رئيس المجلس يردّ على السنيورة: هل شعرت بدنوّ الحلّ فأردت ترحاله؟وسط الاشتباك السياسي، المحتدم بين الموالاة والمعارضة، برزت مبادرة وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، المفاجئة بإعادة خطوط الاتصال مع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، مؤيداً مبادرته الحوارية وفاتحاً له أبواب فرنسا
بالتوازي مع السجال الحادّ بين قوى 14 آذار وعين التينة على خلفية دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه برّي للحوار مجدداً، نشطت الموالاة لتثمير نتائج جولة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة العربية، واضعة بنداً واحداً على أجندتها وهو انتخاب رئيس للجمهورية، ملمّحة إلى خطوات للخروج من «الوضع الشاذ».
إلا أن البارز أمس كان اتصال وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، برئيس المجلس النيابي نبيه بري، وأكد خلاله أن «أبواب فرنسا مفتوحة له دائماً إذا ما رغب في زيارتها»، كما أكد له «تأييده الدائم للحوار بين اللبنانيين».

تصعيد الحرب الكلاميّة المفتوحة

وعلى صعيد الحرب الكلامية المفتوحة المتصاعدة بين عين التينة والسرايا، رد بري، على قول السنيورة «إنه ليس ضد الحوار ولكن ليس بإدارة شيخ المعارضين»، بالآتي: «إذا كان الحوار متعذراً بإدارة شيخ المعارضين، فما بالك بما أنت فيه قائم مقاماً لرئاسة الجمهورية، مغتصباً للسلطة، مسبباً بتعطيل المؤسسات بما في ذلك الحوار الذي كان جارياً في تشرين الثاني 2006، فهل يصح القول هنا ولا يصح هناك ونحن نحاور لأجل تنفيذ المبادرة العربية وخلاص لبنان؟ مع الإشارة إلى أنك لم تعترض على شيخ المعارضين في حوارين وهو يديرهما سابقاً، وكان ينعم بالجلوس إلى جانبك؟ هل شعرت بدنوّ الحل فأردت ترحاله؟ سامحك الله، كفى تذرعاً بما أنت واجده».
وعلّق المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل على «هجوم» السنيورة وفريق السلطة على بري، مذكّراً «من خانته الذاكرة بأنها ليست المرة الأولى التي يعطّل فيها هذا الفريق أي مسعى للحل بأمر خارجي».
ورأى الخليل أن السنيورة لا يملك قراره، مشيراً إلى أن نفس من أوعزوا إليه بالتعطيل أوعزوا إليه برفض الحوار، واصفاً إياه بـ«الناطق الرسمي باسم الموالاة وليس رئيس حكومة لبنان واللبنانيين».
وتعليقاً على ما صدر عن قمة شرم الشيخ، أكد الخليل «أن الأجواء العربية غير المريحة لا تشجّع ولا تساعد على حل المشكلة في لبنان».
أما الرد على الرئيس برّي فقد جاء من النائب عمار الحوري الذي قال: «طالعنا الرئيس نبيه بري بحديث لافت عن اغتصاب السلطة وتعطيل المؤسسات، متناسياً الاغتصاب الحقيقي والمأسوي للسلطة حين منعنا من أن نجتمع كنواب للأمة في مجلس النواب منذ 18 شهراً لمصادرة أحدهم قرار المجلس وتعطيل دوره واستئثاره بكل صلاحياته، وتحدثه عنه لا باسمه كما هو الدستور والقانون، ومنعه انتخاب رئيس للجمهورية أجمع عليه اللبنانيون».
ورأى أن «سلطة الأمر الواقع تحتل وسط بيروت، وتمنع القوى الأمنية من قمع المخالفات وتعتدي على الأملاك العامة والخاصة وتقطع الطرق وتغتصب حقوق الناس في العيش الكريم»، وختم: «نريدك يا دولة الرئيس أن تعود رئيساً للمجلس النيابي».
وكان السنيورة قد عاد إلى بيروت، فجر أمس، مختتماً جولة عربية شملت مصر والسعودية والإمارات وقطر والبحرين.
وفي مستهل نشاطه، أجرى السنيورة سلسلة اتصالات هاتفية بشخصيات سياسية موالية ومرجعيات روحية أطلعها «على نتائج جولته العربية وأجوائها والمواقف الداعمة للبنان وللحكومة التي سمعها من المسؤولين العرب» حسبما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام».
كما أجرى السنيورة اتصالاً هاتفياً بالأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، ووزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط. وتلقى اتصالاً من الأمير الوليد بن طلال الذي أكد استعداده للوقوف إلى جانب لبنان.
ومساءً، ترأس السنيورة في السرايا الحكومية، اجتماعاً وزارياً تشاورياً حضره عشرة وزراء، وقد أطلعهم على أجواء الجولة العربية الأخيرة التي قام بها و«الدعم الذي سمعه من القادة العرب للبنان والحكومة اللبنانية وضرورة الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية والعمل من أجل تصحيح العلاقات اللبنانية ـــــ السورية».
وكان السنيورة قد التقى النائب جورج عدوان، الذي أكد أن النقطة الوحيدة على جدول أعمال قوى 14 آذار هي انتخاب رئيس الجمهورية، واتهم الرئيس برّي بأنه «يعطل شرعية مجلس النواب ويحاول الآن من خلال دعوته للحوار أن يشرعن تعطيله للمجلس، وبعد ذلك التخفيف من أزمة سوريا في لبنان».
من جهته، أوضح وزير الأشغال والنقل محمد الصفدي أن مواقف التكتل الطرابلسي وتأييده دعوة الرئيس بري إلى الحوار «ليست من باب التميّز، فلكل فريق سياسي داخل مجموعة 14 آذار حريته في المقاربة السياسية والتعبير عن اقتناعاته»، وأكد «أن الحوار بين اللبنانيين هو المدخل الأساسي لأي حل»، مطالباً بـ«أن ينطلق الحوار بتأكيد التزام ما توصلت إليه جلسات الحوار السابقة».
وبرّر النائب سمير فرنجية رفض قوى 14 آذار لمبادرة برّي بأن «الحوار غير محدد، وقد جرى حوار في الماضي ولم تطبق قراراته، والأمر الثاني هو أن العودة إلى السجالات القديمة لم تعد تنفع، فالمشكلة ليست بين اللبنانيين، بل هي بين لبنان وسوريا».
ودعا فرنجيّة، بعد زيارته ووفداً من «قوى 14 آذار» البطريرك الماروني نصر الله صفير، حركة «أمل» و«حزب الله» إلى العودة إلى لبنان وإلى الإجماعات اللبنانية، معلناً «أننا نعمل لخطوات تؤدي إلى حماية هذا البلد، لأن المنطقة بأكملها دخلت في وضع خطير وخطير جداً. وفي ضوء هذه التطورات ستبحث قوى 14 آذار جدياً في كيفية إنهاء هذا الوضع الشاذ».
من جهته، وصف مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني جولة الرئيس السنيورة بـ«الحضور اللبناني الرسمي في وقت أصبح فيه لبنان على مفترق طرق بالنسبة إلى مصيره ومستقبله السياسي»، وطالب بضرورة «حسم انتخاب الرئيس التوافقي للجمهورية العماد ميشال سليمان فوراً ليكون نقطة الانطلاق للحوار بين كل الفرقاء على الساحة اللبنانية»، داعياً إلى «الاستفادة من الدعم العربي، وخاصة السعودي والمصري لحل الأزمة».

تنفيذ تعليمات المحافظين الجدد

في المقابل، أكد الوزير المستقيل محمد فنيش إثر زيارته، والنائبين أمين شري ونوار الساحلي، الرئيس الدكتور سليم الحص «أنه لا غنى عن الحوار بين اللبنانيين وعن الوفاق. ومهما حاول البعض أن يمضي في سياسة هدر الوقت وتضييع الفرص، في النهاية محكوم أن يأتي إلى طاولة الحوار للتوافق». وتساءل «إذا كان مطلب الشراكة مرفوضاً، فنحن مقبلون على استحقاق انتخابات نيابية، فهل سيرفضون تأليف حكومة انتقالية وإرجاء الانتخابات النيابية أيضاً».
وأكد المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل، أن الرئيس بري «سيبقى حريصاً على تأمين فرص نجاح مبادرته الحوارية أولاً من خلال الاتصالات الخارجية، ثم من خلال إبقاء الأبواب مفتوحة مع كل القوى المعترضة على الحوار»، مشدداً على أن بري «حريص على أن يستمع إلى آراء الجميع».
وفي حديث إلى تلفزيون الـ«LBC»، أكد خليل أنه «لا شيء سلبياً حتى اللحظة»، داعياً إلى الانتظار حتى يسمع بري كلاماً مباشراً من المسؤولين السعوديين».
وإذ نوّهت لجنة المتابعة لأحزاب وقوى وشخصيات المعارضة بمساعي بري لاستئناف الحوار، اتهمت فريق السلطة بعرقلة كل المبادرات والحلول والمساعي «غير آبه بمصلحة الوطن والشعب، منفّذاً تعليمات إدارة المحافظين الجدد في واشنطن وأتباعها في باريس».
وندّد اللقاء «بمحاولات بعض الدول العربية تسويق موقف فريق السلطة بأولوية انتخاب رئيس للجمهورية من دون الاتفاق في الوقت نفسه على سلّة الحل»، ويرى في اللقاء السعودي المصري والمواقف التي يطلقها المسؤولون في هاتين الدولتين «محاولة تندرج في هذا السياق وتستهدف أيضاً الالتفاف على نتائج قمة دمشق الناجحة».
وشن رئيس جبهة العمل الإسلامي، الداعية فتحي يكن، هجوماً عنيفاً على الرئيس السنيورة، لافتاً إلى أن الأخير يفتش «عن حلول لدى رؤساء عاجزين عن حل المشكلات التي تواجهها بلادهم»، مؤكداً أن «الحريص على السيادة لا يسعى إلى استيرادها من خارج الحدود»، ودعا السنيورة «للعودة إلى بلده وشعبه وإلى كل القوى السياسية اللبنانية دون أن يلغي واحدة منها أو يتجاوزها».

المرّ ما زال في المعارضة

في غضون ذلك، لاقت مواقف النائب ميشال المر ارتياحاً في أوساط الموالاة، بينما أكد «تكتل التغيير والإصلاح» أن خطاب المر ليس مغايراً لخطابه.
ورأى عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا، بعد زيارة وفد من التكتل وزير الخارجية والمغتربين المستقيل فوزي صلوخ أثار معه قضية تعرّض النواب لمضايقات أمام سفارتي فرنسا وبريطانيا، أن «هناك طريقة تعبير لكل إنسان مختلفة، ولكن ما حصل أمس هو من ضمن عمل المعارضة»، مؤكداً أن «المر ما زال داخل المعارضة وحليفاً لتكتل التغيير والإصلاح». ودعا «فريق السلطة إلى تغطية عوراته، فالنائب بطرس حرب أعلن بالأمس استقلاليته السياسية عن فريق 14 آذار، وهذا أمر طبيعي».
ورأى النائب هاغوب بقرادونيان «أن موقف المر في الضبية كان طبيعياً، إذ إنه كان قد أعلن مراراً عدم اندماجه مع سياسات التكتل، ما أوصله إلى إعلان انسحابه منه»، واستبعد أن تلي خطوة المر خطوات مماثلة.
ونوّه عضو كتلة المستقبل النيابية النائب مصطفى هاشم، بمواقف المر وبإعلانه تشكيل هيئة ضاغطة تسعى لإتمام الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت. ورأى هاشم «أن أولى خطوات الضغط يجب أن تتمثل بفتح أبواب المجلس النيابي وعودة الحياة التشريعية والدستورية إلى مجراها الطبيعي».
وحذرت الأمانة العامة لـ«منبر الوحدة الوطنية ـــ القوة الثالثة» من إطلاق عنوان «القوة الثالثة» على حركة المرّ «نظراً إلى أن منبر الوحدة الوطنية هو الذي يشغل هذا الموقع منذ إنشائه».
وفي المواقف السياسية، دعا الرئيس نجيب ميقاتي في احتفال «مؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان ــــ دار الأيتام الاسلامية» لمناسبة انطلاق مشروع «مجمع الضنية للرعاية والتنمية: منشأة العزم والسعادة»، «المتخاصمين إلى التوافق على القواسم المشتركة مهما بدت ضئيلة، لكي يتم البناء على أساسها، وبذلك نضع الوطن على سكة السلامة ونبدأ تدريجاً خطوات المعالجة الصحيحة والمدروسة بدل الإغراق في الشروط والشروط المضادة».
من جهة أخرى، برزت زيارة السفير الإيراني في لبنان، محمد رضا شيباني، إلى الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان الشيخ فيصل المولوي، حيث جرى البحث في التطورات الإقليمية والقضية الفلسطينية.


كتلة الوفاء تنفي إتهامات بلغاريّة
أصدرت كتلة «الوفاء للمقاومة» بياناً أمس نفت فيه «نفياً قاطعاً صحة ما أفادت به اللجنة البلغارية البرلمانية بعض الصحف المحلية عن أن أرباح تهريب المخدرات عبر أراضي بلغاريا تستخدم في تمويل منظمات مثل «حزب الله» وحركة الجهاد الإسلامي».
وأملت الكتلة في البيان الذي أرسلته إلى سفير بلغاريا في لبنان فانلان ديمتروف «ألا يكون وراء ذلك تحريض صهيوني بهدف تشويه سمعة حركات المقاومة».
ودعا بيان الكتلة «البرلمانيين البلغاريين إلى توخي الدقة والحذر في هذا الشأن».