عفيف ديابتغص دارة قائد معارض في البقاع الغربي بالوفود الشعبية من مختلف قرى المنطقة وبلداتها، وصولاً إلى وفود أخرى من قرى في البقاع الأوسط. يقف عند مدخل دارته مصافحاً زواره في الدخول والخروج. يدخل رجل دين على رأس وفد كبير من قرية بقاعية محسوبة على تيار موال. لم تستغرب الشخصية المعارضة هذه الزيارة المفاجئة لرجل الدين ومن معه، و«كنت أعلم أنه سيأتي يوم ويعيد حساباته السياسية، ويعود إلى موقعه الصحيح. لا يمكن أحداً أن يغيّر الوجه السياسي لمنطقة البقاع، وتحديداً البقاع الغربي، الذي لم يكن يوماً إلا ساحة مواجهة مع إسرائيل وخزاناً كبيراً للقومية العربية ولعروبة لن تموت مهما حاولت أنظمة وقوى محلية تشويه صورتها».
يتشعّب الحوار بين القائد المعارض وزواره الكثر الذين جلّهم من تيار موال. يقف ملقياً كلمة تبدأ من فلسطين ومقاومتها، وتمر بلبنان ودوره العربي ومقاومته التي يجب أن نقف جميعاً معها ونحضنها، وصولاً إلى العراق و«هذا ما تعوّدناه في البقاع. لا يحق لأحد تزوير التاريخ والحقائق. هذه المنطقة كانت خزاناً للمقاومة، ومئات من شبابها استشهدوا وهم يقاومون الاحتلال في فلسطين، لبنان والجولان. ومن هذه المنطقة ذهب العشرات من شبابنا لمقاومة الاحتلال الأميركي في العراق، وأتمنى أن نحفظ تاريخنا جيداً، فلا يحق لأحد أن يزايد علينا في المقاومة ولا في عروبتنا».
ترمي الإبرة وتسمع صوتها. الكل يستمع إلى كلام المعارض اللبناني، الذي «هدرت الموالاة دمه»، عن المقاومة والعروبة، وعن سوريا وموقعها وموقفها. فقبل أشهر لم يكن هذا الكلام يجد صدى له في الأوساط الشعبية في البقاع الغربي، يقول القائد المعارض، ويضيف: «معظم الوجوه الذين جاؤوا لزيارتنا اليوم كانوا في عداد تيار موال عمل على تشويه الحقائق التاريخية. لقد عاد الهدوء إلى المنطقة بعد الشحن المذهبي والسياسي المعادي للمقاومة وللعروبة. بدأ الناس هنا يعودون إلى مواقعهم ومواقفهم الحقيقية، ومن كان ينتقدنا على موقفنا السياسي ها هو يعود ويستمع برحابة صدر ويقبل الرأي الآخر، بعدما انكشفت محاولة خطف الشارع، وتحديدا الشارع السنّي في البقاع الغربي، إلى مواقع ليست له، أو هي في الأساس مواقع معادية، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً».
يرد المعارض البارز في البقاع الغربي على بعض محاوريه: «نعم يا إخوان، كانت لسوريا أخطاء كبيرة وصغيرة في لبنان، ولكن هذا لا يبرر معاداتها والوقوف مع المشروع الأميركي ضد سوريا أو المقاومة. يحق لأي مواطن في البقاع الغربي أن يكون في أي حزب سياسي، ولكن لا يحق له أن يزوّر تاريخ المنطقة».
يغادر الوفد الشعبي دارة المعارض ليدخل وفد آخر من بلدة كبرى في البقاع الأوسط. يحمل الوفد شكراً لحليف سوريا الذي عمل على إطلاق أحد أبناء البلدة الذي كان موقوفاً في دمشق بتهمة سياسية: «يا إخوان، علينا أن لا ننسى أن سوريا ستبقى جارتنا. فدمشق بالنسبة إلى أبناء البقاع هي أقرب إليهم من بيروت جغرافياً، وحتى اقتصادياً، ولا تنسوا أن أميركا تحتل أرضنا وتسرق ثرواتنا».