strong>يستفيق المتنيون كل صباح على أنباء متضاربة عن تولي ممثليهم في البرلمان حقائب وزارية خدماتية، تعوّض النقص الشديد في الإنماء الذي عانته هذه المنطقة طيلة الأعوام الثلاثة الماضية، لولا مبادرات خاصة لكتلة التغيير والإصلاح
المتن ــ رندلى جبور
أخيراً فتحت طريق المنصورية المقفلة منذ شهور ثلاثة بسبب «شلوق» صخرة وخطره على السكان والمارة (كانت «الأخبار» طرحته تفصيلاً)، وستنتقل وزارة الأشغال العامة والنقل قريباً إلى طريق الفنار ــــ عين سعادة بعدما ذهب ضحيتها طالب «الكفاءات». ولكن بين الطريقين وغيرهما، قصص اتصالات ومعاملات وغياب سلطات وإهمال وتقاذف مسؤوليات تتشابك جميعها، ليظهر التعاون بين نواب المنطقة والمجتمع المدني، وتكوين حالة ضغط لتوسيع الحلقة باتجاه الإدارة «كأفضل نموذج يحرر المواطن من البازارات، ومن بيع الخدمة لاستغلالها في السياسة».
وينطلق أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان من «قصة» طريق المنصورية، ليشرح طريقة عمل نواب المتن في ظل تقاعس بعض الإدارات ومحدودية صلاحيات النائب الذي «ليس هو الإدارة ولا هو الوزير». ففي البداية لم تتجاوب أي سلطة في المنطقة، إما «كسلاً أو إهمالاً أو ابتزازاً أو مصلحة خاصة أو لخفية سياسية أو حتى من دون سبب»، وواجه مشروع إصلاح الضرر وفتح الطريق عقبتين أساسيتين:
أولاهما، كما دائماً، «ما في أموال»، وثانيهما، كما العادة، الهيئة العليا للإغاثة ترمي الكرة في ملعب وزارة الأشغال، والوزارة تؤكد مسؤولية الهيئة، والمجلس الدستوري في «إقامة جبرية» شلّت قراره الذي يجب أن يحدد الصلاحيات، أما رئيس البلدية فـ«متحفظ».
لكن صرخة الأهالي وضغط النواب وتجاوب الوزير محمد الصفدي عنون القضية في خانة «استثنائياً»، فأدرجت على جدول أعمال مجلس الوزراء في 18ـــ3ـــ2008 الذي رصد لها ميزانية نصف مليون دولار، فكانت لجنة الخبراء التي أصدرت تقريرها. ومرة جديدة تغلّب الضغط على الوقت فألغيت مرحلة استدراج العروض وتحمّل الصفدي مسؤولية التلزيم المباشر، وفي يوم التوقيع بدأ عمل المتعهد في بناء «حيطان الدعم». ولم تنته العقبات، فكان آخرها «حفل افتتاح الطريق» الذي أرادته بعض السلطات المحلية قبل فتح الطريق، فيما لم تحرك ساكناً في القضية.
وعلت صرخة الأهالي فردّ كنعان مازحاً: «رح آخد دمبر وافتحها» قبل أن يطلق بدوره الصرخة إلى الوزير الصفدي الذي اتصل بالمدير العام للوزارة فادي النمار وطلب منه فتح الطريق. يذكر أن كل من عمل على إنجاز مراحل مهمة من عمل يحتاج إلى سنة كاملة في بضعة شهور لم توجه إليه دعوة إلى الافتتاح «الملغى»، ويضع نائب المتن ذلك في إطار «التركيبة».
ولم تخل «قصة الطريق» من دروس تعلمها أمين سر «التغيير والإصلاح» في ضرورة تفعيل دور المجتمع المدني وبناء ثقافة اجتماعية وأهلية، تجعل من المواطنين قوة ضغط تتحرك في الاتجاه الصحيح، وخصوصاً أن «الدولة مفوخرة ولا أجهزة محلية للوزارات تتابع بجدية لا بنيّة رفع عتب، ففي أي بلد آخر، لا حاجة إلا لإطلاق الصوت مرة»، ويركز كنعان على دور الجمعيات المحلية، فأسس جمعية «إنماء لبنان الجديد» لتكون على تواصل مع جمعيات من الخارج لتسهيل الحصول على مساعدات، وهذا ما ظهر في حرب تموز، حيث أرسلت جمعيتان سويسريتان الأدوية إلى المتن عبر الجمعية، ولتساعد النائب في الضغط على الإدارة.
«إنجاز» طريق المنصورية ليس يتيماً، فقد سبقته «قصص» كثيرة في السعي إلى تلبية الحاجات التنموية في المتن، فعمل النواب لمدة سنتين على تأمين مستشفى نقال في «الجرود»، «لأن الناس تموت قبل الوصول إلى أقرب مستشفى» وفق ما نقل رئيس بلدية المتين إلى كنعان الذي بدأ التحرك سريعاً، وأدى التواصل مع جمعيات في الخارج والحصول على مساعدات من «عونيين» منتشرين في العالم، إلى شراء مستوصف نقال في سيارة إسعاف في بولونيا تخطى المئة ألف دولار، لكنه طرح إشكاليات سياسية في منطق معرقل يعتمد على مقولة «تهفى ولا يجيبها عليق»، ولم يحضر الافتتاح إلا ثلاثة رؤساء بلديات من أصل 12 تستفيد بلداتهم من «السيارة الطبية» و«السبب سياسي».
وفي المجال الصحي أيضاً، قدّم نواب المتن من خلال «جمعيتهم» جهاز توليد كاملاً إلى مستشفى الكرنتينا، وصلت كلفته إلى 400 ألف دولار، وستأتي مساعدة قريباً إلى مستشفى «الراهبات» في أنطلياس، عدا عن مستوصف ثابت في «البيت الأبيض» أي مكتب نواب تكتل التغيير والإصلاح في جديدة المتن، بالإضافة إلى «البطاقة الصحية».
وفي مقابل مشاريع «مفيدة» أبصرت النور بمئات آلاف الدولارات، إلغاء مشاريع «مضرة» كلفت ملايين الدولارات، فكانت النتيجة إيقاف مشروع التوتر العالي في «عين نجم عين سعادة» (كانت الأخبار أثارته سابقاً)، لما فيه من أذى على صحة آلاف الطلاب في خمس مدارس محيطة وآلاف العائلات في الجوار. وعلى رغم المشادات الكلامية بين النائب كنعان والوزير محمد فنيش على طاولة الحوار في هذا الشأن، «لكننا أوصلنا الصوت أيضاً إلى الاتحاد الأوروبي، وشهد تحركنا مداً وجزراً في ظل وضع الأعمدة، أوقفنا تنفيذ المشروع في الرمق الأخير».
نفذت هذه المشاريع وغيرها «في وضع سياسي مأزوم وسلطة تعمل ضدنا»، وكان يُحضّر لورشة عمل ضخمة تشترك فيها كل البلديات، لكنه توقّف بسبب حرب تموز، ويهدف إلى تطوير المؤسسات الخدماتية والتنموية في المتن وتحديد الأولويات البيئية والاجتماعية والرياضية والصناعية والاقتصادية، وتطوير العمل البلدي واللامركزية الإدارية، «واليوم بتنا في حالة طوارئ اجتماعية اقتصادية سياسية».
ويفخر كنعان بما حققه ويحققه مكتب تكتل نواب المتن في الشؤون القانونية والخدماتية والإعلامية والتعاونية، ويشير إلى أن جهاز أمانة سر التكتل عمل في التشريع السياسي، وقدم إلى المجلس النيابي مشروع قانون ضمان شيخوخة، واقتراح قانون إنشاء لجنة أمنية (طرحه العماد ميشال عون)، ومشاريع قوانين انتخاب، ومشروع قانون «عسكريي 13 تشرين»، بمساعدة خبراء قانونيين واقتصاديين «وصرنا بالآخر خلية طوارئ وركبولنا كل التركيبات لكن أحلامنا سنحققها والتغيير سيأتي من القاعدة لا من أعلى».
«إنها ليست مشاريع لبيت بو فلان ولا إعطاء رخصة سلاح لعلتان، بل تحسين المبادرة الفردية والقطاع الخاص والتواصل مع المجتمع المدني والمؤسسات من أجل الخدمة العامة وفق معايير أمن الناس الاجتماعي والصحي والقسط والدواء والرغيف».