جعجع يحمّل «الفريق الآخر» مسؤوليّة كلّ الاغتيالات منذ 1975 حتى الآن!اقتراح فرنجية يتقدّم والحكومة الانتقاليّة تُبحَث في المعسكرين بانتهاء اليوم يكمل «13 نيسان» عامه الثالث والثلاثين، ولا شيء في الأفق يوحي بأن اللبنانيين يكرهون هذا التاريخ، بل إن كل المواقف توحي بأنهم ــ وراء زعمائهم طبعاً ــ حاضرون دائماً لإحياء ذكرى بدء الحرب، عبر الرجوع إليها
رغم تواصل السجالات والتشنج بين المعارضة والموالاة، ظهرت أمس ملامح مرونة تحتاج إلى مُبادِر جريء يعمل على ترجمتها وتظهير نقاط التقارب، وخصوصاً في موضوع الحكومة الانتقالية، التي بدأت أسهمها بالارتفاع عبر الحديث عن أنها «أحد الطروحات» في الفريقين، وطرح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي وضعت الأكثرية أمر موقفها منه في ملعب تبنيه رسمياً من المعارضة. في وقت ارتفعت فيه نسبة المؤيدين داخلياً وخارجياً لمبادرة الرئيس نبيه بري، بشكل مباشر وغير مباشر. وبرزت طمأنة أمنية من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، الذي أعلن من بكركي أن «الوضع الميداني على الأرض مريح وممتاز جداً، وكل الأفرقاء ملتزمون الاتفاق الذي عقد في مديرية مخابرات الجيش»، لكنه أسِف لأن الوضع السياسي «مغاير»، ولأن احتمال حصول اغتيالات جديدة «يبقى وارداً، لكن ما يهمنا هو عدم حصول حرب أهلية أو مذهبية، ولا نملك إشارات تدل على رغبة أي طرف أو ميله لأمر كهذا».

«كسالى ويرغبون في قضاء فرصة الربيع»

من عين التينة، أعلن النائب غسان تويني تأييده مبادرة بري، واصفاً معارضيها بأنهم «كسالى ويرغبون في أن يقضوا فرصة الربيع». لكنه عارض طرح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وتفاءل بزيارة بري إلى سوريا قائلاً إنه عاد منها «مطمئّناً، وإن شاء الله يعطيه ربه على قدر نيته»، كما توقّع أن تقرّب زيارته إلى السعودية بين دمشق والرياض، وأن يكون 22 من الجاري «يوماً جيداً». ولفت إلى أن جولة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الخليجية لم تشمل الكويت، ناقلاً عن رئيس الحكومة الكويتي أن السنيورة لم يطلب ذلك.
على صعيد الحكومة الانتقالية، قال جورج الأعرج باسم وفد من «نمور الأحرار» زار النائب ميشال عون، إنه طُرحت فكرة ترؤس قائد الجيش العماد ميشال سليمان حكومة تشرف على الانتخابات النيابية، ونقل عن عون أن الأمر وارد ضمن طروحاته. كما كشف النائب مصطفى علوش أن الحكومة الحيادية أحد الطروحات الموجودة لدى الأكثرية، مشترطاً مرور ذلك «من خلال المبادرة العربية، وبعدها يمكن بحث الأمور بشكل واضح». ورأى أن اقتراح فرنجية، يحتاج إلى درسه بعناية من الأكثرية قبل الإجابة عنه، وذلك بعد تبنّيه من المعارضة.
كذلك التقى عون وفداً من حزب الطاشناق، وقال النائب أغوب بقرادونيان بعد اللقاء إن الحزب باق في تكتل التغيير والإصلاح «بملء إرادته»، كما أكد وجوده «في صميم المعارضة». ورأى أن «خروج» النائب ميشال المر «حصل ضمن الاحترام المتبادل»، لأنه «أحب أن يكون له هامش أوسع من التحرك»، لافتاً إلى أن «الحوار لم ينقطع قطّ بين الاثنين».
وفي المختارة، حيث وضع وزوجته إكليلاً من الزهر على ضريح كمال جنبلاط، والتقى النائب وليد جنبلاط، أعلن السفير الروسي سيرغي بوكين تأييد بلاده لـ«كل الجهود والمبادرات الدولية والإقليمية واللبنانية، التي ترمي إلى إيجاد توافق لبناني ــ لبناني على كل القضايا المتنازع عليها». وأعرب عن القلق «من عدم الاستقرار المستمر في هذا البلد، بما في ذلك في المجال الأمني»، واصفاً الفراغ الرئاسي بأنه «ظاهرة غير طبيعية»، ناصحاً «الطبقة السياسية بأن تنظّم الانتخابات الرئاسية في أسرع ما يمكن»، ومن «دون تدخل خارجي».
ولـ«التخلص من حالة الفراغ»، واصل سفير إيطاليا غبريال كيكيا، جولاته على القيادات المسيحية، فزار أمس النائب بطرس حرب، وأعلن دعم وتأييد المبادرة العربية و«أي قرار يتفق عليه اللبنانيون أنفسهم لحل النزاع بينهم». وقال: «الوضع كما هو يزعجنا كثيراً، ويجب مواصلة الجهد، توصّلًا لمعرفة كيفية المساعدة»، مجدّداً تشديده على وجوب دعم المبادرة العربية «ودفعها صوب النجاح»، رغم أن «الأمر صعب». من جهته، قال حرب إنه إذا تبنّت المعارضة طرح فرنجية «يصبح من واجبنا ملاقاة المعارضة إلى منتصف الطريق»، واقترح لذلك: «لنذهب إلى الانتخاب (الرئاسي) ولنوافق على قانون الـ1960 بعد جلسة حوار قصيرة جداً منحصرة في البحث في ما يمكن تحسينه في هذا القانون، أو أن نحسّنه في المجلس وفق ما نتفق عليه».
أمّا رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، فهاجم بري دون أن يسميه بالقول: «لن نقبل اليوم أن يترأس بعض الأشخاص طاولة الحوار لأن المقاييس اختلفت، إضافةً إلى أن الموقع الذي اتّخذوه يتنافى مع مقوّمات الحوار». وشكّك في اختفاء محمد زهير الصديق، معتبراً أنه «خبر تسلّل من سوريا»، وقال: «لم يكن موضوع الصديق يوماً واضحاً. وكل ذلك لا يعدو كونه فصلاً جديداً يؤكد رغبة الفريق الآخر في تعطيل المحكمة الدولية، مما يزيدنا قناعة بأن هذا الفريق يقف وراء اغتيال الرئيس الشهيد الحريري، وكل عمليات الاغتيال ومحاولات الاغتيال التي حصلت منذ عام 1975 حتى الآن».

«انتخاب الرئيس أوّلاً موضوع خلافي»

وفي المقابل، حذّر الوزير المستقيل فوزي صلوخ من «أن تفويت فرصة الحوار من شأنه إطالة عمر الأزمة وتأجيلها حتى يقتنع الجميع بأنه من غير الحوار لا يمكن الوصول إلى الحل المنشود». ولفت الداعين إلى انتخاب الرئيس أوّلاً إلى أن الانتخاب «من دون بتّ بقية الأمور هو موضوع خلافي ويستوجب حواراً».
وذكّر النائب علي حسن خليل بأن نقطة الخلاف الأساسي في اللقاء الرباعي الأخير «كانت تهرّب الفريق الحاكم من التزام قانون الانتخابات وفق تقسيمات 1960»، معتبراً «أن حل هذه النقطة يضعنا جدّياً أمام فرصة للتسوية». وأكّد التمسك بمبادرة بري، لافتاً إلى أن كلام عون الأخير لا يتعارض معها «بل يأتي في سياق تحصينها للوصول إلى الغاية المرجوّة».
وعلق النائب نعمة الله أبي نصر «أهمية كبيرة» على طرح فرنجية، معتبراً أن موافقة بري عليه «أمر مهمّ جداً»، وأن قانون الستين «يسهم في عدم تهميش المسيحيين». وردّ على تحميل المر لنواب تكتل التغيير والإصلاح الموارنة مسؤولية الفراغ الرئاسي، بسؤال: إذا نزلنا الى الانتخابات من دون المعارضة، فهل يقبل العماد ميشال سليمان أن يكون مرشح تحدٍّ، وإذا افترضنا قبوله بذلك، وانتخبنا رئيساً من دون أن يشترك أي نائب من نواب الشيعة في الانتخابات فهل يمكن أن يقلع الرئيس؟».
على صعيد آخر، توقف النائب حسين الحاج حسن أمام إعلان وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس تخصيص 142 مليون دولار للبنان، لمواجهة التهديدات لسيادته، والمساعدة على تعزيز الحكم الرشيد، سائلاً: «هل الحكم الرشيد هو في تعزيز الانقسام ومنع المشاركة؟». وقال: «لقد تناست السيدة رايس عن عمد، أن المعارضة تمثّل الجزء الأكبر من اللبنانيين، وهي تخشى كما أدواتها في لبنان من نتائج الانتخابات النيابية القادمة، التي ستسقط زيف الادّعاءات الأكثرية، ولذلك تسعى إلى تكريس الفراغ».
وتحدث مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله نواف الموسوي، بعد لقائه سفير كوبا داريو دي أورا تورينتي، عن «جهود أميركية وغير أميركية تُبذل بصورة استثنائية لضرب المعارضة»، معتبراً أن التيار الوطني الحر يتعرّض لحرب إلغاء «هي جزء من الحرب التي تخاض ضد المقاومة»، وقال: «إذا قارنّا حجم الجهود التي تُبذل في هذا المجال، بقدرة التيار بزعامة العماد عون على الصمود في مواجهتها، فسنتأكّد بالفعل من قوة هذا التيار وطابعه الاستقلالي، الذي يرفض أن يكون مجرد أداة».
ورأى بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، أن «إقامة توازن ثابت للعلاقات اللبنانية ـــــ السورية على قاعدة التفاعل مع كل العالم العربي، هي المدخل الصحيح إلى الحل المرتقب للأزمة اللبنانية، التي لها أكثر من بُعد محليّ وعربيّ وإقليميّ ودوليّ»، حاثّاً اللبنانيين على «العمل بأسرع وقت للخروج من حلقة الأخطار التي تحدق بلبنان في هذه الظروف المليئة بالتحديات».