أنطون الخوري حربكان لغياب البطريرك الماروني نصر الله صفير عن لبنان قبيل السابع من أيار وبعيد اتفاق الدوحة أثر إيجابي لديه، لكونه جعله بعيداً عن التورط في تفاصيل المواقف والتطورات اليومية، ولا سيما في الحقل المسيحي الذي «اعتاد أقطابه الاحتكام إلى بكركي لمناصرة هذا الفريق على ذاك، وكان الأمر ينتهي دائماً إما «بزعل» أحد الطرفين وإما «زعل» الاثنين معاً من بكركي».
وتؤكد مصادر بطريركية رفيعة أن البطريرك يلتزم موقفاً مبدئياً من أحداث بيروت لجهة رفض استعمال حزب الله سلاحه في الداخل، وهذا الموقف من مسلمات بكركي، لكن البطريرك توقف ملياً خلال أحاديثه مع مرافقيه والمتصلين به عند الخلفية والتوقيت اللذين حكما إصدار حكومة السنيورة السابقة لقراريها، اللذين ترى بكركي «أن التراجع عنهما كان قراراً حكيماً اتخذته الحكومة، لأنه جنّب البلد الانزلاق إلى أتون الفتنة المذهبية التي كان محتوماً أن تتحول إلى فتنة أهلية لو لم يُصَر إلى وقفها».
وترى بكركي أن نتيجة الأحداث ومؤتمر الدوحة يجب أن تصب كلها في الجو الوفاقي الجديد الذي يجب أن يكتمل ببت الاستراتيجيا الدفاعية التي تنهي ظاهرة السلاح المنتشر، لأن صيانة السلاح تكون باتفاقات كبرى، لا باتفاقات ظرفية.
وإذ تبدي بكركي ارتياحها للدور العربي في حل الأزمة اللبنانية، فهي تكشف عن تبلغ سيدها للنيات القطرية بالنسبة إلى الحل اللبناني قبيل انعقاد مؤتمر الدوحة وبعيد زيارة صفير قطر».
وتظهر على ملامح البطريرك علامات الارتياح الكبير والدهشة من الحكمة التي تجلى بها قادة الشارع المسيحي إبان أحداث بيروت، وهذا ما يشير إلى نضج الفكر السياسي المدني لدى المسيحيين. ويأمل صفير أن تؤسس هذه الحكمة ميثاقاً مسيحياً مسيحياً مرشحاً لأن يصبح مسيحياً لبنانياً، ثم لبنانياً لبنانياً يحدد العمل السلمي الديموقراطي في السياسة سقفاً لكل الاختلافات والصراعات.
ويتمنى صفير أن تسود هذه الروحية أجواء التنافس الانتخابي المقبل للدلالة على السلوك المتمدن للبنانيين. ولا يكتم فرحته وافتخاره بأدوار التهدئة التي قام بها نائبه العام المطران سمير مظلوم أثناء غيابه هو في أميركا، مع بعض الأساقفة، والتي منعت السياسيين من التلطي وراء البطريركية أو محاولة استعمالها للاستقواء بها كل على خصمه، فيما بقيت المسلمات غير المنحازة هي النصائح التي قدمتها بكركي إلى جميع المشتكين سواء بسواء.
ولا يخفي البطريرك خوفه من إجهاض اتفاق الدوحة، معرباً عن قلقه من عدم إقرار القانون الانتخابي الذي اتفق عليه في قطر بعد انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة، والذي من شأن المماطلة في إقراره أن يغفل الثقة العامة بالاتفاق ككل «فتطير البنود الأخرى ويصبح تطبيقها كيفياً ونعود إلى بداية الصراع». ورأى أن وراء اتفاق الدوحة دعماً عربياً وإيرانياً وأوروبياً وأميركياً وربما إسرائيلياً، لذلك «فإن إمكان التراجع عن الالتزام به ضعيف إلا «إذا ركب الجنون رأس أحدهم وأودى بالبلاد إلى الهاوية».