أنطون الخوري حربيستعد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى لإعداد صيغة جديدة لاستئناف العمل على تطبيق المبادرة العربية مع طرفي السلطة والمعارضة في لبنان. ويجتهد معاونوه المحليون والخارجيون في البحث مع عدد من أركان فريقي الانقسام اللبناني بين قوى المعارضة والأكثرية النيابية للتوصل إلى تفاهم مبدئي على بنود المبادرة التي وقع الخلاف بين الأطراف السياسيين في تفسيرها، ولا سيما مبدأ الربط بين الانتخابات الرئاسية وتأليف حكومة اللاتعطيل واللااستئثار والقانون الجديد للانتخابات النيابية.
ففيما تطالب المعارضة بفورية الاتفاق على كل البنود ضمن السلة الكاملة للاتفاق الشامل، تصرُّ السلطة على مبدأ انتخاب الرئيس أولاً، على أن يصار إلى بحث البندين الأخيرين في مرحلة لاحقة. ولذلك يجد فريق الأمانة العامة للجامعة العربية عراقيل جدية لتسويق المبادرة بالروحية التي رافقت طرحها سابقاً. كما يسمع معاونو موسى في بيروت تصوراً جديداً للمعارضة يأخذ بالاعتبار التطورات السياسية والزمنية التي حصلت منذ آخر زيارة لموسى إلى لبنان وفشل محاولته التوفيقية الأخيرة.
فعلى الصعيد الزمني، بات موعد الانتخابات النيابية الثابت في صيف عام 2009 يقترب، حيث بداية السنة المقبلة ستكون بداية الحملات الانتخابية التي سينهمك بتحضيرها كل من الطرفين أكثر من انهماكهما بمعالجة الأزمتين الحكومية والرئاسية. أما الأشهر الأخيرة الباقية من السنة الحالية، فستكون المعارضة خلالها مستعدة للبحث مع الفريق الأكثري في إطار شكلي يمهِّد للوصول إلى موعد الانتخابات النيابية ضمن إطار دستوري تجري الانتخابات في ظله من دون ثغر أو مشاريع طعون دستورية.
وبناءً على هذه التطورات، ترى المعارضة أن الأولوية في ترتيب بنود المبادرة العربية في صيغتها الحالية أصبحت بحاجة ماسة إلى التعديل أو التغيير لتلائم التطورات، وأصبح من اللازم التمسك بموافقة القوى على رئيس توافقي وترك البحث في تأليف حكومة وفاقية على قاعدة توزّع الأحجام الشعبية لفريقي السلطة والمعارضة، والاتفاق على تأليف حكومة انتقالية ترعى وضع قانون انتخابي جديد، ثم إجراء الانتخابات النيابية وفق هذا القانون، على أن يصار إلى تأليف حكومة ما بعد الانتخابات، إما من أكثرية الفريق المنتصر وإما بالتوافق على قاعدة الأحجام.
وبذلك يصبح عمرو موسى مستغنياً، في بذل جهوده العتيدة لتطبيق المبادرة العربية، عن دعوة فريقي الخلاف للاتفاق على حكومة اللااستئثار واللاتعطيل بحسب ما تم تداوله من صيغ لتوزع المقاعد الوزارية بتوازن بين الرئيس والمعارضة وتجمّع 14 آذار، أو بالأرجحية الأكثرية التي تطالب بها السلطة.
أما عن شكل الحكومة الانتقالية، فقد سمعت أوساط الجامعة العربية من أركان في المعارضة عن تشكيلة ينطبق عليها التشخيص الذي اتُّفق عليه سابقاً بين الرئيس لحود والبطريرك صفير والرئيس بري والذي قوبل برفض سلطوي. أي حكومة أقطاب تتمثل فيها الطوائف الستَّ الأساسية بعيداً من ضرورة تحقيق هذا التمثيل عبر قادة الصف الأول من الفريقين الذين بإمكانهم انتداب من يمثلهم شرط أن لا تتخذ الحكومة الانتقالية قرارات جوهرية غير متفق عليها بين أقطابها.
ويشير هذا الطرح إلى خروج القمة العربية التي انعقدت أواخر الأسبوع الماضي في العاصمة السورية دمشق بميل حقيقي إلى إنجاز تسوية تنقذ لبنان من أزمة الفراغ الرئاسي والحكومة مع ما يتطلبه ذلك من تنازلات يقدمها فريقا الانقسام اللبناني، فهل يشير كلام النائب وليد جنبلاط عن ضرورة الحوار اللبناني ــ اللبناني الذي لا مفر منه، إلى ملاقاة نتائج القمة العربية التي استجلبت ضغطه على حلفائه لمقاطعتها، بشيء من الواقعية المطلوبة لعملية الإنقاذ؟