لندن ــ الأخبارلا يُخفي وزير الثقافة ووزير الخارجية بالوكالة طارق متري، تاريخه السياسي الذي لا يزال يعتزّ به. وعلى العكس، فهو يحرص على القول إنه صاحب جذور يساريّة، وإنه كان يعمل في التعليم بجنيف حين دخل صدفة إلى السياسة ولم تحقق له الوزارة أياً من طموحاته، بل وضعته أسيراً على المستوى الأمني، حيث بات يتحسب في حركته وحياته اليومية بعدما كان حراً، وهو لا يشعر بحريته إلا حين يخرج من لبنان.
ومن لندن حيث كان متري يتحدث عن المشكلة المتمثلة بكونه «قائماً بأعمال وزارة الخارجية، دون أن أتخلّى عن قناعاتي الوطنيّة والعروبيّة، والبعض لا يميّز بين كوني جزءاً من الحكومة، وكوني لا أمثِّل جزءاً من قوى 14 آذار».
يضيف الوزير أن الحالة التصنيفية العمياء التي لا تسود لبنان فحسب، بل أيضاً المنطقة العربية برمتها، هي ما يجعله يُحسَب على قوى معينة في لبنان والمنطقة، علماً بأنه في حقيقة الأمر لا ينتمي إليها. ويتحدّث عن الموقف الذي عبّرت عنه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، بعدم الممانعة في استمرار الحكومة، والتمديد لمجلس النواب دون حصول انتخابات رئاسية، فيؤكد أن ما وصله من معلومات من السفارة اللبنانية في واشنطن يُفيد بانزعاجها من تسريب موقفها، وأضاف: «ما أعلمه هو الموقف الأميركي الرسمي الداعي إلى انتخابات رئاسيّة فوريّة».
ويتابع متري قائلاً إن الموقف السياسي للحكومة اللبنانية لا يتعارض مع قناعاته هو، وخاصة لناحية أن الوجود الأميركي في العراق احتلال، وتصنيف إسرائيل دولة معادية، ورؤية سوريا دولة مجاورة لا بدّ من إقامة أفضل العلاقات معها، واستعادة مزارع شبعا بأقصى سرعة. وقال متري إن ما يجري في مجلس الوزراء من جدال ذي طبيعة شخصيّة لا يعنيه ولا يهتم بالتدخل فيه، بل يعنيه الموقف الرسمي للمجلس.
ويأسف متري للتصعيد الحاصل على مستوى العلاقات اللبنانية ـــــ السورية، مشدداً على ضرورة إعادة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها، دون أن ينسى تحميل مسؤولية تردي العلاقات إلى تاريخ طويل من الأخطاء المتبادلة، ربما أساسها سوء تفاهم مر عليه زمن طويل، و«لكن النظام السوري أعلن في العديد من المحطات اعترافه بسيادة لبنان، وهو ما يجب أن يبنى عليه إيجاباً، لكن جزءاً من المعارضة يخطئ بولائه الأعمى لسوريا، كما أخطأ جزء من الموالاة باعتباره لحظة خروج سوريا من لبنان فرصة للانقضاض عليها». مضيفاً أن «أية مقارنة بين سوريا وإسرائيل هي مقاربة معيبة». ويرى متري أن ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان أصبح موضوعاً لصراع إقليمي، وخرج عن كونه ملفاً داخلياً، وبات بحاجة إلى تسوية تبدأ بترطيب العلاقات السورية ـــــ السعودية، وطمأنة المخاوف العربية من إيران ودورها في المنطقة العربية، و«المآخذ على دمشق كبيرة، وهي لا تساعد العرب في احتواء النفوذ الإيراني».
ويعتب متري على حزب الله، بعد تحوّل علاقات الحزب به، وهو ما بدأ يحسه قبل انسحاب الوزراء الشيعة، حين رفض حضور مهرجان علم سلفاً أن الحكومة ستتعرض خلاله للهجوم، «ولكن هذا لا يمنع أنني من المؤيّدين للمقاومة، وأني سليل فكر يرى أن مقاومة العدو تحمل الجانبين العسكري والفكري. ويتصف موقف حزب الله مني بقدر من الظلم، أو أصبح بيننا ما يشبه القطيعة».