نيويورك ـ نزار عبودأفادت مصادر واسعة الاطلاع في الأمم المتحدة بأن قضية محكمة لبنان الدوليّة دخلت مرحلة جمود قد تطول نسبياً بعد صدور تقرير المحقق الدولي الجديد، دانيال بلمار، فيما تدرس بعض الدول الأعضاء في المجلس إثارة قضيّة القادة الأمنيين الموقوفين، مطالبة بالإسراع في بتِّ قضيتهم.
ورأت المصادر أن التقرير الأخير الذي قدمه بلمار تضمن إشارات إلى احتمال تمديد عمل لجنة التحقيق الدولية لستة أشهر أخرى بعد الخامس عشر من حزيران المقبل بسبب الحاجة إلى استكمال التحريات والتحقيق قبل تسليم الملفات إلى المدعي العام الذي سيكون بلمار نفسه. وإذا توقف عمل اللجنة في المهلة المحدّدة، فسيكون هناك إشكالية قانونية وتضارب في المصالح، نظراً لأن المحقق لا يجوز أن يكون المدعي العام عرفاً. فرئيس لجنة التحقيق الدوليّة الذي يفترض أن يسلم الملفات إلى المدعي العام، يجب أن يكون مستقلاً، لكي لا تكون لديه مواقف مسبقة في صياغة تقرير الاشتباه قبل تسليمه لتوجيه الاتهام.
الأمر الآخر الذي يجعل متابعة قضية المحكمة تسير على نار خفيفة يعود إلى فتور حماسة الدول المموّلة للمشروع، بعدما جاء التقرير تقنياً ويبعد الشبهة السياسية عن سوريا. فالتمويل الحالي الذي لم يصل فعلياً إلى ما يكفي للسنة الأولى والتأسيس (30 مليون دولار ووعود بقيمة 30.3 مليون دولار) لا يسمح للأمين العام بإعلان موعد بدء نشاط المحكمة الفعلي، بالرغم من «التهديد» بعكس ذلك. وستقتصر الإجراءات العملية على الحد الأدنى من الخطوات الإجرائية.
وعلمت «الأخبار» من مصادر موثوقة أن أعضاء بارزين في مجلس الأمن الدولي مستاؤون من تجاهل الأمانة العامة ووكيل الأمين العام للشؤون القانونية نيكولا ميشال لمسألة اعتقال القادة الأمنيين الأربعة بناءً على توصية من رئيس لجنة التحقيق الدولية السابق ديتليف ميليس.
وهم يدرسون حالياً إثارة القضية ربما في 13 نيسان الجاري عندما يجتمع مجلس الأمن لمناقشة تقرير بلمار. وقد يطلب هؤلاء من الأمين العام متابعة قضية اعتقالهم. لكن الترجيح أن تقف الولايات المتحدة، وربما فرنسا وبريطانيا في وجه الطلب، وتعطل أي بيان بهذا الشأن. الدول المتابعة لهذا الملف تشمل ليبيا وجنوب أفريقيا وإندونيسيا مع بعض الدعم من الصين وروسيا.
وفي المناقشة للتقرير، من المتوقّع أن تنتهي الجلسة بدون إصدار أي بيان بعد تعطيل الولايات المتحدة وربما فرنسا وبريطانيا له، أو أن يتبنّى المجلس بياناً يرحّب بالخطوات التي بذلها الأمين العام حتى الآن ويشجّع انتقال التحقيق إلى المحكمة من لجنة التحقيق الدولية في وقت قريب قبل نهاية ولاية اللجنة في منتصف حزيران، ويترك بتّ وضع اللجنة إلى أوائل حزيران المقبل للبناء على الشيء مقتضاه حسب التقدم الذي يتحقق في عمل لجنة التحقيق الدولية على أرض الواقع حتى ذلك الحين.
على أن موضوع التمويل سيبقى العقبة في جميع الأحوال، الأمر الذي جعل مندوب الولايات المتحدة زلماي خليل زاد يدعو أخيراً الدول إلى التبرع بسخاء للمحكمة. غير أن الكثير من هذه الدول ليست في وضع يشجّعها على الاندفاع في هذا الطريق، نظراً إلى ضبابيّة الصورة العامة، سواءٌ للبعد السياسي، أو الجنائي.
كما من المتوقّع أن يتلقّى مجلس الأمن الدولي في 21 من الشهر الحالي تقرير الأمين العام عن تطبيق القرار 1559 الذي يعدّه ناظر القرار تيري رود لارسن. وهناك توقّعات بأن يتأخر التقرير بعض الشيء بالنظر إلى أن الأمين العام غير راضٍ عن تفرّد لارسن في مشاوراته واتصالاته بهدف عقد مؤتمر دولي لإجراء انتخابات رئاسية لبنانية بعيداً عن مشاركة المعارضة وتأثيرها. والأمين العام يدرك تماماً خطورة موقف كهذا على استقرار لبنان وعلى قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب. ومن المتوقّع أن يتضمن تقرير لارسن بياناً يعرب عن القلق من استمرار الفراغ الرئاسي ويحضّ اللبنانيين على إيجاد صيغة حل. كما سيعرب عن بالغ القلق من تسارع وتيرة تسليح الميليشيات، غامزاً من قناة المقاومة. وسيحاول لارسن أن يبرّر استمرار العمل بالقرار 1559 الذي من المفترض أن تكون بنوده متضمنة في القرار 1701.
ومن المتوقع كذلك، أن يتدخل الأمين العام للأمم المتحدة في تحرير تقرير لارسن، ولا سيما بعدما تعرّض لانتقادات شديدة من المجموعة العربية، إذ إن وفداً كبيراً من المجموعة زاره في 20 آذار الماضي وأبلغه استياءً عربياً من الانحياز في التقارير للجانب الإسرائيلي. وقد تضمّن الوفد مندوبي كل من السودان ومصر وسوريا وفلسطين، فضلاً عن مندوب الجامعة العربية الدائم. ويعبّر هذا الوفد بصدق عن مختلف وجهات نظر المجموعة العربية، ولقد أعرب فيه بان كي مون عن أنه يتعرض للضغط من كل الأطراف، وتعهد أن يكون أكثر توازناً في المناسبات المقبلة.