مهدي السيدفتح تصريح الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، عن قرب عودة الأسرى اللبنانيين إلى أهلهم، الباب على مصراعيه في إسرائيل، إذ سارعت الأوساط الإعلامية والسياسية والأمنية الإسرائيلية منذ اللحظة الأولى لكلام السيد نصر الله، إلى إيلاء الاهتمام البالغ لمغزى هذا الموقف ودلالاته، في ظل اتفاق على حصول تقدم في المفاوضات مقابل تضارب في التقارير والمواقف حول عمق هذا التقدم وموعد نهايته.
وفي هذا المجال، وفيما كان لافتاً غياب أي موقف رسمي إسرائيلي، برزت كثافة التسريبات في وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلاً عن محافل أمنية وسياسية، فنقلت يديعوت أحرونوت عن محافل إسرائيلية قولها إن خطاب الأمين العام لحزب الله يشكل تلميحاً بالاستجابة إلى الاقتراح الإسرائيلي الذي عرض قبل أسبوعين، في إشارة إلى الاقتراح الذي تقدم به عوفر ديكل، المسؤول عن المفاوضات مع حزب الله إلى الوسيط الألماني بيرهارد كونراد، وبموجبه مقابل استعادة الجنديين المخطوفين غولد فاسر وريغيف استعداد إسرائيل لإطلاق سراح 5 أسرى لبنانيين تحتجزهم، بمن فيهم سمير القنطار؛ وإبعاد نسيم نسر، وإعادة أجساد عشرة مقاتلين من حزب الله.
وتعليقاً على المرحلة التي بلغتها صفقة تبادل الأسرى، قالت محافل سياسية رفيعة المستوى ليديعوت إن «الكرة توجد في ملعب نصر الله»، فيما أكدت مصادر سياسية وأمنية رفيعة المستوى للصحيفة ذاتها إنه «بالفعل تحقق تقدم هام، ولكن لا يوجد إغلاق لصفقة المفاوضات على مفترق الطرق، ولكن من غير المتوقع اختراق في غضون أيام. الاختراق منوط الآن بهم». في موازاة ذلك، قالت مصادر رفيعة المستوى في القدس للصحيفة إنه بعد سنة ونصف السنة من المفاوضات نضجت الصفقة عملياً، والآن كل الموضوع هو موضوع قرار: «في اللحظة التي يتخذ فيها القرار، يمكن للصفقة أن تنفذ فوراً أيضاً».
وبشأن تضمن الصفقة الإفراج عن عميد الأسرى سمير القنطار، نقلت يديعوت عن مصادر إسرائيلية تقديرها بأن «نصرالله يعظم سمير القنطار لأنه يعرف أنه في الوضع الذي توجد فيه الصفقة سيكون هو الإنجاز الأكبر والأهم له فيها. كما أضافت أن نصر الله استوعب بأن الرفض الإسرائيلي لتحرير سجناء فلسطينيين هو رفض نهائي، ولهذا لم يتحدث عن فلسطينيين». وفي السياق ذاته، نقلت هآرتس عن مصدر رفيع مطّلع على تفاصيل المفاوضات، قوله إن الصفقة ستتضمّن أيضاً تلخيصات وترتيبات، معظمها لم يكن معروفاً من الجمهور. وأضاف: «للأسف، يبدو أنه فقط في اللحظة الأخيرة، مع تنفيذ الصفقة، سنعلم إذا كان الجنود سيعودون أحياء أو في نعوش».
وفيما أكدت محافل إسرائيلية ضليعة في المفاوضات، للصحيفة أنه قد تم إحراز تقدم في الاتصالات، نقلت هآرتس عن مصدر أمني رفيع قوله إنه «لا يجب التأثر من تصريحات نصر الله. فهو قال أموراً مماثلة في السابق أيضاً». وبحسب كلام المصدر الرفيع، فإن مصدر بعض التقارير المتفائلة في وسائل الإعلام التضليل أو فرضيات لا أساس لها. وأضاف: «هذه صفقة معقّدة جداً، ولا نعلم لغاية الآن إن كانت ستخرج إلى حيز التنفيذ. معظم أجزائها غير معروف للصحافة. الاتصالات لا تزال مستمرة ـــــ وليس هناك نية لإطلاع أحدٍ عليها حالياً».
في غضون ذلك، تساءل مصدر عسكري إسرائيلي «كيف يمكن للحكومة أن تقدم لعائلة رون آراد إيضاحات حول هذه الصفقة في الوقت الذي لم تتلقّ فيه إسرائيل أي معلومات جديدة عن مصير آراد».
إلى ذلك، كُشف النقاب في إسرائيل عن تشكيل فريق مهنيّ من أجهزة الاستخبارات كفيل بأن يحسم في الفترة القريبة جداً مسألة مصير الجنديين الأسيرين: ريغيف وغولدفاسر. الفريق الذي يضم ممثلين عن الموساد، الشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية، عُين أخيراً لفحص المعلومات التي تجمّعت في إسرائيل في هذه المسألة الحساسة، وهو سينقل استنتاجاته قريباً إلى رئيس الحكومة.
وعلى صعيد المواقف المعلنة، قلّل رئيس الشاباك سابقاً، يعقوب بيري من «صدقية» تصريح نصر الله بشأن قرب إنجاز صفقة بين حزب الله وإسرائيل. وأشار بيري في مقابلة إذاعية بثّها «صوت إسرائيل» إلى أن تصريحات مماثلة أطلقت في الماضي لم تفض إلى أي صفقة. وأعرب بيري عن «دعمه لفكرة إخلاء سبيل القاتل سمير القنطار مقابل الإفراج عن الجنديين ريغيف وغولدفاسر».
وفيما أعلن الوزير العمالي الإسرائيلي بنيامين بن اليعيزر دعمه «للصفقة المتبلورة»، انتقد النائب الليكودي يوفال شتاينتس فكرة الإفراج عن «مخربين» مقابل تلقي جثث.
بدوره، قال المراسل العسكري لصحيفة هآرتس، عاموس هرئل، إنه «إذا صحّ أن الجانبين يقتربان من النهاية، يمكن إيعاز ذلك إلى عدة مراحل، وعلى رأسها النهج الصارم الذي ساقته إسرائيل في المفاوضات». وبحسب هرئل «ستُعدّ إعادة القنطار إنجازاً كبيراً من ناحية نصر الله، لأن هذا حقاً ما طلبه قبل الأسر، والآن يتوقع الحصول عليه، حتى لو بعد تأخير سنتين».