فداء عيتانيلو كنّا كما نزعم لما تجدّدت الحرب الأهلية على أرضنا كل بضعة عقود. لقد كُتب الكثير وسيُكتب أكثر عن الحرب، وينشط المجتمع المدني لإظهار بشاعتها، كما للتأكيد المستمر أنها لن تتكرر، وأن ما حصل في 13 نيسان وفتح أبواب الجحيم على الوطن لن يحصل مرّة أخرى على أرضنا. إلّا أن أسباب الانفجار الداخلية متوافرة بعمق تركيبة هذا البلد بناسه وخلافاتهم ونظام حكمهم ومصالحهم إلى آخر ما هناك من تفاصيل، ولا يكفي أن تجتمع حفنة من المسالمين لتعطي ضماناً حقيقياً بديمومة السلم، وخاصة أن أيّ مناورة سياسية أو تشنّج يمكن أن يلهب الشوارع كما حصل في محطات عديدة هذا العام.
ولا يمكن الرهان على الوعي والتجربة المرّة التي بقيت في الذاكرة، فاللبنانيون يفقدون الذاكرة وأحياناً الوعي عند تعرّض الطوائف لأخطار، ولا يتردد الشبّان في السير على دروب الآباء في العنف والكراهية. عند بداية الحرب، اجتمع أهالي الشيّاح وعين الرمانة رافعين المصحف والإنجيل ومطالبين بالسلام، لكن ذلك لم يمنع استمرار الحرب 15 عاماً. واليوم نحن نعيش حرباً أهلية باردة، ويبدو أنْ لا حل في نظام كالذي نعتمد.