ثائر غندور«الخطأ الأبرز لقوى 14 آذار هو تأجيلها صياغة برنامج سياسي واضح طوال السنوات الثلاث» يقول النائب السابق فارس سعيد. ففي رأيه، انتظرت هذه القوى تقرير ميليس الأول، عساه يُنتج انقلاباً في المعادلة، فلم يفعل، ثم تكرّر الانتظار في محطّات عديدة، فبدأ جمهورها بالابتعاد تدريجياً عنها. في المقابل، قدّمت قوى المعارضة، وتحديداً حزب الله، مشروعاً متكاملاً من قتال إسرائيل والرغبة في إزالتها إلى تقديم نفسها بأنها تريد بناء الدولة.
يجلس سعيد في مكتبه. فناجين القهوة في حركة دائمة، كذلك صحن «الكعك بجبنة وزعتر». يتصل به أحدهم، فيقول: «أنتظرك على الكعك». ينظر إلى القادم من «الأخبار» فيقول له: «نجحتم في جمع العونيين وحزب الله واليسار». أمامه ملف 13 نيسان، أي الذي سيوزّع على المشاركين في ورشة العمل الأولى من السلسلة التي أُعلنت في حفل إعلان وثيقتها «التي هي ليست نصاً مقدّساً بل مطروحة دائماً للنقاش». وستُستكمل هذه الورش لتصل إلى ثمانٍ في الصيف.
في 13 نيسان، سيناقش أركان ثورة الأرز «اتفاق الطائف وشروط بناء الدولة الحديثة». ويرى سعيد أن تطبيق اتفاق الطائف هو المدخل الرئيسي لمعرفة إذا ما كان هذا الاتفاق في حاجة إلى تعديل. «فالسوريون منعوا تطبيقه. قالوا للمسيحيين: إذا أردتم المشاركة لا تأخذوها إلّا عبرنا، وقالوا للمسلمين: سيعود هؤلاء إلى المارونيّة السياسيّة إذا استطاعوا. فخوّفوا كل طائفة من الأخرى».
الطائف أساسي لقوى 14 آذار. يضم إليه شرطين أساسيين يجب التوافق عليهما: الشرعية العربيّة، أي مبادرة السلام العربيّة، والشرعيّة الدوليّة عبر تنفيذ قرارات مجلس الأمن.
لا يرى فارس نفسه جزءاً من اليمين المسيحي. فهو لم يدعم حزب الكتائب يوماً في الحرب الأهليّة، لا بل مال إلى اليسار حينها. من هنا يقول إن ما استطاع ياسر عرفات تحقيقه في الستينيات والسبعينيات من تضامن دولي معه، وعبّر عنه بظاهرة انتشار الكوفيّة، لا يستطيع حزب الله القيام به اليوم، «لأن الخطاب الديني يُخيف الأوروبيين». كما أنه لا يستغرب مجيء السفن الأميركيّة «التي لم تدخل مياهنا الإقليميّة حسب ما قالت الحكومة»، لأن هناك من يُعلن الحرب على العالم من بئر العبد. وهو يسجّل شجاعة كبيرة للشيعة. ففي أوائل الثمانينيات عندما كان حزب الكتائب، وضمنه القوّات اللبنانيّة، يفاخر بأكثر من مئة ألف طلب انتساب، لم يخرج صوت اعتراضي عليه من بين المسيحيين، «وحده زياد الرحباني اعترض، لكن لا يُمكن اعتباره مسيحياً، بل هو ماركسي»، غير أن مثقفي الشيعة تميّزوا بحركتهم الاعتراضيّة الشجاعة، في رأيه.
وينسى مواقف متمردة ومعترضة لمسيحيين كثيرين، بينهم الملتزم دينياً وغير الملتزم، وبينهم محترف السياسة وغير المحترف.
يرنّ هاتف سعيد. يدخل صديق له على خط الحديث. يعرّف عن نفسه كأحد مؤسسي حركة التوحيد الإسلامي برفقة خليل عكاوي. ويقول هذا الرجل الستيني إن لبنان خسر فرصتين لينهض بنفسه وشعبه بسبب تخلّف الطبقة السياسيّة: انتصار أيار 2000 عندما انسحب الجيش الإسرائيلي من الجنوب، وانتصار ثورة الأرز.