نادر فوزحصّنت القوات اللبنانية وضعها الداخلي خلال العامين الماضيين بعد الانكفاء الذي عانته نتيجة حظر عملها السياسي. وبعد ورشة الترميم التنظيمية منذ عام 2005، ثبّتت القوات موقعها داخل قوى 14 آذار لكونها الممثل الأقوى للمسيحيين، وخاصةً بعد انسحاب الطرف البرتقالي، فانطلق زعيمها سمير جعجع في جولة أولى له إلى الولايات المتحدة منذ الحرب الأهلية.
ليس لهذه الزيارة توقيت محدّد ومدروس، يقول مصدر مقرّب من القوات اللبنانية، بل «جاءت بعد نضج الأوضاع التنظيمية والخارجية مع قوى 14 آذار»، فكان انعكاس أهمية وجود القواتيين في الفريق الأكثري على القوى الدولية. ويشير المصدر إلى ما قاله أحد الحاضرين الأميركيين في اجتماع وفد القوات بأعضاء مجلس الأمن القومي الأميركي بأنه «توّجنا استقبالنا زعيمي 14 آذار، سعد الحريري ووليد جنبلاط، باستقبالنا وفد القوات اللبنانية ورئيس هيئتها التنفيذية». عن أهم الموضوعات التي طرحت خلال لقاءات الوفد القواتي بالمسؤولين الأميركيين، يؤكد المصدر أنّ الجميع شددوا على ضرورة إنشاء دولة فلسطينية، فـ«لا حلّ في الشرق الأوسط دون بتّ هذه المشكلة الجوهرية»، لافتاً إلى أنّ النقاش انحصر بالخطوط العريضة دون الخوض في سبل التوصل إلى حلول أو عرض آليات واضحة. كما طرح الوفد قضايا التوطين ومزارع شبعا والأسرى في السجون الإسرائيلية والسورية، فكان «إصرار جعجع على ضرورة حلّ هذه الأمور بالطرق الدبلوماسية» وهو موقف أعلنه زعيم القوات حول طاولة الحوار الوطني في آذار 2006.
أما عن الخلاصات السياسية التي نتجت من الجولة، فأهمّها «التأكيد على تناسب السياسة الأميركية مع المصالح اللبنانية»، بحسب المصدر، والنظرة الأميركية للبنان اليوم تختلف تماماً عمّا كانت عليه أيام الوصاية السورية.
وعن الوعود السياسية التي تلقّاها رئيس الهيئة التنفيذية، يشدّد المصدر على أنّ المسار السياسي الأميركي العام يكمل في الاتّجاه نفسه والخطوط العريضة موجودة ولم تتغيّر، لكن «أدوات تنفيذ هذا المسار تبقى رهناً بالعلاقات الدولية وكل المجتمع الدولي الذي يريد المحافظة على الخط السيادي اللبناني». وأكد المصدر أنّ الدعم الأميركي سيتركّز على مساعدة الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وتسليحهما، إضافةً إلى الدعم السياسي للحكومة والفريق الأكثري.
أما عضو كتلة القوات اللبنانية، النائب أنطوان زهرا، فيقول إن الجولة أضفت «جوّاً من الارتياح للموقف الأميركي الداعم للبنان والتأكّد من النظرة الداعمة للبنان الدولة والوطن والمؤسسات». ورأى أنّ الزيارة جاءت نتيجة حالة الهدوء السياسي الداخلي و«سيطرة الستاتيكو على الوضع، بحيث لم يجبرنا أي حدث على البقاء لمتابعته عن كثب».
وأكد زهرا أنّ قضية سلاح حزب الله لم تطرح خلال اللقاءات مع الأميركيين، «فهذا موضوع يبحث بضمان رئيس الجمهورية»، لافتاً إلى أنّ الحلول الداخلية، ومنها الاقتراح الحواري الأخير للرئيس برّي، لم تعد نافعة «وخاصةً أنّ الحوارات السابقة كانت استهلاكاً للوقت ولم تؤدّ إلى النتائج المرجوّة». وعن مناقشة الأوضاع السياسية والأمنية في لبنان وجواره، لفت زهرا إلى أنّ الأميركيين لا يناقشون استراتيجياتهم مع قوى سياسية أخرى، فـ«عند هذه الموضوعات، لا حسابات أخرى غير المصالح الأميركية العليا».