محمد محسنتؤكد الجردة الشهرية للمبيعات عند أصحاب الدكانين نتيجة واضحة: ارتفاع الطلب على الشمع، والبطاريات «الإصبع»، وأكياس المكسرات. ما العلاقة التي تربط هذه السلع بعضها ببعض؟
الرابط بين ارتفاع نسبة استهلاك هذه السلع هو أمر روتيني جداً: انقطاع التيار الكهربائي. فالمواطن الذي تؤرّقه هموم يومه يحتاج إلى برنامج تلفزيوني «مسلّ» ينسيه هذه الهموم. ولكن ما العمل عندما يصبح موعد انقطاع الكهرباء في الليل معروفاً بالدقيقة؟ ليس أمام المواطن الفقير إلا بعض من سباب وشتائم، والبحث عن أمور تسلّيه بقية ليله في ظل غياب الاشتراك أيضاً، بعدما ارتفعت أسعاره بشكل جنوني بسبب ارتفاع أسعار المازوت.
حياة بديلة تحت جنح الظلام بدأ المواطنون يعتادونها. تذكّرهم بأيام الحروب. دعائمها أدوات وسلع وجدت لأمور أخرى، وتبدلت وجهة استعمالها تبعاً للتطور الذي ساد بلدان العالم لجهة إمداد البيوت بالكهرباء. أساسيات السهرة هي: شمعة، راديو صغير transistor، وكيس من المكسرات أو شيء مشابه. في بدايته صنع الشمع للإنارة، أما الآن وفي الدول المحترمة ــــ وما أكثرها ــــ قياساً بلبنان، فإن الشمع يستعمل في كعكة عيد الميلاد، والعشاء الرومنسي أو الشعائر الدينية. أما اللبناني، فيحتاج إلى شمعة تنير درب تنقلاته في المنزل، أو لتعين ابنه على الدراسة للامتحانات الرسمية. الراديو الصغير هو الآخر اختُرع من أجل المخيمات الكشفية، التي يمثّل غياب الكهرباء عنها أمراً طبيعياً، فإذا به يتحول في لبنان إلى أداة اساسية في البيوت. التفت أصحاب الدكاكين إلى الشكل الجديد الذي اتخذه الشمع بعد ارتفاع الطلب عليه. تجار الشمع «طمّاعون». منهم من قصّر من طول الشمعة، ومنهم من قلل عدد الشمع في الكيس، ومنهم من أخضعه لـ»نظام تنحيف» يذيبه بسرعة، وطرق أخرى لم تغيّر من نسبة الطلب، لأن الأصيل ما زال غير متوافر كما يلزم..