strong>رئيس الحكومة انتقل إلى الإمارات: الحوار لا يكون إلا برئاسة رئيس الجمهوريّة
عاش لبنان لساعات من دون أيّ رئيس، فالأول ما زال مفقوداً، والثالث يتابع جولة «العلاقات اللبنانيّة ــ السوريّة»، فيما زار الثاني دمشق، أمس، بادئاً رحلة
البحث عن تركيبة «س.س» التي يرى فيها الترياق لمعالجة الداء اللبناني

خطف رئيس مجلس النواب، نبيه بري، الأضواء من جولة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة العربية، بزيارته أمس لدمشق، حيث استقبله الرئيس السوري بشار الأسد لمدة ساعتين، في حضور نائبه فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم ومعاون بري السياسي النائب علي حسن خليل. قبل أن تستكمل المحادثات بين بري والشرع في حضور المعلم وخليل ومعاون الشرع محمد ناصيف.
وذكرت وكالة «سانا»، أن الأسد أكد تأييد بلاده «للحوار بين اللبنانيين ودعمها للتوافق الوطني كسبيل وحيد لحل الأزمة اللبنانية»، معرباً عن استعداد سوريا «التي تترأس القمة العربية لتقديم كل مساعدة ممكنة يطلبها الأشقاء اللبنانيون من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في لبنان».
وقال بري بعد اللقاء: «بكلمة واحدة أقول لأهلنا في لبنان والعرب والعالم، إن الإخوة في سوريا ليس لديهم أي شرط على الإطلاق على توافق اللبنانيين في ما بينهم، وهم مستعدون لكل مؤازرة تطلب منهم». ووصف الزيارة بأنها «ناجحة وأعطتني زخماً جديداً ودفعاً في سبيل الحوار» حول الحكومة وقانون الانتخابات بعد الاتفاق على الرئيس التوافقي، حسبما قال. وأعلن رسمياً إطلاقه مبادرة الحوار.
وحول زيارته إلى السعودية، لفت أولاً إلى أن لكل من سوريا والسعودية تأثيراً على الحلفاء، ثم قال: «لقد عوّلت على هذا الأمر قبل القمة التي عقدت في دمشق، وكنت آمل أن يصدر حل من القمة، ومع الأسف حصل الغياب اللبناني عن القمة العربية، وبالتالي لم يتمّ التطرق إلى الموضوع اللبناني ولم يحصل حل لهذه النقطة، لذلك أردت عبر الحوار إكمال المبادرة العربية التي انطلقت أصلاً من الحوار اللبناني ـــــ اللبناني بمعنى التشعبات الثلاثة: انتخاب رئيس جمهورية، حكومة وحدة وطنية وقانون الانتخاب».
وقد وصف نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، الزيارة بأنها «مهمة»، معرباً عن اعتقاده بأنه «لو أتيحت لبرّي فرصة تحقيق الحل لتحقق منذ وقت طويل، ولكن الجهات الأخرى تسعى إلى عدم الوصول إلى حل». وقال إن جولة السنيورة «محاولة يائسة لفرض الأجندة الأميركية وخلق أجواء تضليلية على الساحة اللبنانية بأنه يتحرك لإيجاد حل للأوضاع القائمة».

السنيورة: الحوار الحقيقي في المجلس
في هذا الوقت، انتقل السنيورة أمس إلى الإمارات والتقى وزير خارجيتها عبد الله بن زايد، على أن يلتقي اليوم رئيسها خليفة بن زايد آل نهيان، ثم يزور السعودية وقطر في اليوم نفسه. وقد اتصل برئيس الحكومة الإيطالية المستقيلة رومانو برودي وعرض معه التطورات.
وكان السنيورة قد اختتم زيارته إلى القاهرة بلقاءات مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ومستشار الرئيس السوداني مصطفى عثمان اسماعيل، ورئيس مجلس الشعب المصري أحمد فتحي سرور ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط. وعقد وموسى مؤتمراً صحافياً مشتركاً، استهله الثاني بالإعلان عن اتصالات ستجرى مع مختلف الدول العربية «للمساعدة في الحركة العربية المتناسقة والعمل على حل المشكلة اللبنانية» و«العلاقة السورية ـــــ اللبنانية». ونفى وجود طلب رسمي لعقد مؤتمر لوزراء الخارجية العرب.
أما السنيورة، فأكد على مطلبه بدور عربي «في معالجة مشكلة الصدع الذي يعتري العلاقات اللبنانية ـــــ السورية»، وقال: «إننا نسير في الاتجاه الموصل إلى عقد» الاجتماع الوزاري. ورفض ما وصفه بـ«تكبيل» انتخاب رئيس للجمهورية «بشروط مسبقة من هنا وهناك، كأنها عملية سباق الحواجز، فكلما اجتزنا حاجزاً نجد حواجز إضافية». ورأى أن مواجهة إسرائيل لا تكون «باختلاق معارك جانبية وعبر الوجود في شوارع مدينة بيروت». واتهم سوريا بطريقة غير مباشرة بـ«بخطف لبنان والاحتفاظ به رهينة، على أمل الحصول على فدية».
وتبنّى موقف الأكثرية من دعوة بري إلى الحوار بالقول «إن الحوار الحقيقي يكون في مجلس النواب المقفل منذ 17 شهراً»، وإن رئيس الجمهورية «هو الذي يرأس هذا الحوار، فلا يمكن أن يكون هناك طرف يرأس جلسة الحوار». وأعلن أنه لا اتصالات حديثة بينه وبين الإدارة الأميركية، و«آخرها كان ما جرى مباشرة عقب اجتماع الجامعة العربية». ونفى أن يكون قد طلب من ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن الضغط على سوريا في حال فشل المبادرة العربية. كما نفى أن تكون الأكثرية تستقوي بالغرب ودول «الاعتدال العربي» على سوريا، «بل نلجأ إلى أشقائنا العرب لحل مشاكلنا وقضايانا مع السوريين»، وقال: «لبنان مظلوم من سوريا، ونحن نريد حلاً لهذه المسألة ولا نتجنّى على الإطلاق».
ولاحقاً، أعلن المتحدث الرئاسي المصري سليمان عواد، أن الاجتماع الوزاري الذى دعا إليه السنيورة يحظى بمساندة مصر، و«لكن لا بد من الإعداد الجيد له بما يكفل انعقاده ليحقق نتائج تؤدي إلى تحريك الموقف وإنهاء الأزمة الحالية في لبنان». فيما نقلت وكالة «يو بي آي» عن دبلوماسي عربي أن المشاورات المبدئية «تشير إلى احتمال عقد الاجتماع الوزاري في شهر حزيران المقبل»، وأضاف أن الدول العربية ترغب في انتظار ما سيسفر عنه تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.وفي بيروت، وصف النائب ميشال المر، بعد استقباله سفيرة بريطانيا فرنسيس ماري غاي، تحرك بري بأنه أهم من عقد الاجتماع الوزاري العربي، متوقعاً حواراً مفيداً بعد هذا التحرك. وقال إن بري لا يذهب إلى دمشق والرياض من أجل المصالحة، بل «ليأخذ وجهة نظر معينة منهما. فإذا تمكن من إيجاد نقاط مشتركة بين الفريقين فسنصل عندها إلى حلول دون أي شك». وقال إن «الجو الأميركي مشجّع للحوار في ما يعود إلى انتخاب الرئيس وعملية الانتخابات المقبلة». وإذ وصفت غاي الوضع بأنه «سيئ»، قالت إن البحث مع المر تناول «اقتراح الرئيس بري إعادة فتح الحوار الوطني، وجولته في البلدان العربية والنتائج الإيجابية المتوقعة قبل 22 من الشهر الجاري».
كذلك أبدى نائب وزير خارجية النروج ريمون يوهانسن، الذي زار الوزير المستقيل فوزي صلوخ، النائب ميشال عون والعلّامة السيد محمد حسين فضل الله، قلقاً كبيراً من حال المراوحة، معلناً دعم بلاده القوي للمبادرة العربية، وأمل «أن يكون هناك عدد كاف من السياسيين الذين يتمتعون بالجرأة».
كما جالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية أنجيلا كاين، على صلوخ ووزير الدفاع الياس المر، مؤكدة أن اليونيفيل تراقب عن كثب الوضع في الجنوب والمناورات الإسرائيلية، وقالت إن لبنان على جدول أعمال مجلس الأمن و«المجتمع الدولي مهتم جداً بالوضع اللبناني ويتابعه بشكل دائم وثابت». وتوقعت إعلان اسم خلف غير بيدرسون «في غضون أسبوعين أو ثلاثة». وكان صلوخ قد أبلغها أن المناورات الإسرائيلية «أعمال ترهيب للبنان، ما يخالف القرار 1701»، وأن «استمرار احتلال إسرائيل للجزء الشمالي من قرية الغجر خرق موصوف لهذا القرار»، كما شدد على أهمية تحرير مزارع شبعا لتعزيز الأمن والاستقرار.
إلى ذلك، تواصلت سجالات الموالاة والمعارضة، فحدد النائب وائل أبو فاعور، بعد زيارته بكركي أمس، أولويات «يجب أن تكون المقدمات لأي حوار مستقبلي»، هي: انتخاب رئيس وفتح أبواب المجلس النيابي ومصير مقررات الحوار السابقة، ومنها بند الاستراتيجية الدفاعية. وقال إن مبادرات المعارضة «طروحات ابتزازية لتقطيع الوقت». وغمز رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية، في كلمة وجهها عبر الهاتف أثناء غداء لقطاع الشؤون النقابية والمهنية والعمالية في القوات، من قناة شعبية التيار الوطني الحر بالقول «إن جماعة الذين كانوا 60 و70 في المئة أصبحوا 20 أو 30 في المئة». ورأى أن من المستحيل «ألا تنتصر الحرية والديموقراطية والتطور على التخلف والغباء والإرهاب»، مضيفاً أن لبنان «يسير باتجاه التاريخ، وكل من يسير باتجاه التاريخ ينتصر، ومن يعاكسه ينهزم، فالاتحاد السوفياتي خسر من دون أن يحتله أحد لأن نظامه وعقيدته بعكس اتجاه التاريخ، والجماعة التي تواجهنا اليوم ستخسر لأن عقيدتها ومشروعها السياسي بعكس اتجاه التاريخ».

تكتّل التغيير يهاجم رفض المبادرات
وإثر اجتماعه، أمس، برئاسة عون، هاجم تكتل التغيير والإصلاح «إمعان فريق الموالاة في نهج المماطلة والتمييع وإجهاض كل المبادرات رغم التنازلات التي قدمتها المعارضة»، مشيراً في هذا الإطار إلى «الردود المتناقضة والمتباينة وغير الواضحة» على الطرح الأخير لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ومعتبراً ذلك «استباقاً لموقف المعارضة الرسمي منه، ما يؤكد عدم رغبة الموالاة في التوافق على أي طرح يمكن أن يشكل خرقاً إيجابياً في جدار الأزمة القائمة». ورأى أن مقاطعة قمة دمشق ثم السعي إلى اجتماع وزاري عربي «يمثل طلب الشيء وعكسه في آن واحد، لأن ما لم تسعَ هذه السلطة لتحقيقه على مستوى قمة الملوك والرؤساء لن ينجح في تحقيقه لها لقاء على مستوى الوزراء». ورحّب بأي دعوة إلى الحوار «على أن يكون هدفه واضحاً وبنوده محددة والالتزام بتنفيذ ما ينتجه من اتفاقات وتفاهمات حاسماً وصادقاً وجدياً، وغير مشروط بموافقات أو تسويات خارجية».
وإذ نبه الوزير المستقيل محمد فنيش إلى أن «كل الرهانات على الخارج لا تخدم مصلحة البلد، وهي محاولة للهروب إلى الأمام»، حضّ على الجلوس إلى طاولة الحوار للاتفاق على قانون الانتخاب، معتبراً أن «إجراء الانتخابات لا يمكن أن يكون إلا بحكومة انتقالية، بعيدة عن الانتماءات السياسية».
على صعيد المناورات الإسرائيلية، لفت مسؤول منطقة الجنوب في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، إلى أنها «تنفذ بالتعاون والتنسيق الكامل بين جيش العدو والأساطيل الأميركية قبالة الشاطئ اللبناني»، واضعاً ذلك «برسم فريق الوصاية الأميركية في بيروت، وبرسم الذين شكروا الأساطيل والمدمرات الأميركية»، وسأل: «هل على هذا رحّب فريق الوصاية». ورأت قيادتا حزب الله وحركة أمل في الجنوب أن خلفية هذه المناورات عدوانية وتعكس استعداد العدو و«نواياه المبيّتة للثأر من هزيمته في حرب تموز». وبينما نبّه الأمين العام لحركة التوحيد الشيخ بلال شعبان إلى أنها «ليست لشن حرب على سكان كوكب المريخ قطعاً، بل هي استعداد لعدوان جديد على لبنان وكل الدول المحيطة»، رأى النائب السابق ناصر قنديل «أن الطريق الأقصر للمناورة التي تناسب وضع إسرائيل اليوم هي التدرب على كيفية إخلاء ديمونة والمصانع الكيميائية في حيفا، لأن الأسباب التي أرادتها إسرائيل لحياتها وقوّتها ستتحول إلى أسباب لموتها وفنائها».