strong>رئيس المجلس يردّ على كوشنير وحزب اللّه يتّهم فرنسا بإخفاء «الشاهد الملك»
وأخيراً عادت الحرارة إلى خط عين التينة ــ قريطم، ولكن عبر سجال غير مباشر، عنوانه الأبرز بدء تشكيك «مستقبلي» في رئاسة نبيه بري لمجلس النواب، فيما لا يزال «الشاهد الملك» مفقوداً، والمشهد العام مفتوحاً على كل الاحتمالات

مع اشتداد حدة القصف الأكثري على مبادرة الرئيس نبيه بري الحوارية، لاحت أمس شبه مبادرة انفتاحية للرئيس أمين الجميل الذي زار عين التينة، ثم انتقل للقاء النائب وليد جنبلاط. وفيما لفت بري إلى أنه «لم يكن هناك موقف موحَّد في كل الآراء، بل في بعضها، الأمر الذي يؤكد ضرورة الحوار بين اللبنانيين واستمراره حتى الوصول إلى النتائج المتوخاة»، قال الجميل إن اللقاء سادته الصراحة والتفاهم في كثير من الأمور، وكانت نهايته «بنّاءة، ويمكن أن نبني عليها في المستقبل القريب». وقال إن انتخاب رئيس للجمهورية أولوية مطلقة، داعياً إلى التركيز على هذا الانتخاب «بمعزل عن الشروط»، ومشيراً إلى أن الرئيس الجديد «كفيل بتأليف الحكومة». ورأى أن «مسار المبادرات على أنواعها لم يؤدِّ إلى نتيجة»، وأن أي حوار «لا يكون هادفاً وله آلية واضحة وفيه تأكيد أننا نريد أن نصل إلى نتيجة، يكون ذا نتائج عكسية ولن يجدي نفعاً». وخلص إلى القول: «الأنسب أن يكون مركز الحوار هو رئاسة الجمهورية».

ردود على كوشنير واختفاء الصدّيق
على صعيد آخر، أثارت مواقف وزير الخارجية الفرنسي واختفاء محمد زهير الصديق من فرنسا، جملة ردود فعل، أبرزها من بري الذي رد على كوشنير بالقول: «مَثَل فرنسي يقول: بعد ربع قرن من صداقة بين اثنين، لا بد أن يخون أحدهما الآخر، وقد فعلت. كان بإمكانك أن تسأل سفير فرنسا في لبنان، أندريه باران، لتتأكد من أنني لم أطلب موعداً لزيارة فرنسا، ولا نية لي حالياً، ولا سيما أن سعادة السفير أكد لي احترام فرنسا للحوار الذي أدعو إليه، فهل يفعل ذلك من يرقص على حبال خارجيتها؟».
وقال النائب حسن فضل الله إن كوشنير «اعتاد تقديم «وصفات» غير مبنية على تشخيص صحيح، وفي غير محلها، فقد كان حرياً به أن يبيِّن لنا موقع فرنسا ودورها في معالجة القضايا العالقة بدل وصفاته التي تؤدي إلى تأزيمها وزيادة تعقيدها، وأن يكشف عن الأسباب الحقيقية التي دفعت إلى إخفاء «الشاهد الملك»... ولماذا رفضت فرنسا تسليمه للسلطات اللبنانية رغم المطالبة به عدة مرات؟... فهل يظن السيد كوشنير أن تأسفه على الإخفاء وقوله عدم امتلاكه معلومات عن ذلك يجعل العالم يصدق أن الصدّيق اختفى من دون علم سلطات بلاده التي تخضعه لحمايتها ورقابتها المشددة؟». ورأى أن هذا الموضوع «يطرح تساؤلات كبيرة على فرنسا» منها: «هل لدى فرنسا معلومات تؤثر على مسار التحقيق ويجري إخفاؤها؟ وهل من تواطؤ مع أطراف محلية لها مصلحة في صرف التحقيق عن مساره لمنعه من الوصول إلى الحقيقة المنشودة؟».
واللافت أن الرد على فضل الله جاء على لسان النائب أنطوان أندراوس، الذي اندفع «إلى لفت نظر الزميل فضل الله وقيادته في «حزب الله» إلى أن الدولة الفرنسية مشهود لها بأنها دولة الحريات وحقوق الإنسان، ولم يسجل في تاريخها أنها تخطف الناس وتخفيهم، خلافاً لما عرف ويعرف يومياً عن الأنظمة الحليفة لـ«حزب الله»، التي يقبع في سجونها العديد من أصحاب الرأي وعشرات المخطوفين اللبنانيين وعدد كبير من الشهود المخطوفين والمطلوب شهادتهم في عدد من القضايا الإرهابية الدولية».
وإثر زيارته لنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان، قال النائب علي حسن خليل: «لننتظر كيف سيبدل الوزير كوشنير موقفه، أو كيف سيوضح هذا الموقف». وأوحى بعدم وجود موعد لزيارة بري للسعودية بالقول: «حتى الآن، لا جدول زيارات خارجية للرئيس بري». ورد على قول رئيس الحكومة إن بري طرف، بدعوته إلى «أن يتحول إلى رئيس للحكومة، لا أن يكون ممثلاً للأكثرية في هذه الحكومة».
وكان بري قد التقى أيضاً وفداً من الكتلة الشعبية برئاسة النائب إيلي سكاف، الذي أعلن أن رئيس المجلس والمعارضة والكتلة يتبنَّون طرح سليمان فرنجية بتلازم قانون 1960 وانتخاب رئيس، مقابل التخلي عن الحكومة. كما أعلن تبني الكتلة لمبادرة بري الحوارية «التي تبقى أفضل من لا شيء».
في هذا الوقت واصل رئيس الحكومة جولته العربية، فالتقى في قطر أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في حضور وزير الدولة للشؤون الخارجية أحمد المحمود، والوفد اللبناني المرافق. وبعد اللقاء قال إن جولته ستشمل «كل» الدول العربية، معلناً أن موضوع عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب لـ«معالجة العلاقات اللبنانية ـــــ السورية» لا يزال في مرحلة التشاور، «وموضوع تحديد الموعد سيكون نتيجة ما نقوم به من مشاورات». ونفى وجود علاقة لجولته بجولة بري «فهذا متاح له». لكنه واصل هجومه على دعوة الأخير إلى الحوار، رغم حديثه عن «نوع من تحوير» لكلامه، و«ليكن واضحاً»، جدد القول، إن «مَن يرأس الحوار في القضايا الهامة والأساسية هو رئيس الجمهورية... ولا يمكن طرفاً ما، وهو يقول إنه شيخ المعارضين (عن بري)، أن يقول إنه سيرعى الحوار». وسأل: «على ماذا سيكون الحوار؟»، موحياً بعدم وجود خلاف، فـ«هناك توافق على مرشح رئاسي» وعلى «تأليف حكومة وحدة وطنية بعد انتخاب رئيس للجمهورية»، و«المبادرة العربية تقول إن الأكثرية لا تحصل على أكثر من النصف... وألا تكون للأقلية القدرة على التعطيل». وفي ما يتعلق بقانون الانتخاب «أعتقد أن هناك توافقاً بين اللبنانيين عبّرت عنه أكثر من جهة، وهو دعم الدائرة الصغرى».
ومن الدوحة انتقل السنيورة إلى البحرين، حيث التقى ملكها الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، بحضور ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة وعدد من المسؤولين. ثم التقى نظيره البحريني خليفة بن سلمان آل خليفة بحضور نائبه محمد بن مبارك آل خليفة والوفد اللبناني المرافق.

قريطم ــ عين التينة من باريس وبيروت
ومن باريس أعلن نائب رئيس مجلس النواب، النائب فريد مكاري، في حديث إلى «صوت لبنان»، أنه اشتاق إلى البرلمان «المقفل»، وقال إن الحوار الذي يدعو إليه بري «غير مقبول، ليس فقط للأكثرية، بل لأغلبية الناس التي تفكر بالطريقة المنطقية»، مطالباً بأن يكون رئيس الجمهورية المنتخب هو الراعي للحوار «وليس طرفاً من الأطراف». ورأى أن الدعوة إلى الحوار هي «لتخفيف الضغط العربي والدولي عن سوريا». واستغرب أن «يطلب الرئيس بري زيارة برلمانات أوروبية أو عربية ويحضر اجتماعات اتحاد برلمانية»، قائلاً إن ذلك «تحدٍّ لمشاعر جميع النواب اللبنانيين واستغباء للمجالس النيابية في أي بلد كان».
وعزا خليل كلام مكاري إلى النائب سعد الحريري، قائلاً: «كلام السيد النائب نيابة عن زعيمه حول الاستغراب والمسموح في عمل المجلس النيابي، يدعونا إلى القول إن ما هو غير مسموح ومستغرب بقاء حكومة مغتصبة للسلطة وفاقدة للشرعية تقوم مقام رئيس الجمهورية. ويتحدث رئيسها زوراً باسم اللبنانيين، وهو يعبر عن موقف فئة منهم». وختم: «كنا متأكدين من أنكم لا تريدون حلاً، مقيمين ومرتحلين، وأصبحنا اليوم على يقين، ومع ذلك لا نصدق أن أي لبناني يرفض الحوار إلا......».
كذلك سألت الوزيرة نايلة معوض: «هل الرئيس نبيه بري قادر على رعاية الحوار بعد مضي حوالى سنتين على إقفال المجلس النيابي، وهو يصف نفسه طرفاً ورئيساً لحركة أمل، وجزءاً أساسياً من أقلية في لبنان كيف يكون لديه الإمكان لرعاية هذا الحوار؟». وقال النائب جواد بولس إن بري «ليس وسيطاً نزيهاً مؤهلاً لإدارة عملية الحوار»، وليس له «وحده أن يحدد جدول أعمال الحوار استنسابياً». واتهم الوزير جان أوغاسبيان، المعارضة بأنها «لا تملك القرار بإنجاز الانتخابات الرئاسية، لأن نصفها لا يزال يحلم برئاسة الجمهورية، والنصف الآخر يريد إبقاء هذه الرئاسة ورقة بيد سوريا، وكل البقية تفاصيل».
ونفى وزير الإعلام غازي العريضي أثناء لقائه وفداً من رابطة متخرجي كلية الإعلام والتوثيق، أن تكون الأكثرية فقط من يرفض دعوة بري إلى الحوار، قائلاً إن هناك كثراً في المعارضة أيضاً لا يريدونه، وسأل: «ماذا سنبحث على طاولة الحوار، وماذا سنفعل بما اتفقنا عليه؟». ورأى أن الحل ليس قريباً و«الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات في ظل هذا التشنج»، داعياً إلى «تنازلات متبادلة لبناء ثقة متبادلة»، وسأل: «لماذا العناد والمكابرة؟»، واعترف بـ«أخطاء في الخطاب السياسي أحياناً» عند الحكومة والموالاة.
وسأل الرئيس نجيب ميقاتي بعد زيارته بطريرك الروم الأرثوذكس أغناطيوس الرابع هزيم: «كيف يمكن الحوار أن ينجح إذا كان المعنيون به لا يؤمنون بنجاحه ويسعى كل منهم إلى التغطية على رفضه له بتحميل المسؤولية للطرف الآخر؟»، مشدداً على أولوية «ترميم الثقة المفقودة بين الأطراف المتخاصمين». وأعلن توافقه وهزيم على أن أسباب الأزمة «تتلخص بأمرين هما: الارتهان للخارج والتلطي وراء الطائفية والمذهبية لتحقيق غايات شخصية».

انتقاد لجولة «معلمة الأجيال» سيسون
في المقابل، دعا الوزير المستقيل طلال الساحلي، الموالاة «إلى حسم أمرها والقبول بمبادرة الرئيس بري الحوارية»، ملاحظاً تبايناً في مواقف الموالاة بشأن هذه المبادرة. كذلك دعا النائب مصطفى علي حسين إلى العمل «فوراً للعودة إلى طاولة الحوار بدل الاستمرار بالهروب إلى الأمام». وشخّص عضو المجلس السياسي في حزب الله غالب أبو زينب، الوضع بأنه «جمود قائم وحالة رفض، بحيث إنه في اللحظة التي تطلق فيها أي مبادرة أو إشارة لفتح كوّة في جدار الأزمة يطلق عليها النار من كل الاتجاهات، وآخرها ما صرح به فؤاد السنيورة ضد مبادرة» بري.
وفي اللقاء «المتني» البلدي والأهلي في ضبيه، أعلن النائب ميشال المر، «أخذ المبادرة لتكوين رأي عام ضاغط على السياسيين، وخصوصاً منهم النواب للاضطلاع بمسؤولياتهم الوطنية والقيام بانتخاب رئيس للجمهورية»، و«من ثم تأليف حكومة وحدة بعد أسبوع من الانتخاب، وعودة مجلس النواب إلى دوره»، وبعد ذلك درس قانون انتخاب «يكون على أساس القضاء»، مشيراً إلى أن «استمرار تعطيل جلسات الانتخاب... بدعة لم يعرفها لبنان في تاريخه».
وكان النائب نبيل نقولا قد قال إن تكتل التغيير والإصلاح ممثل في «اللقاء المتني» بالنائب المر شخصياً، وأضاف: «لسنا ضد أي تجمع يصب في خانة الوفاق الوطني، ونحن على تنسيق تام مع المر».
ولليوم الثاني على التوالي، واصلت القائمة بالأعمال الأميركية ميشيل سيسون، جولتها على المدارس الشمالية، للتعرف إلى الطلبة المشاركين في برنامج تعلم اللغة الإنكليزية «أكسس»، قائلة لهم: «إن تعلم لغة أخرى يعلمكم كيف يفكر الآخرون». وعلقت «الحملة الشبابية اللبنانية لرفض الوصاية الأميركية» على هذه الجولة، بالقول: «لقد نصّبت نفسها معلمة للأجيال في ظل صمت مخزٍ وفاضح من سلطة الوصاية الأميركية في بلدنا التي لم تحرك ساكناً لوقف هذه المهزلة ومنع تكرارها».