الكلية.
وفي الشمال، شهدت الفروع الثالثة يوماً دراسياً هادئاً وخصوصاً في الكليات التطبيقية أي الفنون، الهندسة وإدارة الأعمال حيث الحضور إلزامي والسنة الدراسية أصبحت في نهايتها و«بلشنا نحسّ بالسخن»، كما يقول الطالب في كلية الهندسة ــــ الفرع الأول فادي خليل. وقد أرجئت الامتحانات الفصلية التي توقفت قسراً في الكليتين الأخيرتين إلى السبت المقبل. ولم تختلف الأجواء في كلية العلوم، فالغالبية حضرت لمتابعة الدراسة وتصوير بعض المقررات. لكن سُجّل غياب ملحوظ من شباب المعارضة خوفاً من أيّ ردود فعل أو حصول تشنجات. وبرز الغياب في كليات الآداب والحقوق والعلوم السياسية حيث تستقبلك صور النائب سعد الحريري بنسختها الجديدة المذيّلة بعبارة «اليد بيضاء وممدودة للحوار ولن تلطّخ بدماء اللبنانيين». وآثر «المعارضون» وتحديداً طلاب جبل محسن عدم المجيء، وقد هاتف بعضهم الأصدقاء في الداخل سائلين عن وضع الجامعة.
وفي صيدا، ترافقت العودة الخجولة للطلاب إلى الفروع الخامسة مع قرار تأجيل موعد الامتحانات النهائية ولا سيما في كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية إلى السادس عشر من حزيران المقبل، بعدما كان متوقعاً إجراؤها في التاسع من الشهر نفسه. ويرى الطالب خضر خروبي «من المفترض أن تنجز الامتحانات قبل الموعد المحدد، خوفاً من الأحداث المتسارعة التي تلحق بلبنان، ما قد يؤدي إلى إلغاء الامتحانات، على رغم أنني لست جاهزاً بما فيه الكفاية كي أجتاز الاستحقاق». أما رئيس مجلس طلاب الفرع حسين غزلة، فقد عزا غياب الطلاب إلى القلق من الحوادث الأخيرة التي سبقها اشتداد الأنفاس نحو الانتخابات الطالبية، التي ألغيت نهائياً هذا العام.
واستأنف الطلاب الدروس في كلية العلوم في النبطية وفي شعبة إدارة الأعمال حيث استكملوا الامتحانات الجزئية للفصل الثاني في ظل أجواء هادئة، لكون المنطقة لم تتأثر بالخضات الأمنية. لكن المشكلة الأساسية بالنسبة إلى الشعبة لم تحل؛ فبينما ينصرف معظم اللبنانيين إلى الاهتمام بالأزمة السياسية، ينتظر أساتذة وطلاب الشعبة مرسوم تفريع الجامعة بعد الأزمة التي استجدّت خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، حيث جرى تفريع شعبة عاليه واستبعاد شعبة النبطية لأسباب غير واضحة. وقد تلقى أساتذة الفرع وعداً ببتّ القضية في أول جلسة لمجلس الوزراء، بعد تجهيز المرسوم، وإلا فإن الأساتذة والطلاب سينفذون تحركاً يعلن عنه في وقت لاحق، قد يبدأ بالاعتصام وينتهي بتوقيف الدروس في الكلية وعدم استكمال العام الدراسي.
أما في الفروع الرابعة في البقاع، فقد تراجعت نسبة حضور الطلاب بعدما انطلقت التحضيرات للامتحانات. ومع أنّه لم تسجّل أية إشكالات أمنية أو سياسية، فقد انشطر الطلاب إلى مجموعات وفق انتماءاتهم.
(شارك في التغطية: رندلى جبور، إيلي حنا، نغم جوني، كارولين صباح ونيبال حايك)