انتقلت مباراة المشاريع العلمية هذا العام إلى صور لتستثير الطاقات الإبداعية و«الاختراعية» لدى طلاب المدارس. وقد تجاوب 20 في المئة من مديري المدارس مع فكرة المباراة، التي تتنظر منذ عام 2004 الدعم وتطوير طموح «المخترعين» الشباب
صور ــ آمال خليل

لم تجد عشرات المشاريع العلمية السبّاقة التي قدّمها طلاب مدارس في منطقتي صور والنبطية، في إطار مباراة المشاريع العلمية السنوية منذ عام 2004، طريقها إلى التنفيذ أو التطوير، ولم يجد أصحابها الشباب يداً تفتح لهم باب الدعم من الهيئات الرسمية المعنية. هكذا ارتمى المصممون الشباب في دوامة اليأس حتى اختار بعضهم الهجرة إلى أوطان أخرى تقدّر إبداعهم في ظل غياب أي دور لوزارة التربية والتعليم العالي، أو لأي جهة رسمية أخرى ترعى المخترعين الجدد وتحثّهم على تقديم المزيد.
يقول مطلق مباراة المشاريع العلمية رضوان شعيب إنها «مسؤولية وزارة التربية في احتضان هذه الأدمغة الشابة التي هي في عمر المراهقة، والتي ابتكرت مشاريع واختراعات من لا شيء وبجهد فردي بحت، فكيف إذا نضجت تجربتها مع التحصيل العلمي والدعم المادي والمعنوي». وأكد شعيب «أنّه ليس بمقدور اللجنة المنظمة المؤلفة من مجموعة أساتذة المواد العلمية في المرحلتين الثانوية والمتوسطة في بعض المدارس أن تواصل دعم أصحاب المشاريع إلى مراحل متقدمة، بعد أن لجأت إلى المباراة لنشر مبادئ الطريقة العلمية في التفكير والتقصي والبحث والتطبيق والإبداع وتطبيقاتها».
لكن الدعم الأقصى الذي حظيت به المجموعة المنظمة هو دعم من اتحاد بلديات الشقيف الذي شارك في تنظيم المباراة سنوياً منذ عام 2004، وتقديم الجوائز للفائزين بأفضل المشاريع على شكل منح تعليمية، واتحاد بلديات قضاء صور الذي استدعى هذا العام المجموعة لنقل تجربتها إلى مدارس صور، حيث شاركت 23 مدرسة معظمها من القطاع الرسمي. والمفارقة أنّ «المخترعين» الجدد المشاركين لم يكترثوا لمصير مشاريعهم، ولم يسألوا عما آل إليه سابقوهم الذين تعبوا في تصميم مشاريعهم والتحضير لها وتكبّد تكاليفها، بل اهتموا في إبراز ما لديهم كأنهم يكتفون بالتنويه والتشجيع ليس إلا. وقد امتثل الطلاب إلى تعليمات اللجنة بإعداد مشاريع لاختيار الأفضل منها، وبأن يحدّدوا مشروعاً مفيداً على الصعيد الصحي أو البيئي أو الاقتصادي أو يوضح مفاهيم علمية.
وقد قدّم الطالب علي إسماعيل (18 عاماً) من ثانوية إمبيريال كولدج في الحوش مشروعاً لتوليد الكهرباء عبر الطاقة الهوائية، لإدراكه أنّ مصادر الطاقة بدأت تنضب بخلاف الهواء الذي لا ينتهي، ويمكن الاستفادة منه في توليد طاقة بديلة. حماسة المخترع الصغير لا تنحصر بالمروحة التي تولّد 12 فولت، وتشغّل الكهرباء في بيت، بل طموحه لا يكفيه أن يضيء شارعاً بأكمله، وبالطبع لا يكفيه أن يفوز بالمرتبة الثالثة عن فئة المشاريع التشغيلية.
في كلية الهندسة حيث ينوي أن يتخصص بعد سنة إثر تخرجه من المدرسة، سيبدع كما يقول، لكنه لا يضمن أن يستثمر إبداعه في هذا البلد.
زميلته آية نصر الله (17 عاماً) تميّزت في فئة المشاريع التشغيلية التي طغى عليها الطابع الذكوري، فاخترعت قطعة الكترونية تستخدم كمؤشر للحالات الطارئة والأرصاد الجوية والمطر والفيضانات، وأنجزت الأسلاك والقطع الكهربائية كلها بنفسها، بعد أن اطّلعت على التفاصيل التقنية عبر الإنترنت.
أما الطلاب المميزون الذين فازت مشاريعهم في الأعوام الماضية، منهم من دخل إلى الجامعات في لبنان حيث تابع تحصيله العلمي، ومنهم من غادر لإثبات قدراته وتحقيق طموحه في المهجر، لأنّ هذه المباراة وسواها برهنت لهم عن ضيق المساحة الإبداعية محلياً التي تسمح بتنفيذ هذه المشاريع الصغيرة، على الأقل ضمن فئات المشاريع التشغيلية كالاختراعات الكهربائية والميكانيكية المؤدية وظيفة مفيدة، والنماذج والمجسمات ووسائل الإيضاح العلمية والتعليمية والأبحاث العلمية والأفلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتصميم الفني والاتصالات اللاسلكية.