عون يضع «الأمانة» بين يديه و«14 آذار» ترشّح الحريري لرئاسة الحكومةفي موازاة التحضيرات الجارية في قصر بعبدا لاستقبال العماد ميشال سليمان بعد أقل من 72ساعة رئيساً للجمهوريّة، تكثفّت الاستعدادات لجلسة الانتخاب التي ستشهد حضوراً عربياً ودوليّاً لافتاً لتأكيد دعم العهد الجديد
قبل تربّعه على سدة الرئاسة الأولى، انهالت اتصالات التهنئة على رئيس الجمهورية العتيد، قائد الجيش العماد ميشال سليمان، الذي يعكف على إعداد خطاب القسم الذي سيلقيه عقب انتخابه وأدائه اليمين الدستورية أمام المجلس النيابي بعد غد الأحد بحضور عدد من المسؤولين العرب والأجانب، فيما صدرت أولى الإشارات لهوية رئيس الحكومة المقبلة من رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل الذي أعلن أن قوى «14 آذار» تدعم تولي رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري الرئاسة الثالثة.
وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري قد قرّب موعد الجلسة العشرين لانتخاب رئيس الجمهورية من يوم الثلاثاء في العاشر من حزيران المقبل إلى الساعة الخامسة من عصر الأحد. وتحضيراً للجلسة عقد الأمين العام للمجلس عدنان ضاهر سلسلة اجتماعات مع مسؤولي التشريفات والبروتوكول، كما عقد اجتماعاً أمنياً مع مسؤولي الأمن في المجلس النيابي لوضع اللمسات النهائية على الترتيبات اللازمة.
وعلم أن من بين المدعوين العرب والأجانب المؤكد حضورهم جلسة الانتخاب أمير قطر الشيخ حمد بن جاسم بن خليفة، رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني، رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، وزير خارجية إيطاليا فرانكو فراتيني، ممثل الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا ووزير خارجية إسبانيا ميغيل أنخيل موراتينوس، فضلاً عن وزراء الخارجية العرب الثمانية أعضاء لجنة الوساطة العربية والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.
وستلقى خلال الجلسة كلمات للأمير حمد والرئيس بري، إضافة إلى خطاب سليمان.
وأعلن فراتيني أنه سيقابل رئيس الجمهورية اللبناني الجديد لتقديم شهادة بوقوف إيطاليا إلى جانب لبنان، وأردف: «نحن في لبنان نقوم بجهد يتسم بأهمية بالغة» في إشارة إلى المشاركة في مهمة «اليونيفيل»، لافتاً إلى أن روما تقود «مهمة عسكرية تحظى بتقدير الجميع وبعمل دبلوماسي رئيسي».
وشدد فراتيني على أنه «في أعقاب تبلور الأسس الدستورية في لبنان وتشكيل حكومة وحدة وطنية سيكون بالإمكان طلب نزع سلاح «حزب الله» والعمل على تنفيذه في أسرع وقت ممكن».
وسارعت قوى وشخصيات سياسية إلى تهنئة سليمان وإعلانها دعم عهده، وبرز في هذا الإطار اتصال رئيس «تكتل التغيير والإصلاح»، النائب العماد ميشال عون، بقائد الجيش مهنئاً، وقال له: «إن الأمانة أصبحت بين يديك».
وأعلن وزير السياحة جو سركيس أن نوّاب «القوات اللبنانية» سينتخبون سليمان وسيدعمون العهد، وأكد أن حضور «القوات» في الحكومة المقبلة سيكون جدياً، ورأى أنها يجب أن تتمثّل بما بين حقيبتين وخمس حقائب وزارية، مشيراً إلى أن حقائب التيار الوطني الحر ستكون من حصة المعارضة.
وقد بدأ بالفعل في الكواليس السياسية التحضير للمرحلة الحكومية المقبلة، رئاسة وتشكيلة، ولفت على هذا الصعيد إعلان الرئيس الجميّل بعد لقائه القائمة بالأعمال الأميركية ميشال سيسون دعم «قوى 14 آذار» تولي النائب الحريري رئاسة الحكومة، فيما بدأت التسريبات عن تقاسم القوى السياسية للوزارات السيادية الأربع: الداخلية، الخارجية، الدفاع والعدل من دون حسم هذا الأمر. إلّا أن النائب سمير الجسر توقع خلال لقائه اللجنة المنبثقة من لقاء الفاعليات والشخصيات الطرابلسية، توزيع هذه الوزارات على الطوائف الأربع الكبرى، مشيراً إلى «أن المهم في اتفاق الدوحة هو تكريس عدم التعرض لاتفاق الطائف».

رئيس المجلس يشكر متكيبدوره أجرى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، اتصالاً هاتفياً بالملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، رأى خلاله أن الاتفاق «أثبت بما لا يقبل الشك، أن مظلة لبنان لا يمكن إلا أن تكون عربية. كما أن الدول العربية، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية ومصر، الدولتان العربيتان اللتان كانتا صاحبتي الدعوة إلى اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الأخير، وتحرصان على الدفع في اتجاه حل الأزمة اللبنانية عبر غطاء ورعاية عربية، كانت الأساس في دعم المساعي الحميدة لدولة قطر في تولي مهمة الوساطة، وهي التي أسهمت عبر رئيس وزرائها الشيخ حمد بن جاسم بن جبر وبرعاية وتوجيهات كريمة من أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في نجاح مؤتمر الحوار الوطني».
كما نوه بدور الجامعة العربية وأمينها العام عمرو موسى.
من جهته، أكد الملك عبد الله للرئيس السنيورة دعمه وسروره «لإنجاز هذا الاتفاق الذي يخدم لبنان ومصالحه الوطنية في هذا الظرف»، مشدداً على أن السعودية «كانت وما زالت مع لبنان، وهي مستمرة في دعمه ودعم الجامعة العربية في رعايتها للحوار الوطني المقبل برئاسة الرئيس الجديد المقبل للجمهورية، العماد ميشال سليمان».
كما أجرى السنيورة اتصالات مماثلة بعدد من المسؤولين العرب، وتلقى سلسلة اتصالات، أحدها من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس،
وقد تركزت الأحاديث على «تأكيد تهنئة لبنان بالاتفاق وبدعمه والعودة إلى انتظام عمل المؤسسات الدستورية انطلاقاً من انتخاب رئيس الجمهورية الجديد وتأكيد أهمية ما ورد في اتفاق الدوحة، ولا سيما ما يتعلق بسيادة الدولة على كل أراضيها».
والتقى السنيورة السفير السعودي عبد العزيز خوجة الذي بارك «لجميع اللبنانيين ما تم من اتفاق»، آملاً «أن تكون بداية ممتازة وجيدة، وأن يستمر هذا الأمر إلى الأبد، وأن يعود لبنان، مرة أخرى، إلى ازدهاره وقوته ووحدته، ونموذجاً ومثالاً جميلاً للتعددية والثقافة والحرية الحقيقية والديموقراطية التي كنا نفخر بها». وقال: «نحن نتوق جداً إلى أن يعود لبنان إلى ما كان، وأن يكون الصيف المقبل مزدهراً وحيوياً ويعود إليه جميع المصطافين العرب والأجانب، ونرى المناطق السياحية والاصطياف مزدهرة».
وأكد أن التنسيق كامل بين قطر والسعودية، وقال: «نحن لسنا في صدد صراع، المهم أن يتم العمل سواء في الدوحة أو في الرياض أو في القاهرة أو في الرباط أو في أي مكان آخر، والحمد لله، لقد أثبت العمل العربي أنه مهم جداً، كما أثبت نجاحه».
واتصل رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية بالرئيسين بري والسنيورة ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد مهنئاً باسمه وباسم الشعب الفلسطيني بالاتفاق الذي أُنجز في الدوحة، وأفاد بيان للعلاقات الإعلامية في حزب الله بأن هنية قال خلال اتصاله برعد «إن التماسك اللبناني يعزز موقف الصمود والممانعة في وجه الأخطار العدوانية والصهيونية على وجه الخصوص». وأبدى تفاؤلاً بالتوصل إلى اتفاق مماثل على المستوى الفلسطيني، مؤكداً «عدم التفريط بالثوابت القومية في مواجهة الاحتلال».
حرب سيضع ورقة بيضاء
من ناحيته، أجرى السفير الإيراني محمد رضا شيباني اتصالاً بالرئيس الجميل جرى خلاله تقويم ما تم في الدوحة، وتمنى شيباني «النجاح للبنانيين في تطبيق الاتفاق، وخصوصا أن إيران تحرص على مصلحة لبنان العليا».
كذلك أطلع شيباني المرجع السيد محمد حسين فضل الله على «الدور الذي قامت به إيران لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء اللبنانيين وتنسيقها مع عدد من الدول العربية والإسلامية، في سبيل تحقيق تسهيل التوصل إلى اتفاق من خلال الحوار الذي أدارته قطر».
كما اتصل شيباني بالنائب بطرس حرب الذي رأى «أن المتضرر من اتفاق الدوحة هو من لا يريد استقرار لبنان وعودة الازدهار إليه». وأشاد بأخلاق العماد سليمان، لكنه لفت إلى «عدم جواز انتخاب العماد سليمان من دون تعديل الدستور»، معلناً أنه لن ينتخب سليمان، وسيضع ورقة بيضاء، وأجرى اتصالاً به لوضعه في أجواء الدوحة والنقاشات التي حدثت خلال مؤتمر الحوار، وتمنى له التوفيق.

اتفاق الدوحة سلّة متكاملة

وفي المواقف من الاتفاق، أكد النائب الحريري «أننا مرتاحون لما توصل إليه اتفاق الدوحة، لأن الوضع كان خطيراً جداً، والاتفاق كان ضرورة لتخطي كل المشاكل»، مشيراً إلى أن اتفاق الدوحة سلة متكاملة، ودعا «إلى فتح صفحة جديدة لتناسي الجرح العميق الذي سببته الأحداث الأخيرة».
ورأى الرئيس رشيد الصلح أن الاتفاق نصر كبير للبنان «وفاتحة خير بخروج اللبنانيين من أسر أزمة طالت»، داعياً إلى ترجمة سريعة لمفاعيله «عبر طي صفحة الماضي وتجاوز الجراح المثخنة التي حلت بالوطن، وإلى عودة العلاقات الأخوية بين مكونات المجتمع اللبناني كافة». وأعرب عن ارتياحه لانتخاب العماد سيلمان رئيساً للجمهورية.
وهنأ رئيس الكتلة الشعبية، النائب إلياس سكاف، البلد «بتوصُّل مؤتمر الحوار الوطني إلى خواتم سعيدة لطالما تمناها الشعب اللبناني، بحيث أتت نتائجه لتجعل من لبنان الرابح الأول».
وشددت لجنة المتابعة لأحزاب وقوى وشخصيات المعارضة على «أن يكون ما جرى عبرة لكل الذين سلكوا طريق الاستقواء بالأجنبي من أجل محاولة فرض حكم تسلطي استئثاري، أكدت التجارب والأحداث الأخيرة أنه لا يمكن أن يعيش في لبنان، وأن البديل الصالح هو المشاركة الحقيقية بين اللبنانيين».

أكبر عمليّة تزوير في التاريخلكن حدادة وصف ما جرى حول قانون الانتخاب بأنه «أكبر عملية تزوير انتخابي في تاريخ البشرية، حيث يمكننا منذ الآن، وقبل سنة من الانتخابات المقبلة معرفة نسب النتائج وأسماء النواب وانتماءاتهم بسبب هذا القانون الذي يعيد إنتاج حالة الاستقطاب المذهبية والطائفية والمناطقية الحادة، ليس في بيروت فقط، بل في كل المناطق اللبنانية»، مؤكداً تمسك الحزب بالقانون النسبي والدائرة الواحدة خارج القيد الطائفي «كقاعدة للوحدة الوطنية الحقيقية وكمدخل لبناء الوطن على حساب الإمارات والكانتونات والمزارع». وأعلن التحضير لمؤتمر لرفض القانون المقترح والتحرك بالأشكال الديموقراطية المختلفة من أجل إسقاطه.
ورأى مطران الأرمن كيغام خاتشاريان بعد زيارته مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني على رأس وفد أن «اتفاق الدوحة كان مناسبة مفرحة للغاية لناحية انبعاث الأمل في نفوس اللبنانيين، حيث شعر معه اللبنانيون بالانفراج».
ورأى مفتي طرابلس والشمال، الشيخ الدكتور مالك الشعار، أن الاتفاق «أنهى حال الاحتقان السياسي، ووضع حداً لهذه الأزمة المستعصية التي أنهكت البلاد والعباد. وأسهم في وأد الفتنة التي كادت تعصف بالوطن والمواطنين». وحيا أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني «على رعايته، وحرصه على إنجاز هذا الاتفاق. وشكر رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم على «جهوده القيّمة والمثمرة التي تكللت بالنجاح».
وشددت «جبهة العمل الإسلامي» على ضرورة «وحدة اللبنانيين ووحدة صفهم لمواجهة الأخطار المحدقة بالوطن»، ودعت وسائل الإعلام إلى «لعب الدور البنّاء الجامع لتجنيب البلاد أي صراع مسلح أو اقتتال داخلي يهدف إلى زرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد».
وأمل رئيس «هيئة علماء جبل عامل» الشيخ عفيف النابلسي بعد زيارته شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نصر الدين الغريب في منزله في كفرمتى، أن يفتح الاتفاق «مناخاً جديداً من العلاقات الإيجابية والسليمة بين اللبنانيين، تقوم على الشراكة والتعاون». وأكد «وحدة المسلمين، سنة وشيعة ودروزاً، ووحدة اللبنانيين واجتماعهم على الثوابت الوطنية وعلى دعم المقاومة».
بدوره نوه الشيخ الغريب باتفاق الدوحة وأكد «أن المقاومة لا تطلب منا شيئاً، إنما هي تحمل السلاح للدفاع عن لبنان في وجه عدو شرس شوكة في قلوب العرب وفي عيونهم».
ورأت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــــ القيادة العامة في الاتفاق «فرصة حقيقية من أجل مطالبة الجامعة العربية والمجلس الوزاري العربي من أجل العمل الفوري على إنهاء حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية من خلال دعوة الفصائل إلى طاولة حوار في ما بينها وبرعاية عربية مباشرة».
وفي موازاة التحضير للعهد الجديد، دعا نقيب المحررين، نائب رئيس اتحاد الصحافيين العرب، ملحم كرم، الإعلاميين «إلى مواكبة المرحلة الجديدة التي سيلجها الوطن بروح إيجابية تطغى فيها إرادة التعاون من أجل مساعدة لبنان على عبور المحنة التي عصفت به، وتوظيف أقلامهم وإطلالاتهم للتسويق الباني لمقررات اجتماع الدوحة، والابتعاد عما يثير البلبلة والفرقة».
بدوره، دعا عضو المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع، غالب قنديل إلى «اعتماد خطاب جديد يواكب التسوية الوطنية من خلال تعميم لغة الحوار والتواصل بين اللبنانيين وتكريس ثقافة الوحدة الوطنية واحترام الاختلاف بتعبيرات هادئة وموضوعية وبمفردات الجمع والحوار».
إلى ذلك، أملت دار الفتوى من كل الأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة التحقق من صفة الأشخاص الدينية الذين يتكلمون باسم علماء الدين السنَّة قبل استضافتهم، وذلك بمراجعة دار الفتوى ـــــ مدير الشؤون الدينية الشيخ أمين الكردي.