صور ــ علي عطويعلى مقربة من ميناء الصيّادين في صور، يجتمع أكثر من 50 مسنّاً ومسنّة يوميّ الاثنين والأربعاء من كلّ أسبوع، وينتظم كلٌ منهم في مجموعات وفقاً لأهوائه، غيرَ أنّ غالبيّتهم يميل إلى الدردشة والتسلية، وهي وسائل قد لا تتوافر في منازلهم، مما يبرر لجوءهم إلى «نادي الجدّ والجدّة» الذي يستقبلهم لقضاء أوقات الفراغ بعدما عجزوا عن ملئها. انطلاقاً من المحيط الاجتماعي للنادي، فإنّ «مجتمَع الصيّادين» هو المعني الأوّل بهذا النادي الذي أنشأته كاريتاس لبنان، باعتبارهم شريحة كبيرة تُعاني مصاعب حياتيّة، غالباً ما تسبّب مشاكل اجتماعيّة، بسبب عدم قدرة الصيّادين على مساعدة أهلهم المسنّين، الأمر الذي يولّد الحاجة إلى مركز يهتمّ بهؤلاء، على أنّ ذلك لا يمنَع من انتساب مسنّين من خارج هذه الشريحة، كما تؤكّد لوسي غفري المساعدة الاجتماعية في النادي.
وتقول غفري «إنّ الهدف من إنشاء النادي هو الاهتمام بالمسنّين في ظلّ غياب العناية بهذه الفئة، فالمسنّ بحاجة إلى مَنْ يستمع إليه ويعتني به، ويتجلّى دورنا من خلال الاستماع إلى مشاكلهم الخاصّة والمساعدة على تخطّيها، إلى جانب إسداء النصائح إليهم، وخصوصاً في القضايا الغذائيّة والطبيّة، عبرَ إرشادات ومحاضرات تثقيفيّة من شأنها رفع الوعي الصحّي لدى المسنّ لتغيير عاداته الغذائيّة». وترى «أنّ ما يقوم به النادي هو من قبيل التسلية الجماعيّة لشريحة منسيّة، لذلك نسعى ضمنَ برنامجنا إلى تنظيم رحلات ترفيهيّة وزيارات متبادلة لنوادٍ مماثلة في مناطق مختلفة من لبنان، من أجل التعارف بين المسنّين والتواصل في ما بينهم، إضافةً إلى تقديم الفحوص والمستلزمات الطبيّة بالتعاون مع مستوصف كاريتاس، فالمسنّ بالنسبة إلينا حالة اجتماعيّة علينا مساعدته ورعايته من كل الجوانب الإنسانيّة».
ولهذه الغاية، جرى استحداث نادٍ آخر للشباب، في سبيل تخريج دفعات جديدة، يكون لها دور فاعل في العناية بالمسنّين، انطلاقاً من أنّ الصغير يجب أن ينزل إلى مستوى الكبير لا العكس، عدا عن الدور الذي يمكن أن يؤدّيه هذا النادي في تأمين التواصل بينَ الأجداد والشباب، وتطوير مفهوم الإعانة إلى تعاون بين الطرفين، وصولاً إلى أن يصبح كلا الناديين نقطة حوار بينَ أفكار وأجيال متباعدة.
وسطَ ازدحام الأحاديث بينَ مجموعات المسنّين وتداخل الأصوات والضحكات في ما بينهم، خرجَت سوسن حلاوي التي تتولّى إعانة المسنّين في النادي، لتسأل الجميع: «ماذا تشربون» شاياً أم قهوة ؟»، اختار الجميع القهوة بينما اختارَ أحدهم الشاي، تقول: «لم أتردد في صنع إبريق شاي من أجل شخص واحد، لأنّ من واجبنا تأمين أجواء الراحة من خلال أمور بسيطة نقوم بها ولها أثر كبير في نفوس كبار السنّ».
وفي هذا السياق، تقصد الحاجّة أم أديب جعفر (75 عاماً) النادي للالتقاء بالأصدقاء وقضاء بعض الأوقات، وأكثر ما يؤلمها أنّ زوجها رمى عليها الطلاق وهيَ في مقتبل عمرها، ليقترن بفتاة أصغر سنّاً، وتقول بفرح ظاهر: «هنا تزول كلّ الأحزان والهموم، وأتلقّى العطف والحنان أكثر مما أجده من أولادي التسعة، وأجد نفسي مرتاحة بينَ أصدقائي، وخاصةً حينَ تذهَب ذكرياتنا إلى أيّام الصبا والشباب، فتنتعش القلوب بالأمل من جديد».