الضنّية ـ عبد الكافي الصمدتحوّلت مناسبة الإعلان عن مباشرة الأشغال في «مجمّع الضنّية للرعاية والتنمية ــ منشأة العزم والسعادة» أول من أمس، في مهرجان شعبي، إلى ما يشبه مبارزة في استعراض القوّة بين مناصري تيّار المستقبل من جهة، ومناصري الرئيس نجيب ميقاتي من جهة أخرى، عكست حجم الصراع الذي بدأ يظهر إلى العلن بين الجانبين، في محاولة كلّ منهما السعي لاستقطاب أكبر أعداد ممكنة في أوساط الطائفة السنّية في طرابلس والشّمال.
ومع أنّ المناسبة كانت محض اجتماعية، تتمثل في إسهام «جمعية العزم والسعادة»، التي يرعاها ميقاتي وشقيقه طه، في بناء المجمّع المذكور، بالتعاون مع «مؤسّسات الرعاية الاجتماعية في لبنان» و«دار الأيتام الإسلامية»، فإنّ ما سبقها ورافقها من أجواء توتر وتصعيد، ترجمت على نحو كبير حجم هذا الصراع الذي ظلّ مكبوتاً طوال الفترة الماضية، وبات احتواؤه يحتاج إلى جهود واسعة من الطرفين.
فقبل أيّام من الموعد، بدأت لافتات ولوحات وصور مرحبة بميقاتي تنتشر على طول الطريق الرئيسية المؤدّية من مدينة طرابلس إلى بلدة سير، حيث سيُشيد البناء، ترافقت مع حملة شائعات وشائعات مضادّة، في ظلّ إجراءات أمنية مشدّدة بقيت غير ظاهرة للعيان، وخاصة بعدما تعرّضت إحدى اللافتات للتمزيق في بلدة حقل العزيمة، التي فيها ثقل بارز للقوّات اللبنانية، قبل أن تعمد رعيتها الكنسية إلى رفع لافتتين مرحبتين بميقاتي بديلاً منها لتطويق ذيول الحادثة.
إلا أنّ الأمور لم تتوقّف عند هذا الحدّ، فقد تعرّضت لافتات عدّة في بلدة سير، مسقط رأس وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت، للتمزيق والتشويه، وتزامن ذلك مع اتصالات واسعة أجريت لحضّ رؤساء البلديات والمخاتير والفاعليات على مقاطعة الاحتفال، وهو الأمر الذي لم تكن له نتائجه المرجوة.
وإذا كان ميقاتي الشخصية السياسية البارزة الأولى التي تزور الضنّية بهذا الشكل، منذ زيارة النائب سعد الحريري لها قبيل انتخابات 2005، فقد كان لافتاً أنّه توقف في أكثر من محطة احتشد له فيها العديد من المواطنين، ومنها مقر حركة «مجد» التابعة له، حيث نحروا له الخراف ورشّوا عليه الأرزّ، وهي محطات سبق للحريري الأب والابن معاً أن توقفا في بعضها خلال زيارتهما للضنّية، واستقبلهما فيهما الأشخاص ذاتهم!
غير أنّ المشهد الأكثر استفزازاً وتعبيراً عن طبيعة صراع المستقبل ــ ميقاتي، ظهر في تجمّع حشد من المواطنين أمام مكتب تيّار المستقبل في سير، رافعين صور ميقاتي واللافتات المرحبة به، وعقدهم حلقات الرقص والدبكة على وقع الطبل والزمر، وسط انتشار عناصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي لضبط الوضع.
في موازاة ذلك، سُجّل للمرة الأولى ظهور علني لعناصر مسلّحة ببنادقها ومسدساتها الحربية في المواكب الأمنية المرافقة لميقاتي، بعضها عسكري بلباس مدني، الأمر الذي أدّى إلى مضايقة مواطنين عبّروا عن استيائهم، إضافة إلى الفوضى التي عمّت المكان نتيجة عدم التزام الإجراءات التشريفية الموضوعة لجلوس الحضور، ما دفع بعض الشخصيات إلى
الانسحاب.