نادر فوزينتهي قريباً السجال حول تأليف الحكومة، ليفتح ملف الانتخابات النيابية المقبلة، والتي بدأت تظهر أعراض التحضيرات لها في المجالس السياسية. لم يبتّ القانون الانتخابي بعد، إلا أنّ الأحاديث عن تقسيمات المقاعد وحسم الأقضية، بحسب قانون عام 1960، انطلق، ولو أنّ الجميع يصرّ على أنّ «الوقت لا يزال مبكراً لبحث هذه الأمور». ومن أهم ما يجدر الحديث عنه هو صون الحقوق المسيحية وتمثيل المسيحيين، وما تتداوله قوى الطائفة حول هذه المسألة.
قبل الغوص في خريطة المقاعد والتحالفات، تؤكد شخصية مقرّبة من جبهة الموالاة أن كلا الطرفين، معارضين وموالين، سيقومان بتغييرات ملحوظة في أسماء المرشحين والنواب، لإضفاء «الشراسة اللازمة» على المعارك الانتخابية الحاسمة.
بدءاً من الشمال، تؤكد الشخصية أنّ القاعدة الشعبية في منطقة عكّار تميل بأغلبيتها إلى التيّار الوطني الحرّ في ظل غياب قاعدة فعلية للقوات اللبنانية أو وجود وجوه مسيحية موالية بارزة. وانتخاب نائب موالٍ سيكون بفضل أبناء الطائفة السنيّة، «مما سيضع المناطق المسيحية في مأزق لعدم تحقيق التمثيل الفعلي». وترى الشخصية أنّ من شأن عودة الوزير السابق عصام فارس إلى الساحة السياسية، «تغيير المعادلة أو تعديلها على الأقل».
أما في زغرتا، فالأمر شبه محسوم للمعارضة، فيما تسعى الوزيرة نائلة معوّض للحصول على حقيبة وزارية تعيدها إلى المعركة النيابية، وإذا قرّرت تسليم العمل السياسي لابنها فخسارته محسومة في الحالتين. وموضوع توزير معوّض سيؤدي إلى «صراع مصالح خفيّ بين بعض شخصيات الموالاة، أهمها بطرس حرب ونائلة معوّض».
ويقول المتحدث إنّ منطقة البترون ـــ زغرتا ممثّلة بوزارة واحدة لفريق الأكثرية، وفيما «المعارضة حسمت المسألة لجبران باسيل في وزراة الأشغال العامة، سيكون الأمر بمثابة تحدّ لحرب إذا كان غريمه البتروني وزيراً خدماتياً، وهو خالي الوفاض»، متسائلاً عما إذا كان من مصلحة حرب أن توجد وزارة للبترونيين. ويعتبر المصدر أنّ نوّاب الأكثرية «طاروا» بفعل القانون الانتخابي الجديد.
وتتابع الشخصية سرد تصوّرها للخريطة المسيحية المقبلة، فتضع تساؤلاً في نيابة بشرّي، لتشير إلى أنّ أحد نائبي القضاء سيكون قواتياً، إلا أنّ الثاني «سيراعي العلاقات العائلية والعشائرية بين عائلات طوق وكيروز ورحمة وغيرها».
وفي الكورة، المعركة محسومة للمعارضة، بحسب المتحدّث، إذ إنّ تحالف التيار الوطني الحرّ والمردة والحزب القومي سيفوز، كما انّ «القوات لا حول لها ولا قوة في المنطقة».
ويربط المتحدث جبيل وكسروان ربطاً وثيقاً، معتبراً أن الأمر رهن بـ«العلاقة بين العمادين»، أي الرئيس ميشال سليمان والنائب ميشال عون: إذا توافقا تحسم المعركة، أما إذ تنافسا فـ«ستكون أشرس المعارك في جبيل، حيث وجود تاريخي لعائلتي البون وفرام». وفي كسروان، يشدّد المتحدث على أنّ مصلحة عون ستكون في المحافظة على النائب نعمة الله أبي نصر «أحد أبرز الوجوه المسيحية التي عليه المحافظة عليها لما له من مواقف حادة تجمع أبناء المنطقة». ويعتبر أنّ من شأن رفع أبي نصر على رأس اللائحة أن يعطيها الزخم المطلوب، إضافةًَ إلى «تأكيده ومحافظته على وجود ضروريات متعلّقة بالعائلية والمناطقية، كآل الخازن وربما غيرهم».
ويطرح المتحدث إمكان اعتبار سليمان القوات اللبنانية رافعته الانتخابية، ولو أنّ الأمر مستبعد، إلا أنّ من شأن ذلك أنّ يؤجّج المعركة ويعيد إلى الواجهة شخصيات موالية مثل النائب السابق فارس سعيد.
«المتن الشمالي عبارة عن سباق لمن يخطب ودّ عون»، تقول الشخصية، مؤكداً أنّ الصراع دائماً يكون مارونياً ــــ مارونياً، مما يضع ميشال المرّ خارج النزاع، و«أمين الجميّل يسعى ضمناً إلى التحالف مع عون». وفي ما يخص الأرمن، فهم في تحالف وثيق مع عون، ويمكن أنّ «يمونوا عليه لترك مقعد للمرّ، كما فعل التيار مع بيار الجميّل عام 2005». أما المرّ، بحسب المصدر، فهو يسعى إلى تأمين مقعد نيابي لابنه، «إلا أنّ الأمر ليس بيده».
بعبدا محسومة للمعارضة، وعاليه للموالاة، يقول المصدر مشيراً إلى أنّ الحديث عن ترك مقعد لإرسلان في واحد من القضاءين لا يزال مبكراً، ما دامت المعادلة لم تتبيّن بعد. والشوف محسوم أيضاً للاشتراكي، إلا أنّ عون يمكن أن يرشح أحد أحفاد كميل شمعون.
المقاعد المسيحية في الجنوب محسومة للمعارضة، و«حزب الله» أعطى عون الصلاحية الكاملة لاختيار النواب المسيحيين. وفي زحلة الأمر نفسه، حيث إنّ تحالف إيلي سكاف والتيار يفوز في المعركة «ولو أنّ هذه المعركة تعمّدت بالدم، فلا وزن كبيراً للكتائب في زحلة».
عن الوضع الانتخابي في بيروت، تستطيع الموالاة الفوز بخمسة مرشحين مسيحيين (ثلاثة مقاعد مسيحية مؤكدة في الدائرة الثالثة، ومقعدان مسيحيان غير مؤكدين في الدائرة الثانية)، فيما تضع المعارضة يدها على الدائرة الأولى التي تضمّ خمسة نواب مسيحيين. إضافةً لهذا التصوّر العام للعاصمة، تشير مصادر مقرّبة من تيار المستقبل إلى أنّ النائب ميشال فرعون يتّجه لتأليف كتلة نيابية خاصة به في بيروت تكون مقرّبة من تيار المستقبل، لا في حضنه تماماً، وتؤكد المصادر أنّ «هذه الخطوة ليست نتيجة خلاف بين فرعون والتيّار، بل لأسباب شخصية وطموح سياسي خاص بفرعون».