strong>قرار مجلس الأمن 1757 أنشأ المحكمة الدولية الخاصّة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري تحت الفصل السابع، بعد تعذّر التوافق الداخلي اللبناني بشأن إقرارها. متحدثة رسمية باسم المحكمة تؤكّد أنها ليست سياسية، لكنها لا تحدّد موعداً لانطلاق عملها، بينما تُطرح أسئلة عن مصداقيتها، لأن اختصاصها يقتصر على نوع واحد من الجرائم«المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هي هيكل قانوني صرف، بعيد عن أي اعتبارات سياسية»، شدّدت المسؤولة الأممية راضية عاشوري، وأضافت أن «المحكمة أصبحت حقيقة ولا يمكن الرجوع عنها». جاء كلام عاشوري خلال اجتماع عقد أمس على شكل طاولة مستديرة، هي الأولى من نوعها التي تعقد في لبنان، شاركت خلالها متحدّثة رسمية باسم المحكمة الدولية الخاصّة بلبنان، «سعياً للإجابة عن أسئلة مهمّة عن الجدول الزمني لمسيرة المحكمة الأساسية وتكوينها»، بحسب نصّ الدعوة الصادر عن المركز الدولي للعدالة الانتقالية، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية. وحضر الاجتماع عدد من الإعلاميين. «المسؤولة الأولى للعلاقات في الأمم المتحدة ــ مكتب الشؤون القانونية» راضية عاشوري، لم تكن في حوزتها تواريخ محدّدة لانطلاق عمل المحكمة، فـ«هذا الأمر يعود إلى الأمين العام بان كي مون بالتشاور مع الحكومة اللبنانية»، ولم يُتّخذ حتى الآن القرار، لكن عاشوري حاولت التعويض عن عدم تحديد التواريخ بتقديمها صورة شاملة عن تقدّم التحضيرات والأعمال الإدارية.
أما رئيسة برنامج الادعاء لدى المركز الدولي للعدالة الانتقالية ماريكا فييردا فقدّمت دراسة، قارنت فيها المحكمة الخاصة بلبنان بمحاكم دولية أخرى، مثل محاكم يوغوسلافيا السابقة ورواندا وسييرا ليون الدولية. ولفتت إلى عدد من الفوارق الأساسية بين محكمة لبنان الدولية الخاصّة وتلك المحاكم، ومن تلك الفوارق الاختصاص والتمويل والموقع والإطار القانوني.
أين أصبحت المحكمة؟
أوضحت عاشوري أن قاضي ما قبل المحاكمة هو الذي يصدر قرار الادعاء بناءً على توصية المدعي العام. وأعلنت أن فريق الاختيار الذي يتألّف من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية وقاضيين دوليين، انتهى من عملية اختيار قضاة المحكمة الدوليين واللبنانيين، لكنها شدّدت على أن أسماء هؤلاء لن تعلن، حرصاً عليهم. وأشارت إلى أن الإعلان عن أسماء القضاة رهن بتقدّم الإجراءات الأمنية، وأن ذلك قد يتمّ في الأشهر القليلة المقبلة.
وعن الاجتماع الأول الذي يفترض أن يعقده القضاة، قالت إنها لا يمكنها تحديد تاريخه، ولكنها أشارت إلى أن هذا الاجتماع سيبحث في قواعد الأدلّة وإجراءاتها التي ستعمل على أساسها المحكمة. وفي هذا الشأن، أعربت رئيسة برنامج الادعاء لدى المركز الدولي للعدالة الانتقالية ماريكا فييردا عن تفضيلها بأن تعلن مسودة قواعد الأدلّة وإجراءاتها قبل إقرارها من القضاة، تماشياً مع محاكم دولية أخرى، ولفتح المجال أمام ملاحظات المراقبين المهنية بشأن عدالة تلك القواعد ودقّتها.
أما في ما يخصّ مساعد المدعي العام الدولي، الذي يفترض أن يكون من التابعية اللبنانية، فقالت المسؤولة الأممية إن الحكومة اللبنانية قدمت لائحة بعدد من المرشحين، وستُحسم هذه المسألة قريباً.
وذكّرت عاشوري بأن روبن فنسنت عُيّن مسجّل المحكمة الدولية الخاصّة، وقالت إنه سيبدأ عمله مع فريق عمله الأوّلي «قبل موسم الصيف». وبشأن التمويل أعلنت أنه جُمع 60 مليون و300 ألف دولار أميركي، وأنه «لا مشكلة في التمويل»، غير أن عدداً من المشاركين في الطاولة المستديرة رأوا أن مسألة تمويل الدول الأعضاء للمحكمة تخضع لحسابات تلك الدول السياسية.
وفي ما يخصّ تعيين رئيس مكتب الدفاع، ذكرت عاشوري أن الأمم المتحدة تمنح أهمية خاصّة لهذا المنصب، وأن هناك حاجة لتثبيت «توازن بين مكتب الدفاع ومكتب المدعي العام»، من أجل تأمين الهيكلية المناسبة لعمل المحكمة. يذكر أن رئيس المحكمة يقرّر تعيين رئيس مكتب الدفاع بحسب نظام المحكمة.
وعن الآليات الإعلامية للمحكمة أعلنت عاشوري أنه حُجز موقع على شبكة الإنترنت سيتضمّن كل الوثائق العلنية الخاصّة بالمحكمة، وقالت إن الموقع سيكون متوافراً قريباً دون أن تذكر موعداً محدّداً. وفي ما يتعلّق بالهيئة الإدارية للمحكمة التي تتألّف من الدول المانحة الأساسية، بالإضافة إلى لبنان وهولندا والأمم المتحدة، شدّدت عاشوري على أن لا دور سياسياً لها بل «يقتصر دورها على الأمور الإدارية».
أما في ما يتعلّق بمبنى المحكمة في ليدسكندام فقالت عاشوري إن التعديلات عليه لتحويله إلى محكمة بعد أن كان مستخدماً كمركز لأحد الأجهزة الأمنية الهولندية طفيفة، وإن ميزانية تجهيز المبنى ستقدّم إلى الهيئة الإدارية في نهاية شهر أيار المقبل.
وصفت عاشوري إقرار البرلمان الهولندي للاتفاق بين الأمم المتحدة وهولندا بشأن مقرّ المحكمة في ليدسكندام (إحدى ضواحي لاهاي) بـ«المسألة الشكلية»، لأن موافقة مبدئية هولندية رسمية سبقتها.
وأخيراً أكدت عاشوري أن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية «ليس على علم بتفاصيل التحقيقات التي تجريها لجنة التحقيق الدولية المستقلة».
العدالة لفئة دون أخرى؟
«نحن مهتمّون بكل الجرائم وليس فقط بجريمة واحدة، كما أن الجرائم الواسعة التي حصلت خلال الحرب يفترض الالتفات إليها» قالت رئيسة برنامج الادعاء لدى المركز الدولي للعدالة الانتقالية ماريكا فييردا. وعدّدت فييردا التحديات التي تواجهها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ومنها اعتبارها جزءاً من عدالة انتقائية، والانقسام بشأن المحكمة في المجتمع اللبناني كما الانقسامات الدولية. وذكرت أن اختصاص المحكمة المحصور بجريمة واحدة (وجرائم أخرى إذا ثبت تلازمها معها)، قد يخلق مناخاً يُعدّ فيه العدل مخصّصاً لفئة دون أخرى.
وفي مقارنتها بين المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ومحاكم دولية أخرى، أشارت فييردا إلى أن هناك مجموعتين من المحاكم، إحداهما تعمل وفقاً للقانون الدولي حصرياً، والأخرى تعمل وفق القانون الدولي والمحلي في آن واحد، وهي المجموعة التي تنتمي إليها محكمة لبنان. لكنها أضافت أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تختلف أيضاً عن المحاكم الدولية الأخرى في المجموعة نفسها، وخصوصاً في ما يتعلّق بانحصار اختصاص محكمة لبنان بجرائم اغتيال سياسية دون غيرها.
وفي قضية إقرار محكمة لبنان تحت الفصل السابع بحسب نصّ قرار مجلس الأمن 1757، لم تعلّق فييردا أهمية على ذلك، وقالت إن اللجوء إلى الفصل السابع تمّ لأجل تخطّي تعذّر توقيع اتفاقية دولية بين لبنان والأمم المتحدة.
(الأخبار)


قاضٍ تونسي رئيساً لمحكمة الحريري؟
نقلت وكالة «يو بي أي» للأنباء أمس، عن مجلة «حقائق» التونسية قولها «إن القاضي التونسي محمد اللجمي اختير ليكون عضواً في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان».
ولم تذكر المجلة التونسية مصادرها، واكتفت بالإشارة إلى أن القاضي التونسي محمد اللجمي هو الرئيس الأول لمحكمة التعقيب (الاستئناف). وإذا صح ما نشرته المجلة التونسية، فإن القاضي المذكور سيتولى رئاسة المحكمة الخاصة بلبنان، بحسب النظام الأساسي للمحكمة الملحق بالقرار 1757 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.
وكانت الحقوقية التونسية سهام بن سدرين قد أشارت في وقت سابق إلى أن السلطات التونسية قد تكون اقترحت اسم القاضي محمد اللجمي ليكون عضواً في هذه المحكمة التي يتوقع أن تباشر نشاطها قبل نهاية العام الحالي.
وبحسب بن سدرين، فإن القاضي محمد اللجمي «أكثر من زياراته إلى لبنان خلال الفترة القليلة الماضية، مما يؤكد صحة هذه الأنباء».