الخيام ـ آمال خليليقول أحد آباء الأسرى الذي «لم ولن يمكث (ابنه) أكثر من سنتين» أسيراً في فلسطين المحتلة، إن المقاومة «لا تسمح لنا بأن نحلم لأنها الحقيقة الأسطع. ولأنها كذلك، ترانا (طمّاعين) إلى الحرية المستعجلة التي تستطيع هذه المقاومة القوية فرضها على العدو كما تريد، لكننا لم نتعايش بعد مع الأسر الأصعب من الاستشهاد في زمن القوة هذا. وفيما الأقوياء يفاوضون لأجل أبنائنا لا نملك نحن المقتولين بشوقنا إلا الحلم بعودتهم القريبة» التي يبرّرونها بنضج الظروف المحيطة لدى المقاومة والعدو على السواء لإتمام صفقة التبادل، ويضفون عليها الكثير من ملح وبهار التحليلات السياسية التي تحتّم النتيجة التي يتمنّونها.
الحالمون الجدد اجتمعوا أمس، في أشنع الكوابيس التي أيقظتها المقاومة ذاتها التي يحلمون منذ سنتين بموازاة مفاوضاتها، في معتقل الخيام، إحياءً للعيد الثامن لاقتحامه وتحرير أسراه. البريق في عيون أمهات الأسرى مختلف هذه المرة، يعكس ما يشبه تحقيق حلم. أبناؤهنّ هناك وراء السهول أو ربما يحلّقون فوقهن الآن على شكل بجع أبيض لم يغادر سماء المعتقل طوال مدة الاحتفال وهنّ يحملن صورهم ويطلقن الحمام وبالونات ملوّنة نفخت بالهواء والأماني لعلّها تصل إليهم. إذاً إنه البجع الأبيض الذي يشاركهن للمرة الأولى تجمّعاً، هي الرؤيا التي ستتحقق «قريباً جداً جداً جداً» هذه المرة بحق.
مسؤول منطقة الجنوب في حزب الله الشيخ نبيل قاووق الذي استقبل عوائل الأسرى، وقف بالمرصاد للأحلام وقطعها بالحقيقة الدامغة أنه «بالرغم من كل التطورات الداخلية، فإن حزب الله يؤكد أن قضية الأسرى والمعتقلين على رأس أولويات المقاومة، فلا يمكن لأي استحقاق داخلي وحوادث داخلية وسجالات وانقسامات وخلافات أن تبعد المقاومة عن أولوياتها في تحرير الأسرى ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وفي الدفاع عن الوطن بوجه كل الاعتداءات الإسرائيلية، لأن سلاح المقاومة وقوتها هما الضمانة الأكيدة والوحيدة لعودة المعتقلين، ولضمان سيادة الوطن وحمايته. ونؤكد اليوم أن سلاح المقاومة هو الضمانة الأكيدة لعودة الأسرى وضمان سيادة الوطن، وهو أقصر الطرق لعودة سمير القنطار وإخوانه من خلال معادلة المقاومة». وقال: «نحن كمقاومة نؤكد التزامنا انتزاع حرية ما بقي من أرض، لأنها لن تعود بالدبلوماسية ولا بمنّة من بوش، وإنما بمعادلة المقاومة التي تلزم العدو الانسحاب من دون تحقيق أية مكاسب، المقاومة في ساحة المواجهة للدفاع عن كل الوطن وانتصاراتها لكل لبنان. واليوم ثقتنا أكبر بكثير بأن المستقبل القريب هو لعودة الأسرى. فالتفاوض مستمر ولم يتوقف من أجل تقريب موعده»، مشيراً إلى «أننا وفي يوم الأسير اللبناني، كمقاومة وكلبنان، نفتقد مؤسس الانتصار وإمام المقاومة سماحة الإمام المغيّب السيد موسى الصدر».
وختم مؤكداً أن «المقاومة لا تزال في ساحة المواجهة للدفاع عن كل الوطن وعن كل المناطق و المذاهب، فهي وانتصاراتها لكل لبنان، وأنه لم يعد أمام أميركا وإسرائيل إلا أن يعلنا يأسهما من إمكان استهداف المقاومة في الداخل، فقد حمت ظهرها وباتت أقدر على إكمال الدرب لانتزاع حرية الأرض في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا ودون منّة من أحد». وسلّم الشيخ قاووق دروعاً تقديرية للأسيرين المحررين ماهر حمدان وأيمن الأيس.
وألقى الشيخ عبد الكريم عبيد كلمة تمنّى فيها «الحرية لجميع الأسرى والمعتقلين»، مثنياً على «النصر الذي حققه لبنان ومقاومته في الاتفاق الذي وقّعه القادة السياسيون في الدوحة، كما كان انتصار عام 2000 و2006».
الاحتفال الذي نظّمته الجمعية اللبنانية للأسرى المحررين جمع إلى ذوي الأسرى عدداً كبيراً من الأسرى المحررين الذين حمل تاريخ الأمس فجرهم الجديد، بالإضافة إلى عدد من جرحى المقاومة. وتحدث باسم عوائل الأسرى حسن كوراني، والد الأسير ماهر، الذي «حيّا المجاهدين والشهداء والأسرى الصابرين في السجون الإسرائيلية»، معاهداً الأمين العام لـ«حزب الله» «على مواصلة الجهاد ونهج المقاومة مهما غلت التضحيات».
(شارك في التغطية عساف أبو رحال)