عفيف ديابيرمي الموالي السابق الجريدة بعصبية أمامه على طاولة مكتبه، على جاري عادته منذ أشهر، فـ«لم نعد نجد أي طعم لتصريحات السياسيين. صارت تصريحاتهم مملة ومستنسخة وتصيب المرء بالغثيان. لقد تدنى مستوى الخطاب السياسي وأصبح نواب الغفلة يقررون مصير البلاد والعباد». الموالي السابق لم يستطع أن يجد نفسه في المعارضة، وهو يمضي جل وقته في قصره الجبلي، مفضّلاً المشي في الحديقة. لقد ترك منذ أكثر من سنة فريق «ثورة الارز» التي «أصبحت من الماضي، ولا أدري ما إذا كان التاريخ سيكتب عنها حرفاً واحداً لمصلحتها. لقد أصبحت مثل الطفل اللقيط».
يرتشف الموالي السابق قهوته المعدّة بعناية خاصة. يطلب من مرافقه أن يحضر له سيكاراً من الصالون الواسع الفسيح جداً، الذي كان في زمن الانتخابات النيابية يتحول إلى قاعة تغص بالأنصار والمستفيدين، وسرعان ما غابت وجوههم بعد «أفول نجمي من السلطة» يقول. ويتابع ضاحكاً: «من حسنات الأخطاء التي ارتكبناها كقوى سياسية وحزبية ورجال سلطة، أن الناس أصبحوا يعرفون من أين تؤكل الكتف. والأهم من ذلك أن الناس لا يصدقون ما يقال لهم».
يعدد «الزعيم» السابق الذي كان القرار السوري قد نصّبه وزيراً ونائباً، وكان يتقن تدوير الزوايا والملفات والقضايا الشائكة والمعقدة والخلافات بين «أبناء الصف الواحد، أخطاء أو «خطايا» فريق الرابع عشر من آذار، فهم، حسب رأيه، «أصبحوا أسرى قرارات عربية ودولية ويفتقرون إلى حس المسؤولية والانتماء الوطني. في مرحلة حكمنا وإدارتنا للبلاد، كنا قد رضخنا جميعنا لقرار خارجي واحد هو القرار السوري، وكنا موالاة أو معارضة قبل عام 2005 نعمل تحت السقف السوري. اليوم للأسف تعددت مصادر القرار ولم اعد أفهم ماذا يجري في لبنان»!
ويضيف الموالي السابق بعد أن يدعونا للمشي في أطراف حديقته: «مسكين (النائب) سعد الحريري. لقد جاء في ظرف صعب جداً ووجد نفسه فجأة بين حيتان السياسة وتقلبات المواقف في لبنان. أتمنى عليه أن يقرأ جيداً مرحلة والده، وكيف كان يتعرض للطعن يومياً من أشخاص هم اليوم أولو الأمر في قصر قريطم وغيره من القصور. وصدقني، إن بعض قادة الموالاة ينتظرون غمزة من سوريا حتى يهرولوا إلى دمشق. أعرفهم جميعهم، وأعرف أسرارهم وأعرف كم سال حبرهم في تقارير كانوا يرفعونها إلى هذا الضابط السوري أو ذاك، ولا أدري كيف سيحقق هؤلاء السيادة والاستقلال».
ويضيف: «وأنا هنا لا أقول إن بعض من في المعارضة هم أحسن حالاً أو قرارهم وطني ونابع فعلاً من مصلحة وطنية. فالموالاة والمعارضة وجهان لعملة واحدة».
ويختم الموالي السابق: «لقد تعلمت كثيراً من وجودي في السلطة والشأن العام. وها أنا اليوم متقاعد حتى الرمق الأخير، فالثقة بإخواننا في الموالاة أصبحت مفقودة، وأتمنى ألّا يفقد الشعب اللبناني ثقته بالمعارضة».