أعدت رئيسة وحدة المناهج في المركز التربوي للبحوث والإنماء، الدكتورة منى حسن دياب، دراسة عن «رسوم الأطفال في زمن الحرب»، سعت من خلالها إلى استخراج القوانين التي حكمت الأطفال في إنتاجهم لهذه الصور وعلاقتها بظروف الحرب، ومدى تأثير هذه الظروف على نوعية تفكيرهم ووعيهم الواقع والتغيرات النفسية والبنيوية المستجدة عليهم من جرائها.تنطلق الدراسة من مبدأ «أنّ الطفل يكتب برسومه ما يخجل عن قوله الراشدون»، وتبيّن أنّ عالم الطفل اللبناني يحتوي على الكثير من الخيال والتناقضات، وهو نموذج هش وفريد، باعتبار أنّ الإحصاءات التي أجرتها دياب أظهرت التغيير السريع الذي يصل إلى درجة الإلغاء للوطن واستبداله بالوطن الملجأ.
ومن الاستنتاجات التي توصلت إليها الدراسة أنّ ذاكرة الطفل اللبناني، وإن بدت في تمظهرها الأساسي تبحث عن الحاجات الأساسية: الأمن، الاستقرار، إلا أنّها في بحث دائم عن المستوى الإنساني لجوانب العلاقات الطبيعية والواقعية والمنطقية، التي يبني الطفل من خلالها البعد العلائقي الاجتماعي، لأنّ بنية الطفل الذهنية لا يمكن فصلها عن بنيته الاجتماعية والبيئية، وإلا تكونت لديه حالة مرضية أقرب إلى الفصام.
وخلصت الدراسة إلى تصور عام للطفل اللبناني المرتبط ارتباطاً وثيقاً وجاداً بالأنا والآخر وفق أصول منطقية ألغت معاني لم يكن لها أساس بنيوي قوي (الوطن) بعملية تبادلية جدلية، بينما هو مرفوض (الحرب)، وما هو آمن (وطن اللجوء). ولاحظت دياب أنّ أكثر المقبلين على الرسم هم من فئة العمر من 10 إلى 14 سنة مع العلم بأنّ القاعدة تفترض أن يكون المقبلون على الرسم هم الأصغر سناً. وهنا تستنتج دياب أنّ أطفال لبنان هم أطفال كبار تعدوا يفاعة السن. أما من هم من فئة العمر الأقل من 10 إلى 14 سنة فهم بحالة طفولية مشتتة وحادة لم تسمح لهم بالتعبير عن مشاعرهم حتى بالرسم.
يذكر أنّ الدراسة نشرت في المجلة التربوية التي يصدرها المركز التربوي للبحوث والإنماء.