strong>تُرتَكب جرائم الشرف في العادة ضد فتيات «ألحقن العار بعائلاتهن»، ولا يزال القانون اللبناني يمنح القاتل أسباباً تخفيفية في هذه الحالات. لكن في قضية ظهرت في حكم قضائي، قتلت فتاة خطيبها «صوناً لشرفها»
قتلت ميساء خطيبها وليد بعد نحو 4 أشهر فقط على إعلان خطوبتهما. ظهر هذا الواقع في متن حكم أصدرته محكمة الجنايات في جبل لبنان، بعد نحو 7 سنوات و9 أشهر على الجريمة التي ارتُكِبَت في إحدى القرى الريفية يوم 22 آب 2000.
العلاقة بين الخطيبين، بحسب ما يظهره الحكم، بدأت عندما صار وليد يتردد إلى منزل ذوي ميساء وأعجب بها فطلب يدها للزواج. وافقت ميساء، وكذلك فعل أهلها، فأعلنت الخطوبة بينهما بشكل رسمي.
بعد ذلك صار وليد يتردد بشكل يومي إلى منزل ذوي خظيبته. واستمرت العلاقة جدية بين الخطيبين لنحو 4 أشهر، تخلّلتها جلسات طويلة بينهما بقصد ترتيب المنزل الزوجي. وكان وليد يحاول التقرّب من ميساء وملاطفتها وتقبيلها، فيما كانت تمنعه بحجة الشرف والأخلاق وسمعة العائلة. ورغم ذلك، بقيت العلاقة بينهما جيدة حتى يوم 22/8/2000، حيث حضر وليد كعادته إلى منزل ذوي خطيبته عند الثامنة مساءً. سلّم على أفراد عائلة خطيبته، وجلس على الشرفة معها ومع والدتها وابنتَيْ شقيقها المتوفّى. وبعدما اطمأن إلى صحتها وصحة العائلة، تحادث الخطيبان لبعض الوقت قبل أن تستأذن ميساء لتحضير الشراب، وخرجت تشربه مع الجميع. بعد قليل، سألها خطيبها ما إذا كانت مريضة لأن وجهها بدا شاحباً وأصفر اللون، فأجابته إنها بصحة جيدة، ودخلت إلى إحدى الغرف لتأتي ببندقية كلاشنيكوف، ثم أطلقت من مسافة نحو مترين 5 رصاصات باتجاه وليد كانت كافية لوضع حد نهائي لحياته، وبدأت تصرخ بأنها انتقمت لشرفها لأن خطيبها اعتدى عليها وفضّ بكارتها وأفقدها عذريتها.
على الفور، حضرت دورية من الشرطة مصطحبة طبيباً شرعياً للكشف على مسرح الجريمة. وأفاد الطبيب الشرعي أن الوفاة حصلت نتيجة إصابة القلب والرئتين بنزيف حاد وتمزق للشرايين ناتج من إطلاق النار. اقتيدت ميساء إلى مخفر المنطقة، حيث اعترفت خلال التحقيق معها أنها قتلت خطيبها بسبب تحرشه بها وتقبيلها ومحاولة ممارسة الجنس معها. وقالت إنها كانت ترفض هذه الأمور وتعتبر ذلك مسّاً بكرامتها وبشرفها ولا يتلاءم مع تقاليدها العائلية. وأضافت إن خطيبها طلب منها ممارسة بعض الأفعال الجنسية بحجة أن هذه الأمور طبيعية بين الخطيبين إلا أنها كانت ترفض، حتى هددها بقتلها وقتل أشقائها، فرضخت لطلباته وجرت بينهما بعض المداعبات من دون ممارسة الجنس. وقبل الجريمة بأيام، أضافت ميساء في إفادتها، كان وليد يمضي السهرة في منزل عائلتها. وبعد تناوله طعام العشاء، احتسى مشروبات روحية قبل أن يخرج إلى الشرفة لمتابعة السهرة معها، فيما خلد أفراد العائلة إلى النوم. وخلال هذه الجلسة، بدأ يلاطفها ويتودد إليها، ثم اقترب منها قاصداً لمسها، فحاولت الهرب منه لكنها لم تستطع. وقالت ميساء إن خطيبها تمكّن من رميها على الأرض ونزع ثيابها الداخلية وثيابه ثم اغتصبها بعدما وضع يده على فمها لمنعها من الصراخ. وفي هذه الأثناء، انقطع التيار الكهربائي تركها وليد مخافة أن يأتي أحد ما، فيما هربت هي نحو الحمّام، حيث أضاءت شمعة وشاهدت الدماء فاغتسلت وبدّلت ثيابها.
وذكرت ميساء أنها اعتقدت بأنها فقدت عذريتها، إلا أن الطبيب الشرعي أفاد لاحقاً بعكس ذلك، وبأنها لا تزال عذراء، وليس هناك آثار لعنف حول فرجها أو محاولة لاغتصابها، لكنها بقيت على قناعتها بأن خطيبها فضّ بكارتها وقررت الانتقام لشرفها خوفاً من أهلها الذين لم تخبرهم بالأمر وعزمت على قتله لدى حضوره إلى منزلهم. وجهّزت لأجل ذلك بندقية كلاشنيكوف تعود لشقيقها المتوفّى لتنفّذ ما كانت قد صمّمت عليه يوم 22/8/2003. وخلال المحاكمة، كرّرت ميساء روايتها التي ذكرتها في التحقيقين الأوّلي والاستنطاقيّ، مضيفة إنها كانت قد استنتجت أن المغدور كان ينوي فسخ الخطوبة ولم يعد يرغب في الزواج منها.
وأوضح وكيل المتهمة في جلسة المحاكمة الأخيرة أن إسقاطاً شخصياً عن جميع ورثة القتيل قد ضُمَّ إلى الملف. بدوره، طلب ممثل النيابة العامة تطبيق مواد قرار الاتهام ومنح المتهمة الأسباب المخفّفة بعد الإسقاط الحاصل، فيما ترافع وكيل المتهمة وطلب اعتبار أن المتهمة كانت في حالة دفاع عن النفس ومنحها الأسباب المخفّفة والاكتفاء بمدة توقيفها، وأعطي الكلام الأخير للمتهمة فطلبت الشفقة والرحمة.
وبناءً على مجمل وقائع القضية، حكمت محكمة الجنايات في جبل لبنان على ميساء بالإعدام وتخفيفها حتى الحبس مدة سبع سنوات وثمانية أشهر على أن تُحسَبَ لها مدة توقيفها الاحتياطي اعتباراً من 22/8/2000.
(الأخبار)