نغم جونيلم تكن زينب غندور على علم بأن إحدى كافيتيريات الفرع الخامس في الجامعة اللبنانية في صيدا تخضع لمراقبة إحدى الكاميرات المعلّقة في زاوية ما، فهي المرة الأولى التي تدرك أن طاولتها وطاولات زملائها الجامعيين تخضع للمراقبة. بيد أن الأمر لم يُحدث لديها أي امتعاض، لأن «هذا أفضل، كي لا يحدث شيء هيك هيك، عبطة أو مسكة إيد بين الشباب والبنات»، على حد تعبيرها، إذ سبق لها أن رأت مثل «تلك الأمور في أحد المقاهي. وعلى الرغم من أنني فتاة ملتزمة، هذا لم يمنعني من ارتياده لأنني واثقة من نفسي وأعرفها تماماً».
ومع ذلك، أثارت فكرة وضع كاميرات مراقبة في كافيتيريات الجامعة اللبنانية في صيدا استغراباً لدى العديد من الطلاب، لكن، وإن كان البعض قد اعتاد عليها، فإنها باتت تمثّل عامل «ضبط للحرية» لدى البعض الآخر.
ويبرر صاحب إحدى هذه الكافيتيريات ما قام به، بعدم إمكان وجوده في الطبقتين اللتين تتألف منهما الكافيتيريا «لمنع أي من التصرفات اللاأخلاقية التي قد تراود البعض؛ فهذا المكان مصدر رزق، أعتاش منه، وبالتالي همّي المحافظة على سمعة عملي، لكي لا أقفل باب معيشتي. وقد لاحظت أنه بعد وضع الكاميرات لم تتدن نسبة توافد الطلاب إلى الكافيتيريا». ويؤكد أن عملية وضع كاميرات مراقبة حدّت «نحو 90 في المئة من أي تصرفات غير مقبولة»، مشيراً إلى أن الكاميرات ليست مبرمجة لتسجيل الصوت أو الصورة.
وترى الطالبة حنان حمدان «أن الكافيتيريا المراقبة أفضل بكثير من غيرها. فقد دخلت مرة إلى إحداها وهي الآن مقفلة، ولم يعجبني توزيع الغرف، ولم أعاود الذهاب إليها». وتؤْثر الطالبة نسيبة حسون «أن تكون جميع الكافيتيريات مراقبة للحفاظ على سمعة الجامعة. فبعض الأهل يمنعون بناتهم من الذهاب إلى الجامعة بسبب ما يسمعونه عن بنات الكافيه».
في المقابل، لم تؤثر الفكرة على الطالب في العلوم الاجتماعية علي إسماعيل «لأنني لا أقوم بعمل مناف للقيم الاجتماعية. حركات الشباب والبنات في الكافيتيريات الأخرى لا تمنعني من الذهاب إليها، لأني شاب وما بتفرق معي. والفتاة إذا أرادت المحافظة على نفسها، عليها ألا تتردد إلى مثل تلك الأمكنة».
أما الطالبة زينب مكي، فباتت على علم بوجود الكاميرات، «ويزعجني الأمر كثيراً لأنها تقيّدني ولا تشعرني بالراحة حتى عند تناولي الطعام، لكن الأمر لم يمنعني من التردد دائماً إلى الكافيتيريا المراقبة، فقد اعتدت على الفكرة». من جهته، لا يحبّذ سامي فكرة وجود الكاميرات، فهي مقيّدة لحريته و«بالنسبة إليّ، بعض التصرفات التي يقوم بها بعض الأصحاب من الطلاب، من الجنسين، عادية جداً، وما الغريب إذا «عبط» أحدهم زميلته أو بالعكس، على الرغم من أن البعض قد يتقبّل الفكرة؛ فمن يرد أن يقوم بأكثر من ذلك فلديه ألف مكان ومكان لا في الكافيتيريا وأمام أعين الجميع. لذلك، أستغرب أن أجلس أو أقعد، لأي سبب كان، وهناك كاميرا تقوم بتصويري والحد من حريتي».
يذكر أنّ هناك 9 كافيتيريات تنتشر في محيط الجامعة اللبنانية في صيدا، كلها خارج الحرم الجامعي، ولا تقوم بالتنسيق مع إدارة أي فرع منها، مع العلم أن واحدة كانت سابقاً داخل مبنى الفرع الخامس، وأقفلت لتستخدم غرفها قاعة للجامعة. وبالرغم من أن موضوع تركيب كاميرات المراقبة صار مدار أخذ ورد، بين رافض ومرحّب، بيد أن الجميع لا يمكنه التأثير على أصحابها، لكونها لا تخضع للأملاك العامة، وبالتالي لا ملاذ غيرها للترفيه خارج إطار الدرس والملعب.