نادر فوزهدأت في الجبل، فوضع رئيس تيار التوحيد اللبناني، وئام وهّاب، جهاز اللاسلكي جانباً وقرّر الجلوس مع العائلة لوقت قصير، تمهيداً لورشة سياسية جديدة في الشوف ومناطق أخرى، تبدأ مع نهاية الأسبوع. «غاب عن السمع» بضعة أيام خارج لبنان، ثم عاد إلى قواعده.
قبل الحديث عن قراءة وهّاب لما حصل، يجب التوقف عند حوادث ما بعد 7 أيار الجاري، عبر تسجيل عدد من الملاحظات التي وضعت وهّاب جانباً لحساب زعامتي آل معروف التاريخيّتين.
أولاًَ، عدم اعتماد المعارضة ــــ أو حزب الله تحديداً ــــ وجهة الحسم العسكري في الجبل، واكتفاؤها بتوجيه «رسائل أمنية»، كانت كفيلة بإقناع النائب وليد جنبلاط بالمثابرة في نهجه اللاعنفي.
ثانياً، تسليم جنبلاط الجبل لطلال أرسلان، في محاولة لإقصاء وهّاب عن الساحتين الدرزية والسياسية.
ثالثاً، اتّفاق الدوحة الذي مهّد لاتّفاق سياسي بين المعارضة والموالاة، مما يضطر وهّاب في المستقبل إلى متابعة مواجهته السياسية مع جنبلاط بمفرده.
يؤكد وهّاب أنّ تسليم جنبلاط الجبل لأرسلان لم يفاجئ أحداً، وأنه ليس في استطاعته هو تخطّي الزعامتين وترابط مصالحهما. إلا أنّ المفاجأة هي في «الانهيار السياسي المفاجئ لوليد وتسليم معظم مناطقه دون إطلاق رصاصة، بعدما وصلته الرسالة وأيقن أنّ المعركة انتقلت إلى منزله». ويعرض وهّاب السيناريوات التي كانت محتملة في حينه لاستسلام جنبلاط: العودة إلى السوريين، و«هو أمر مستحيل»، التسليم للمقاومة، التسليم للتوحيد، وأخيراً الطريقة الأسهل للخروج من المأزق بواسطة الحزب الديموقراطي اللبناني «حبل النجاة».
ورغم سروره «لسقوط جنبلاط في عرينه»، واعتباره أن«تسليمه لأرسلان هو إذلال له»، يضع وهّاب بعض الملاحظات على أداء المعارضة في معركة الجبل، أهمها: أنه لم يجر إبراز خسارة مشروع جنبلاط «ولا علاقة للطائفة الدرزية بهذا المشروع، وسقوطه لا يعني سقوط الطائفة». وأنه كان أفضل لو شارك الحزب الديموقراطي اللبناني بفعالية أكبر في المعارك، وأهمّها الشويفات «التي تعدّ من أهم مناطق أرسلان».
لا شكّ في أنّ الصيغة التي انتهت بها العمليات العسكرية في الجبل أزعجت وهّاب، إلا أنه يشدّد على أنّ تقارب الإقطاع الدرزي لن يستطيع فرض سيطرته طويلاً، فقد «يستطيعان (جنبلاط وأرسلان) اليوم تقرير مصير الجبل، ولكن على المدى البعيد هما الخاسران». ويشير وهّاب إلى أنّ تياره سيربح كل معارضي الإقطاع والمتضرّرين منه، لافتاً إلى أن«وليد اليوم مهدّد بخسارة جمهوره، فهو عاجز عن تنفيذ الوعود التي قطعها لأهل الجبل». ومصرّاً على مواصلة «المعركة ضد الإقطاع»، يشدّد وهّاب على أنّ عنوان المرحلة المقبلة سيكون القضايا الاجتماعية والاقتصادية، إضافةً إلى الإصلاح ومحاربة الفساد، التي ستستمرّ قوى المعارضة في رفعها حتى تحقيقها وبناء الدولة.
يكمل الوزير السابق عرض نظرته التفاؤلية، ويقول إنّ القانون الانتخابي الذي أعدّ سيسهم في انتزاع المعارضة مقعدين درزييّن، في قضاءي بعبدا ومرجعيون ــــ حاصبيا. فيما يتوقّع أن تجري معركة انتخابية جدّية على مقعد قضاء راشيا. أما عاليه، فالمسألة فيها لأرسلان، بحسب وهّاب، وإلا فالموضوع محسوم، كما هو في الشوف «حيث لا مجال لأي حسابات انتخابية بفضل إخواننا السنّة».