ثائر غندورتراقب المعارضة «تراجع المشروع الأميركي، رغم أنه ما زال قادراً في الشهرين المقبلين على الحسم أو التسوية، وإذا دخل تسوية مع النظام السوري فستكون على حساب حلفائه في لبنان. وفي هذا الوقت فإن الأوروبيين الذين يقتربون اقتصادياً من الروس يحضّرون أنفسهم لأداء دورٍ ما لم يبلوروه بعد، وذلك بعد أن تدخل السياسة الخارجيّة الأميركيّة في الموت السريري في انتظار انتخاباتها الرئاسيّة» بحسب ما يقول أمين سرّ تكتّل الإصلاح التغيير النائب إبراهيم كنعان بعد عودته من زيارة لفرنسا، الذي لا يتناقض معه في التحليل رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، علي قانصو، ولا مسؤول العلاقات السياسية في التيار، جبران باسيل. ويقول كنعان إن كل المبادرات التي طُرحت لبنانياً في السابق، عربيّة كانت أو أوروبيّة، توخّت إمرار الوقت والحفاظ على «الفوضى المنظّمة». وهو لا يريد القول إن المبادرات الآتية ستوضع في هذه الخانة، لكن حديثه يوحي أن حالة الانتظار ستطول إلى ما بعد دخول الخارجيّة الأميركيّة في حمى الانتخابات وخروجها منها.
ويرى أن الكواليس الأوروبيّة بدأت تبحث عن موقعٍ متميّز لها تحت العباءة الأميركيّة. ويدافع كنعان عن نظريّته بأن روسيا الاتحاديّة تُحضّر نفسها مع أوروبا لأداء دور مهم في المنطقة، ويستدل على ذلك بالتقارب الكبير على المستوى الإقتصادي.
وكانت صحيفة «فايننشال تايمز» قد كشفت عن وثائق أعدّها الاتحاد الأوروبي لحكومات أعضائه، نصّت إحداها على أنّ «روسيا شريك في مجالات متعدّدة، غير أنّها من الأرجح ستبقى منافساً أو حتّى خصماً، في مجالات أخرى». وعلى المستوى السياسي يتحدث كنعان عن اليقظة الروسية، ويستخدم عبارة قديمة ليؤكّد أن هذا الأمر سيحصل وإن تأخّر قليلاً بالقول: «روسيا راجعة مثلما كان عون راجعاً».
خرج كنعان بهذه الخلاصات بعد زيارته الأوروبيّة. ولكن أيام السفر هذه أوقفت حواراً كان قد بدأ بينه وبين المطران بولس مطر، وأدى إلى عقد لقاء جمعهما إلى الجنرال ميشال عون والنائب السابق سليمان فرنجيّة. وبعد انتهاء الزيارة، عاد الحوار بين الرجلين للتوصل إلى اتفاقات تبت ما تم التوصّل إليه، وأهمها ثلاث قضايا: تأكيد البطريركيّة المارونيّة أنها ليست جزءاً من لعبة المحاور، وأنها لا تعدّ الكلام الأميركي مقدّساً، ورفض البطريرك صفير توسيع الحكومة حتى لا يؤدّي إلى تكريس إلغاء دور رئيس الجمهوريّة، وعودة صفير إلى التمسّك بقانون القضاء الانتخابي حتى تقديم قانون انتخابي آخر يؤمّن حقوق المسيحيين.
وفي تفاصيل هذه النقاشات، قال العونيون للكنيسة إن الهدف ليس وضع مسيحيين في السلطة، إذ إنه في عز الوصاية السوريّة بقي التمثيل مناصفة، لكنّ الأساس هو وجود مسيحيين مستقلين بآرائهم السياسيّة. وينفي كنعان ما أُشيع عن أن صفير سيترك كرسيه لثلاثة مطارنة، ويؤكّد أنه سيبقى في كرسيه، ويشير إلى أن الهجوم السياسي على الكنيسة يتناقض مع المطالبة بعدم تدخّل الكنيسة في الحياة السياسيّة. ويُضيف أنه لو كان صفير في وارد الاستقالة لتقدمّه في السن، لأحجم بعد الهجوم الذي تعرّض له.
كنعان ليس منغمساً في العلاقات الداخلية للمعارضة. ويقول إن الاتفاق الاستراتيجي لا يلغي الاختلاف على التكتيكات السياسيّة.
ما لا يقوله كنعان يقوله عوني آخر يرفض كشف اسمه، عند سؤاله عن العلاقة بين تياره والحزب السوري القومي الاجتماعي، إذ يلفت إلى أن التحالف الانتخابي في المتن قد يشمل القومي كما شمل المرّ سابقاً.
رئيس القومي علي قانصو لا ينفي ولا يؤكّد الكلام الانتخابي، ويقول إن وضع المعارضة جيد، والعلاقة مع التيار الوطي الحرّ موجودة، وإن لم يلتق مع جنرال الربية. وعن عدم إعلان المعارضة وثيقتها، لفت إلى أن النقاش يدور حول حجم لجنة المتابعة (التي يُفترض أن تصوغ الوثيقة)، إذ يقول البعض إنها ستكون من ستة أعضاء، وآخرون يطالبون بعشرة، وبعض آخر بخمسة عشر عضواً. ويؤكّد مسؤول العلاقات السياسيّة في التيار جبران باسيل أن العلاقة مع القوميين «عاديّة، فلا قطيعة ولا علاقة استثنائيّة».