عشيّة 13 نيسان، الذكرى الثالثة والثلاثين للحرب الأهلية في لبنان، حضرت قضية المفقودين اللبنانيين عبر ثلاثة أنشطة متنوّعة في خلفيّتها وإخراجها وأهدافها، فيما لا يزال هذا الملف جرحاً لا يندمل. وكان لافتاً الحضور الدبلوماسي الأميركي والبريطاني والألماني والسويسري والكندي والألماني في المشروع الذي أطلقته جمعية «أمم للأبحاث والتوثيق» تحت عنوان «ما العمل؟ لبنان وذاكرته حمّالة الحروب» في الوقت الذي لا تزال فيه قضية المفقودين نائمة في الأدراج الحكومية منذ تأسيس «لجنة تقصّي الشكاوى» التي باتت هي بدورها مفقودة تحتاج إلى من يكشف مصيرها.في نقابة الصحافة اللبنانية، آثرت لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان أن تعقد لقاءها من دون أمّهات المفقودين وأخواتهم وأبنائهم وعائلاتهم، كما جرت العادة في كل عام، ومن دون صور أحبّائهم، التي تعوّدوا حملها في كل مناسبة للتذكير بقضيتهم، بل حضر مكانهم على كراسي النقابة شراشف بيضاء «وكأن المفقود الذي أريد طمسه، بات رغم أنوفهم في كل مكان وزمان، شبحاً يزداد عزماً بقدر ما يزداد التنكر له، شبحاً يطارد القاتل حتى يخرّ طالباً الصفح». بحسب ما أعلنته رئيسة «لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين» وداد حلواني.
وحذرت حلواني «بعض رموز الحرب من إدخال قضية المفقودين والمخطوفين والمعتقلين في البازارات السياسية، خلال زياراتهم وجولاتهم في الدول، وقالت: «لن نسمح لهؤلاء بقتلنا مرة أخرى، ولن نسمح باستثمار رخيص ووقح لقضيتنا».
وبالعودة إلى حديقة جبران، نفذت لجنة أهالي المعتقلين في السجون السورية اعتصاماً أمام مقرّ «الإسكوا» في «وسط بيروت»، لمناسبة مرور ثلاث سنوات على اعتصامهم المفتوح، ورفعوا صور أبنائهم، إلى جانب اللافتات التي دعت إلى الكشف عن مصيرهم.
حضر الاعتصام رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية النائب غسان مخيبر، جوزف شهدا ممثلاً النائب العماد ميشال عون، الأمين العام لـ«الاتحاد من أجل لبنان» مسعود الأشقر، فضلاً عن أهالي المعتقلين. وتضمن الاعتصام كلمات لرئيسة اللجنة سونيا عيد، رئيس لجنة الأسرى علي أبو دهن، عضو جمعية «سوليدا» وديع الأسمر والمعتقل السابق ميشال سويدان. أما نجل المعتقل ناجي عون ميشال، فقد طالب بالكشف عن مصير والده، معتبراً أن «ذلك حق ولا بد من كشفه». ثم تلا باسم لجنة «سوليد»، غازي عاد بياناً تحدث فيه عن الإجراءات التي على السلطة التنفيذية القيام بها لحل قضية المعتقلين والمخفيين قسراً؟ ومنها إنهاء عمل اللجنة اللبنانية ـــــ السورية المشتركة، التي فشلت في حل هذه القضية ونشر تقرير مفصل بنتائج عملها. المباشرة في تشكيل هيئة جديدة وفق المعايير الدولية، تضم مسؤولين أمنيين وقضاة تعينهم الحكومة، إضافة إلى رجال قانون وأصحاب اختصاص في علم الجريمة، ومستقلين ولجان الأهل واللجان العاملة وهيئات دولية مختصة. أن تعمل اللجنة مع النيابات العامة والقضاء للكشف على المقابر الجماعية وإنشاء بنك معلومات للحمض النووي DNA من أجل إجراء فحوص الحمض النووي لكل أهالي الضحايا.
وأوضح النائب مخيبر أن «لجنة حقوق الإنسان النيابية أنشأت لجنة لحل قضية اختفاءات قسرية في لبنان وسوريا وليبيا وإسرائيل ومن توصياتهم تتلاقى مع التوصيات التي صدرت عن جمعية سوليد»، وأكدت اللجنة أن «هناك اختفاءات قسرية وأناساً معتقلين لا تعترف السلطات السورية بوجودهم»، مشيراً إلى أن «هذه القضية أصبحت مبتوتة ومن العبث لأي كان أن يقول إنه لا يوجد معتقلون. فهناك اختفاء قسري، بمعنى أن هناك أناساً موجودين معتقلين، ولسوء الحظ لا تعترف السلطات السورية بوجودهم في سجونها، وهذا موثّق وأصبح غير قابل للجدل».
وفي قصر الأونيسكو، كانت صور المفقودين طاغية في معرض صور بعنوان: «... ولم يعودوا»، وهو عبارة عن صور قيد الإنشاء، ويضم 500 صورة مفقود لبناني وغير لبناني، تم جمعها وتوثيقها بالتعاون مع لجنة أهالي المخطوفين، لجنة دعم المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية ولجنة دعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين (سوليد).
وتضمن حفل افتتاح المشروع كلمات لممثل وزير الثقافة غسان أبو شقرا، ولقمان سليم من «أمم» والقائم بالأعمال الألماني هنز يورغ هابر الذي عرض مختلف المراحل التي مرت بها ألمانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ونائب رئيس لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا، وأحد مؤسسي المركز الدولي للعدالة الانتقالية، الدكتور أليكس بورين. الذي عرض تجربة جنوب أفريقيا و«مسارها الطويل من القمع والتمييز العنصري وصولاً إلى المصالحة والعدالة».