غسان سعودتتجه الخلافات الفلسطينيّة ــ الفلسطينيّة إلى مزيد من التفاقم، إذ تشهد حركة فتح في لبنان، منذ أشهر، خلافات داخليّة تزداد خطورة مع توارد معطيات من المحيطين بأمين سر حركة فتح في لبنان سلطان أبو العينين عن نيّة الأخير التصعيد الخطابي والفعلي تجاه «تمادي» ممثل منظمة التحرير في لبنان والمسؤول عن حركة فتح عباس زكي في محاولة تهميشه ومصادرة ما بقي من نفوذه.
وفي المعلومات، أن أبو العينين يقوم منذ أسابيع بزيارات إلى المخيمات الفلسطينيّة يحرض فيها على زكي، ويصفه بابن منطقة 1967، أي الضفّة الغربيّة، ويزعم أن لا علاقة له بفلسطينيي لبنان الآتين في معظمهم من المناطق المحتلّة عام 1948.
والتشكيلات، الثالثة في ثلاث سنوات، التي جرت في فتح ــ لبنان أخيراً، أدت عملياً إلى إبعاد أبو العينين عن العمل العسكري، وتوحيد عسكر فتح في إطار واحد يشرف عليه العقيد منير المقدح الذي يعرف عنه عداؤه للصراعات الداخليّة الفلسطينيّة. عقد أبو العينين، قبل ثلاثة أسابيع، اجتماعاً مع كوادر فتح العسكريين في عين الحلوة، لكن المجتمعين فوجئوا بدخول المقدح عليهم، وتوجهه إلى أبو العينين بالقول إنه لا حق له بعقد مثل هذه الاجتماعات، لأن مسؤولية العسكر تنحصر فيه وحده. الأمر الذي وتّر الأجواء وظهّر ملامح انقسام بين الضباط المتمسكين بدور أبو العينين من جهة، والضباط المؤمنين بضرورة مواكبة تطور منظمة التحرير من جهة أخرى.
على صعيد آخر، يكشف أحد المطّلعين أن من أسباب تمرد أبو العينين تأكّده أن زكي مصرّ على تعظيم دور مسؤول الاستخبارات السابق في فتح كمال مدحت الذي عيّنه زكي مستشاراً له في انتظار تكليفه المنصب المناسب. وجدير بالذكر أن مدحت كان يرى أنه أولى بالمسؤولية عن حركة فتح في لبنان من أبو العينين لأن خبرته أكبر ورتبته العسكريّة أعلى، وظل معتكفاً 12 سنة حتى تسلّم زكي مقاليد الحكم وكلّفه بعض المهام رغم حساسيّة أبو العينين منه.
وفي فتح أيضاً، تتفاعل أزمة كبيرة على خلفية إقالة آلاف العسكريين بذريعة إعادة تشكيل الوحدات. إذ ثمة قرار يقضي بإبقاء ألفي مقاتل من أصل ثمانية آلاف يدفع اليوم لهم أجر يراوح بين مئة وخمسمئة دولار. ومعظم هؤلاء يعيلون أسرهم من هذه الأجور، وستسبب لهم إقالتهم أزمات معيشيّة.
ويزداد السخط من تمييز زكي مالياً بين مسؤولي الحركة، وتخصيصه المقربين منه ـــــ على ما يدعي خصومه ـــــ بهدايا باهظة الثمن، كان آخرها سيارة تتخطى قيمتها 18 ألف دولار لأحد المقربين. علماً بأن زكي لم يؤلف بعد طاقمه الدبلوماسي بسبب رفض الدولة اللبنانية الموافقة على تعيين دبلوماسيين لا يحملون جواز سفر أجنبياً.
من هنا يقول بعض المراقبين إن فتح ستكون مشغولة في الفترة المقبلة بمشاكل جديّة تعصف بها، وخصوصاً أن المؤتمر الخامس الذي سيناقش تطور الحركة تنظيمياً أرجئ إلى آب، ويرجح أن يتصاعد قبل موعده شد الحبال بين أجنحة فتح.