نادر فوزعادت طريق القصر الجمهوري في بعبدا إلى دائرة عمل الصحافيين، فسلكها أمس أكثر من ثلاثمئة موظف في مؤسسات إعلامية، لمواكبة اليوم الأول لرئيس الجمهورية فيه، بعدما غاب القصر عن الحياة السياسية ستة أشهر مُخلياً «السلطة» لمربّعات أمنية متفرقة في العاصمة وسائر المناطق.
عند المدخل الأمامي للقصر حاجز تفتيش أوّل. ممنوع الدخول إلا «لمن له اسم» على لائحة أعدّت لـ«تنظيم الاستحقاق وضبط المشاركة.. إضافةً إلى دواع أمنية» كما يقول أحد العناصر الأمنية.
بدأ وصول الصحافيين قرابة السابعة صباحاً، إلا أنّ موعد قدوم الرئيس ميشال سليمان تأجّل من التاسعة صباحاً إلى الثانية عشرة ظهراً، بسبب توديعه أمير دولة قطر في أول نشاط بروتوكولي له.
مُدّ السجاد الأحمر، من مدخل القصر حتى قاعة الرئيس، وعلى الجانبين اصطف رجال من الحرس الجمهوري، رافعين شعار «الوفاء بالدم»، وحولهم الفرقة الموسيقية والموظفون الكبار في القصر. عند العاشرة والنصف قرعت الطبول، فدخلت الفرقة الموسيقية إلى الباحة، واستقرّت عند النقطة المحددة لترجّل الرئيس من سيارته، فيما كانت كتيبة من الحرس الجمهوري تنتظم على وقع الموسيقى العسكرية عند مدخل القصر بالانضباط المعهود، تلتها مجموعتان من رمّاحة الحرس الجمهوري. وبينما كان بعض الضباط ينظّمون صفوف عناصرهم، انشغل موظفون بإجراء «بروفات» رفع العلم على السارية المنتصبة عند مدخل القصر، وضخّ مياه النافورة، وغير ذلك من مراسم تسليم القصر إلى سيّده الجديد، التي استمرت حتى اللحظات الأخيرة. وفيما كان موظّفو القصر يضجّون فرحاً بعودة الحياة إليه، انهمك المكتب الإعلامي في تعميم التوجيهات على الصحافيين، الذين قرّروا ،تحاشياً للإجراءات الأمنية، قتل الانتظار بنقاشات سياسية، وكان الموضوع الأبرز اسم رئيس الوزراء المقبل، والمرحلة السابقة التي أدّت إلى انتخاب العماد سليمان. «لن يقبل الشيخ سعد بتولّي حكومة مؤقتة»، يقول أحد الموجودين، ليواجه بحجة مناقضة: «إن لم يرأس الحريري الحكومة الآن، يكون كمن يقضي على مستقبله السياسي، وخاصةً بعد ما جرى في بيروت»،
وساد جو من الإحباط بسبب طول الانتظار، فلجأ الصحافيون إلى «بيت الجندي»، حيث يمكن الحصول على الشراب والطعام. لكن الوصول إليه يتطلّب نحو 15 دقيقة من المشي، فكان أن تبرّع البعض وعادوا بـ«المؤن» اللازمة. وقرّر عدد آخر الاستلقاء على عشب الحديقة الأمامية، ما يستحيل فعله في الأيام العادية.
حلّ الموعد، فوصلت ثلاث سيارات رباعية الدفع، ترجّل من إحداها الرئيس، فعزفت الفرقة الموسيقية لحن التعظيم والنشيد الوطني وموسيقى الاستعراض العسكري، فحيّا الرئيس سليمان العلم وكتيبة «حرسه»، حتى وصل إلى محاذاة كبار موظفي الرئاسة. وأطلقت مدفعية الجيش 21 طلقة، احتفاءً بالقائد السابق الرئيس الجديد. شقّ بعدها الرئيس طريقه بين رمّاحة الحرس الجمهوري باتجاه صالون السفراء، فجلس على كرسيه. ثم توجّه إلى مكتبه الجديد، وتسلّم وسام الاستحقاق اللبناني من الدرجة الاستثنائية ووسام الأرز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر.
اتصل الرئيس الأميركي جورج بوش بسليمان مهنئاً، بحسب ما أفاد المتحدث باسم الرئيس الأميركي، وقال المتحدث باسم الأمن القومي غوردون جوندرو إن «الرئيس دعا الرئيس سليمان إلى واشنطن حتى يتمكن الزعيمان من مناقشة قضايا استراتيجية تهم الولايات المتحدة ولبنان». وكان من أبرز مهنّئي سليمان: الملك الأردني عبد الله الثاني، ورؤساء كل من مصر حسني مبارك وسوريا بشار الأسد والجزائر عبد العزيز بوتفليقة وليبيا معمّر القذافي وإيران أحمدي نجاد وفرنسا نيكولا ساركوزي وألمانيا هورست كولر، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروزو.