strong>سعيد يحمل مسدساً على وسطه باستمرار. شهره يوماً «على سبيل الممازحة» في عائشة بكّار، فانطلقت منه رصاصة اخترقت جسد عصام. وضع القضاء يده على الحادث وصدرت عنه أول من أمس مضبطة اتهام بحقّ سعيد. تثير هذه الحادثة مشكلة انتشار السلاح الفردي بين الشباب، هل ستبحث الحكومة المقبلة عن حلول لهذه المشكلة؟
كان عصام ح. يجلس على قاعدة أحد أعمدة الكهرباء بالقرب من منزله الكائن في زاروب حمود ضمن منطقة عائشة بكار، ويقف إلى جانبه مازن ومحمد بعد ظهر يوم الخامس من آذار الماضي. حضر سعيد س. على متن دراجته النارية، وضع محمد يده على كتف سعيد ممازحاً، فما كان من هذا الأخير إلا أن شهر مسدساً عن وسطه وقام «برفع الديك» ووضع فوهة المسدس على رقبة محمد ك، فتدخل عصام ونهر سعيد وطلب منه رفع المسدس عن رقبة محمد كونه «ولداً»، عند ذلك استدار سعيد ووجه مسدسه الملقّم والمذخّر نحو عصام الذي مدّ يده وأنزل المسدس نحو الأسفل، فسحب سعيد المسدس مجدداً نحو الخلف ووجهه نحوه من جديد، لكنه حاول أخذه منه فأطلق سعيد طلقاً نارياً أصاب عصام في صدره، على أثر ذلك صرخ عصام: «قوّصتني»! فوضع سعيد يده على وجهه وأخذ بالصراخ وتوارى عن الأنظار.
بعد دقائق ورد اتصال هاتفي من غرفة عمليات شرطة بيروت إلى مركز فصيلة المصيطبة، مفاده حادث إطلاق نار في محلة عائشة بكار أصيب خلاله عصام م. بطلق ناري نقل على أثره إلى مستشفى الجامعة الأميركية للمعالجة، وأن مطلق النار هو سعيد س. الذي فرّ إلى جهة مجهولة.
نُقل المصاب إلى قسم الطوارئ، وأجريت له العلاجات الضرورية وأدخل إلى قسم العناية الفائقة، الطلق الناري كان قد اخترق صدره الأيمن من الأمام وخرج من الظهر تحت كوع الكتف الأيمن، واتجاهه كان من الأعلى إلى الأسفل بحسب تقرير الطبيب الشرعي الدكتور سامي قواس.
أمر النائب العام الاستئنافي في بيروت بتوقيف سعيد، لكن الضابطة العدلية لم تتمكّن من القبض عليه إلا بعد مداهمات متكرّرة للأمكنة التي يحتمل وجوده فيها. وبعد أكثر من شهر على وقوع الحادث، أوقف سعيد س، ولدى تفتيشه عُثر بحوزته على سكين ممنوعة بشكل حربة، فتم ضبطها.

سلاح للممازحة

قال سعيد للشرطة أثناء التحقيق معه إنه فقد مسدسه أثناء فراره، ومحفظته التي تحتوي على رخصة حمل المسدس المستعمل. لكن القضاء رأى أن المسدس الذي كان بحوزة سعيد لم يكن مرخّصاً. وتبيّن للمحققين أن سعيد الذي أفاد بأنه يمازح بمسدسه، هو من أصحاب السوابق في شهر المسدس بوجه الناس وتهديدهم بواسطته، وأنه بتاريخ 23/2/2008، وبينما كان سعيد أ. يقف أمام زاروب حمود، مرّ سعيد س. من أمامه على دراجته النارية، وبعد أن شهر مسدسه عن وسطه ووجهه نحوه قال لسعيد أ. «انقبر وليه طلاع على بيتك»، فخاف سعيد وتوجه إلى فصيلة المصيطبة واتخذ صفة الادعاء الشخصي بحق سعيد س. ثم عاد في اليوم ذاته وأسقط حقوقه الشخصية عنه.
وعندما سأل المحقّق سعيد س. عن رواية تهديده لسعيد أ. نكرها. لكنه أفاد بأنه بعد أن رأى هذا الأخير «يضحك عليه» مع شخص سوري، وضع يده على مسدسه دون أن يشهره وقال له «ولاه طلاع على البيت». أما في ما يخصّ إصابة عصام ح. فأنكر سعيد س. أمام المحققين إقدامه على محاولة قتله، وأفاد بأن عصام رغب في مشاهدة المسدس الذي كان يحمله، فسحبه من وسطه، وبينما كان المسدس ما يزال في يده أقدم عصام على «تنتيشه»، فصرخ بوجهه «عصام الطلقة صارت ببيت النار»، وعلى الأثر أمسك عصام بيده ولم يستطع ترك المسدس فانطلق الطلق الناري منه وأصاب عصام.
لكن الشاهد محمد ك. أكّد للشرطة أن سعيد أقدم أولاً على شهر مسدسه وصوّبه نحو رأسه، فأبعده بيده قائلاً «لا تمزح معي هيك»، عندها تدخل عصام ح. وقال للمدعى عليه، بحسب محمد «ما تمزح بهذه الطريقة، كل ساعة بتسحب فردك وبتوجهه نحو الناس».

لم يتوقع النتيجة الجرمية؟

قرّرت الهيئة الاتهامية في بيروت في 22/5/2008 المؤلفة من الرئيسة سهير الحركة والمستشارين غادة عون وعماد قبلان، اتهام المدعى عليه سعيد، حيث إن فعل المدعى عليه الموصوف أعلاه يمثّل الجناية المنصوص عنها في المادة 547/201 عقوبات معطوفة على المادة 189 منه، بالنظر لأنه كان يتوجب على المدعى عليه المذكور توقع النتيجة الجرمية بنتيجة شهره المسدس والتهديد به، وهو على الرغم من ذلك قبل بالمخاطرة، فيكون عنصر القصد الاحتمالي متحققاً بوجهه، وصدرت مذكرة إلقاء قبض بحقه وسيق إلى محل التوقيف الكائن لدى محكمة الجنايات في بيروت ليحاكم أمامها بما اتُّهم به. وبانتظار جلسات المحاكمة، قرّر القضاء إخلاء سبيل سعيد س. لقاء كفالة مالية ضامنة مقدارها مليون ليرة لبنانية.
(الأخبار)