ليال حدادانتهت المعارك في الشوارع، اختفى صوت الرصاص، وعادت منطقة الشويفات إلى ما يشبه طبيعتها. إلا أن تلاميذ مدرسة سيدة العطايا في كفرشيما، رفضوا العودة إلى مقاعد الدراسة من دون أن يعبّروا عن موقفهم الواضح من الأحداث الأخيرة. وقف تلاميذ المرحلة المتوسطة والثانوية في المدرسة على خط التماس الجديد ووزعوا غصون زيتون على المارين ليؤكدوا أنهم ضدّ كل جرى في الأسابيع الأخيرة.
«هون الشويفات وهونيك الضاحية» يقول محمّد وهو تلميذ في المرحلة المتوسطة، مشيراً إلى المنطقتين المقابلتين واللتين كثر الحديث عنهما في الفترة الأخيرة. «أنا من الضاحية، ولم أكن أعرف انّ هناك فرقاً بين المنطقتين. اليوم عرفت، هنا يعيش الدروز وفي الضاحية يعيش الشيعة، ولكن هل هذا سبب كافٍ للتقاتل؟».
قبل أن يكمل حديثه يجيبه أيمن، رفيقه في الصفّ، «السبب ليس كافياً، ولكن الشباب يتقاتلون من أجل زعمائهم». لا يعجب الجواب محمّد فيقول: «أنا بحبّ السيّد وإنت بتحبّ جنبلاط، ليش ما قاتلنا بعض؟».
محمّد، ببساطة، لا يميّز بين رفاقه في الصف، فهو لا يفهم كيف يستطيع أن يفرّق بين أشخاص تربى معهم في الصف منذ سنوات طويلة، بسبب طائفتهم أو لأنهم غيّروا موقفهم السياسي «رفقاتي كلن بيجو لعندي على الضاحية وأنا بروح لعندن على الجبل». يعطي محمّد غصن زيتون لإحدى السيارات المارة «هذه تعبيراً عن رفضنا للحرب».
انتشرت حواجز السلام التي نظمتها المدرسة على أكثر من خطّ تماس، إضافة إلى الشويفات، وقف الطلاب في المناطق التي ترتبط أسماؤها بالحرب الأهلية كالدامور وكنيسة مار مخايل.
من جهتها، تؤكّد التلميذة في الصف الثاني ثانوي، نرمين روضة أنّها ملت الحروب «كل سنتين اقتتال داخلي ألا تكفينا ويلات إسرائيل علينا، عليهم أن يتفقوا ويتركوا الشعب يعيش».
يوافق رفاق نرمين على كلامها ويرفعون لافتاتهم عالياً مصرين على موقفهم «قف حاجز سلام»، فالحواجز بحسب هؤلاء التلاميذ لا ترتبط فقط بالقتل على الهوية المناطقية أو الطائفية «إنما بإمكانها أن تكون للمحبة أو السلام»، تقول روضة.
أما منسّق النشاط في الشويفات حسين شحادة فيشدد على أن المواطنين فقدوا ثقتهم بالسياسيين، وحلولهم، «لقد أظهر التلاميذ أنهم أكثر وعياً من حكامنا. وهذا النشاط هو خير دليل على ذلك».
يذكر أن الحركة لا تتوقّف في مدرسة العطايا طوال السنة حتى في الصيف، فتنظّم المدرسة نشاطات ثقافية ترفيهية لإبعاد التلاميذ عن السياسة، «وكي يبنوا شخصيتهم على الطريقة الصحيحة من دون أن يتأثروا بالأجواء السياسية الموبوءة حولهم، وخصوصاً أن مدرستنا مدرسة مختلطة ونربّي التلاميذ على عدم التمييز بين الأشخاص على أساس الطائفة والدين»، يقول شحادة.