فاطمة أمينفي الزحمة، سائقو سيارات عمومية وخصوصية، منهم من يتجه إلى عمله ومنهم من هو عائد منه، تلاميذ وعمّال، بعضهم ينظر إلى ساعته متأففاً وآخر يشكو من نافذة سيارة الأجرة إلى زميل له في المهنة «فوق ازدياد سعر البنزين زادت العجقة». وبين هدير محركات السيارات، تسمع صوت غناء فتاة، فضّلت أن تستمع إلى الراديو مستغلة وقت الانتظار.
في الطريق الداخلية لشارع المزرعة في منطقة بربور، ذهول بين سكان الشارع من ضغط السير الذي لم يعهدوه من قبل. فمنذ يومين كانت بدأت الرافعات توجيه النداءات للسكان لإزالة السيارات عن الطريق تحت طائلة إزالتها بالرافعة من دون أي تفسير. أما الآن فقد عُرف السبب ولكن لم يبطُل العجب.
بضعة شبان اصطفوا على رصيف لم يكن يسليهم من قبل، أما الآن فعدد المارة الهائل يُلهي الناظر، وكأن زوّاراً كثيرين أتوا فجأة بغير دعوة.
شبان آخرون وقفوا ليأكلوا البوظة، أمام دكان الحي الذي أضحى في غفلة عين يحتل موقعاً استراتيجياً في المنطقة. مجموعة أخرى تضحك عندما أشار أحدهم إلى بائع اليانصيب الذي «تحوّل هو أيضاً مع السير». أطفال الحي صاروا يتأكدون أكثر من مرة قبل اجتياز الشارع الذي بات أوتوستراداً يتسع لمرور ثلاث سيارات.
عفيف كشلي، غاليري شور، ناجي حلاّق، أسماء لمحلات تجارية، تتعرض الآن لخسوف كلي، لتحتل مكانها أسماء كثيرة، الطيب بيتزا، حلويات الزهراء، ممتاز باشا، الزعيم، مطعم فوول أوبشن، وامبراطور الفحم. أسماء تُلفت النظر حيث يمكن للعابر أن يستنتج مدى المرح الموجود بين أهالي المنطقة.
تحويلة الطريق هذه غيّرت تراتبية الأشياء والمشاهد، وكانت السبب في إزعاج البعض وتسلية آخرين. ورغم استيلائها على خمس وأربعين دقيقة من وقت سالكيها، إلاً أنها تنسيه، ولو لبعض الوقت، خط المزرعة، أحد خطوط التماس الجديدة التي بقي الجيش متمركزاً على مفترقها الرئيسي، للفصل بين «ميليشيات» بربور وطريق الجديدة.