عمر نشّابةقرّرت الغالبية النيابية أول من أمس تسمية الرئيس فؤاد السنيورة لرئاسة الحكومة المقبلة. وكان هذا الأخير قد ترأس حكومة تميّزت بطول عمرها وبدفعها شريحة لا يستهان بها من اللبنانيين، عن حقّ أو عن غير حقّ، إلى اعتبارها حكومة مقصّرة لجهة إغفالها للإنماء المتوازن وإخفاقها في معالجة الأزمة الاقتصادية والمعيشية، وحكومة غير آبهة بهموم الناس وقضاياهم لجهة اهتمامها المبالَغ بالمحكمة الدولية مقابل تناسيها حاجات المحاكم والقضاة المحليين، وحكومة مذهبية في النظام الطائفي القائم، لجهة عدم مشاركة الشيعة فيها مشاركة كاملة، وحكومة طائفية لجهة عدم التمثيل الماروني الصحيح فيها.
ارتكبت جرائم عديدة خلال الآونة الأخيرة، وقع ضحيتها مواطنون بأرواحهم وأرزاقهم وممتلكاتهم، كما استُهدف صحافيون وسياسيون وقوات أممية لحفظ السلام بعبوات ناسفة وهجمات مسلّحة. ولم تتمكّن السلطات القضائية حتى اليوم من إصدار أحكام تكشف حقيقة مرتكبي أيّ من تلك الجرائم الكبرى وإدانتهم طبقاً للأصول ولأحكام القانون. كما ذكرت لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري أن الأوضاع الأمنية المتردية تصعّب تقدّم التحقيق.
تبيّن أن للانقسامات السياسية الداخلية والانحيازات المذهبية التي تميّزت بها خلال الآونة الأخيرة، والاشتباكات بين مسلحين موالين للمعارضة من جهة ومسلحين موالين للرئيس فؤاد السنيورة من جهة ثانية، تأثيراً سلبياً على عمل السلطات القضائية.
إن تعيين السنيورة رئيساً للحكومة ينسف مبدأ المساءلة والمحاسبة الذي يفترض التمسّك به، لجهة تطبيقه على الجميع دون استثناء. إذ لن تقوى الدولة على محاسبة أحد إن لم تحاسب نفسها.