السويداء ــ عامر ملاعبحمل المهرجان الحاشد الذي عقد في مدينة السويداء في سوريا، في ذكرى المولد النبوي الشريف، دلالات تاريخية وسياسية ودينية كبيرة على مستوى الطائفة الدرزية في سوريا، وحضر المهرجان الآلاف من مشايخ الدين الدروز، وحشد من مختلف الطوائف الإسلامية والمسيحية، وسياسيون، برعاية المفتي العام في سوريا العلامة الشيخ أحمد بدر الدين حسون وحضوره، وحضور مشايخ عقل الطائفة في سوريا أحمد الهجري وحسين جربوع وحمود الحناوي، ومفتي دمشق ودرعا والسويداء، ووزير العدل السوري محمد غفري، ووزير الإدارة المحلية هلال الأطرش، ووزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد، وقيادات حزب البعث، والجبهة الوطنية التقدمية، ونواب من مجلس الشعب، ومحافظ السويداء.
رسائل الاحتفال كانت بمختلف الاتجاهات من حيث المناسبة والموقع والحضور الرسمي والشعبي، ويمكن تحديد بنود أساسية تلخص بالتالي:
أولاً: الحضور السياسي اللبناني تمثل بالوزير السابق رئيس تيار التوحيد وئام وهاب وقيادة تياره، وما يعنيه ذلك من مبايعة رسمية وشعبية له من قلب عاصمة الدروز السورية التي تمثل تاريخياً القلب النابض لهذه الطائفة في سوريا، وبحضور القيادة السورية، وكلمة الرئيس السوري التي ألقاها وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد، وتكرار وصفه لوهاب بـ«البطل المقاوم»، وأن سوريا استطاعت، بفضل وحدتها الوطنية والتآخي بين جميع أبنائها، مواجهة جميع المؤامرات والتحديات في هذه المرحلة الدقيقة من حياة الأمة العربية، وأن الشعور الوطني والقومي يجمع أبناء سوريا بكل أطيافهم، مشدداً على أن سوريا ستبقى بلداً للعزة والكرامة الوطنية والعيش المشترك».
ثانياً: تميز المهرجان بارتفاع حاد في ردة الفعل عند أي تعبير عن المقاومة. وقوطع الخطباء المتعددون عشرات المرات بالتصفيق وصرخات بعض الحضور بأبيات شعرية، ومقاطع حداء، محاولين رفع الوزير وهاب على الأكتاف كتعبير عن الدور التاريخي لطائفة الموحدين الدروز في الصراع مع قوى الاستعمار بكل أشكاله، والتأكيد على الدفاع عن المقاومة الوطنية والإسلامية في لبنان والبلاد العربية، ومقاومة كل أنواع الظلم والاستعباد على مستوى الإنسانية، وكان الربط الجذري بين مقاومة لبنان وعلى رأسها السيد حسن نصر الله، ومقاومة القائد سلطان باشا الأطرش ضد الاستعمار الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي، والثوابت التي أعلنها شيخ العقل الأول للمسلمين الموحدين الدروز في سوريا الشيخ أحمد الهجري عن «شمائل سيرة النبي الكريم محمد ومناقبه وفضائله التي لا تحاط بكلمات وعبارات، وإلى صموده في مواجهة رياح الشر وأحابيل الشرك، داعياً إلى استلهام نهجه في التوحد والإخاء والصبر قولاً وعملاً، لما فيه صلاح النفوس وعزة الأوطان».
ثالثاً: الأهم هو كلمة المفتي العام لسوريا الشيخ حسون الذي طالب بإصدار أمر قضائي يصحح وضعاً سابقاً يفرض على الدروز تلاوة الشهادتين أمام المحاكم، أي بمعنى واضح الاعتراف الكامل بإسلامية الطائفة الدرزية من دون مواربة. وتعدّ هذه المطالبة سابقة لم يجرؤ على إعلانها أي مرجع ديني رسمي، وهي مطلب تاريخي دائم لدى أبناء الطائفة، حيث تتردد في ذاكرتهم أخبار القمع والاضطهاد والفتاوى التكفيرية، وفي وقت تشهد المنطقة حالة غليان مذهبية. ويلاحظ أن لدى سوريا والسوريين حساسية من هذه الظاهرة بعد الذي يحدث في العراق ولبنان، وتدخل ضمن الصراعات السياسية في المنطقة وأدوار هذه الأقطار العربية في مختلف المشاريع المستقبلية.
ولفت حسون إلى «المعاني السامية لهذه المناسبة الكريمة»، مؤكداً «التكامل بين أبناء الشعب الواحد، ليؤلّفوا لوحة تضم الجميع في وحدة وطنية قل مثيلها في العالم، وأن التنوع ثراء وتكامل»، داعياً إلى «تصحيح الأخطاء الفكرية والقانونية والتشريعية التي يتخذها البعض وسيلة لتشويه صورة الإسلام، لنقول لكل العالم إن سوريا نموذج يحتذى بأطيافها ونسيجها الاجتماعي».
وكان وهاب التقى في السويداء ـــ جبل العرب، شيخي عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ حسين جربوع والشيخ أحمد الهجري، وجرى عرض التطورات السياسية وأوضاع الموحدين في سوريا ولبنان. كما حاضر في قاعة مسرح التربية في السويداء عن القمة العربية، وقال: «كانت هناك قمة في الأسبوع الماضي في دمشق، والقمة في سوريا معتبراً أن: «أي حوار مع المعارضة لا يحصل في دمشق ولا في شرم الشيخ بل في الرابية».