strong>لحريري يقود حملة «مستقبليّة» على حزب اللّه: ينفّذون تعليمات النظام القاتل
«تعليماته» وغادر مهدّداًً: لن نقبل بالوضع القائم قبل أن يغادر ديفيد ولش لبنان، بدأت «بشائر» زيارته تظهر بتصاعد حدّة السجالات بين الموالاة والمعارضة، وانطلاق حملة عنيفة من تيار المستقبل لى حزب اللّه، في يوم كان فيه من المقرر أن يكون داية للحوار لولا وأد مبادرة بري
بعدما ظهر مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، ديفيد ولش، يوم وصوله، مفسراً للمبادرات وقاطعاً لمساعي الحوار، قدم نفسه أمس حامياً للمسيحيين، بالقول إن بلاده «تدعم الطائفة المسيحية في لبنان، ونأسف لكون البعض قام بتقسيمها» يس مسموحاً أن الموقع الريادي المسيحي يبقى شاغراً لمدة طويلة»، لذلك كرر دعوته إلى انعقاد مجلس النواب في 22 من الجاري وانتخاب رئيس «دون أي تأجيل أو شروط»، قائلاً إن «البرلمان هو المكان الطبيعي لأي حوار وطني»، كما جدد الدعم لـ«حكومة الرئيس السنيورة» الذي يقوم والوزراء «بعمل ممتاز»... «لكننا في المقابل لا ندعم هذا «الستاتيكو» القائم».
وبلهجة تهديدية، قال: «لن نقبل بالوضع القائم وبهذه الحال، نحن نؤمن بأن للحكومة في لبنان مسؤوليات وأنه باستطاعتها الوفاء بها، لكن الوضع غير مثالي وما يجب أن يحصل هو أن ينتخب رئيس للجمهورية، وهناك مرشح توافقي وبرلمان يجب أن يقوم بواجبه». ورأى «أن وجهة النظر الأميركية للحل لا تتناقض في الواقع مع وجهة نظر أوروبا وفرنسا والمبادرة العربية التي تنص على انتخاب رئيس، وتأليف حكومة، ووضع قانون للانتخاب. إنما هذه الآلية تحتاج إلى من يديرها. يجب على رئيس المجلس فتح المجلس النيابي ودعوة المعارضة لانتخاب الرئيس التوافقي».
وكان ولش قد جال أمس، ترافقه القائمة بأعمال سفارة بلاده ميشال سيسون، على البطريرك الماروني نصر الله صفير والرئيس أمين الجميل والوزير شارل رزق وقائد الجيش العماد ميشال سليمان ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، وشارك في حفل إحياء ذكرى تفجير مقر السفارة الأميركية السابق في عين المريسة، ثم غادر بيروت، متوجهاً إلى الرياض. مع الإشارة إلى أن اللقاء مع رزق حضره رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي أنطوان خير، رئيس الغرفة السادسة لدى محكمة التمييز القاضي رالف الرياشي والمدير العام لوزارة العدل القاضي عمر الناطور.
وقال الجميل بعد لقائه ولش إنهما لم يدخلا في تفاصيل مرحلة بقاء الوضع على حاله، «وما إذا كنا سنذهب إلى مجلس الأمن أو لا إذا لم تجر الانتخابات الرئاسية»، مضيفاً: «ما من شك بأن لبنان الآن هو تحت المظلة الدولية، والقرار 1559 يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، وهذا الأمر شأن لبناني مئة في المئة، ويجب على كل الأطراف أن تعي بأن الفراغ الرئاسي خطير جداً، وهو انتحار على الصعيد الوطني، وبأنه لا يمكن أن نحل الأزمة اللبنانية دفعة واحدة. يجب حلها عقدة عقدة». فيما كشف جعجع أن البحث تناول مسألة ترسيم الحدود وحماية لبنان «من التدخلات الخارجية». وقال إنه في حال عدم انتخاب رئيس، فإن «خيار الأكثرية المطلقة ما زال مطروحاً، فضلاً عن توسيع الحكومة أو ترتيبها أيضاً، إلى جانب خيارات أخرى ولكنها خيارات دقيقة وصعبة». أما رزق فرأى أن الأزمة «تتمثل بتعطيل جزء كبير من مؤسساتنا، بدءاً من البرلمان كمؤسسة تشريعية، ثم السلطة التنفيذية عبر الشغور في سدة رئاسة الجمهورية للأسف».
وبعدما التقى رئيس الحكومة، فؤاد السنيورة، منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد والنائب السابق منصور غانم البون، ثم سفراء الاتحاد الأوروبي، قال رداً على سؤال إن زيارة ولش «لم تحدث خرقاً جديداً» في الوضع، مردفاً: «نحن من يفترض به أن يغيّر عبر فورية انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد». كذلك رأى النائب أكرم شهيب أن الزيارة «لا تؤدي إلى تغيير ولكنها تسهم في تحريك الملف»، ووضعها في إطار «التحركات العربية والدولية للتأكيد على المبادرة العربية ولا سيما البند الأول الذي ينص على انتخاب العماد ميشال سليمان فوراً».

حملة من المعارضة على زيارة ولش
لكن النائب العماد ميشال عون قال إن ولش «قطع الطريق على المبادرة العربية» و«ضرب الوفاق اللبناني ـــــ اللبناني، لأن لا رئيس توافقياً من دون تفاهم على نقطتين أساسيتين هما: حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب الجديد. ومن دون ذلك لا مبادرة عربية ولا رئيس توافقياً». وأردف إن الرئيس «الذي سينتخب بهذا الشكل سيكون موالياً وليس توافقياً». وسخر مما نقل عن رايس حول تمديد ولاية المجلس النيابي، بالقول: «أعتقد أنها لن تبقى في مركز المسؤولية حتى ذلك الوقت. هذا نوع من الوعود التدعيمية». وتحدث عن وجود سياسة عزل «فإما يعزلون عون ويهاجمونه وإما يعزلون «حزب الله». همهم فصلنا بعضنا عن بعض». وكرر دعوته إلى «حفر كل المقابر لبت قضايا المفقودين»، قائلاً: «يجب أن يفهموا من هم في القوات اللبنانية وفي غيرها أنهم إذا كانت لديهم غيرة وكان ضميرهم مرتاحاً فليطالبوا معنا بفتح كل المدافن الجماعية».
وإذ لفت الرئيس سليم الحص إلى أن ولش «يلتقي فريقاً لبنانياً ويستعديه على الفريق الآخر»، استغرب «كيف أن الدولة العظمى قررت أن تكون طرفاً في النزاع اللبناني»، معتبراً أنها لو شاءت «مساعدة لبنان حقاً لأعلنت دعمها لعقد حوار بين الأطراف اللبنانيين يؤدي إلى حل الخلافات التي تفرّق بينهم»، معرباً عن خشيته أن تكون «في صدد جر لبنان إلى مثل المصير الذي ساقت إليه العراق المنكوب. والدولة العظمى، ويا للعجب، هي التي ترى الفوضى خلّاقة، فنحن في غنى عن فوضاها الخلاقة».
والتقى الحص أمس الأمين القطري لحزب البعث فايز شكر، الذي رأى أن زيارة ولش هي لـ«تقديم الدعم المطلق لفريق 14 آذار وشد أزره بعدما بدأت طروحاته السياسية تتهاوى في ظل الخلاف بين أعضائه على قانون الانتخابات»، وقال إن «حضوره نذير شؤم، لأنه كلما لاح في الأفق أي حل للخروج من الأزمة حطّ ديفيد ولش رحاله ومشاريعه لمنع أي تفاهم على الحوار».
وفي افتتاح المؤتمر التكريمي للدكتور الراحل محسن الخنسا، قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، إن ولش «جاء متستراً بمناسبة، ففضحته كلماته في التصريحات»، محدداً 4 أهداف للزيارة: أولاً: إعطاء دفعة معنوية لجماعة السلطة، ثانياً: ليقول إن أميركا لا تقبل أن يتحاور اللبنانيون، ثالثاً: ليبلغهم أن الفراغ والجمود هما سيدا الموقف خلال الأشهر القادمة إن لم أقل لما يتجاوز السنة، وبالتالي عليهم أن ينتظروا تطورات محتملة في المنطقة، قد تحصل وقد لا تحصل، رابعاً: حملهم مسؤولية الالتفاف حول الحكومة غير الدستورية وغير الشرعية.
وعزا إشارة ولش إلى انقسام المجتمع المسيحي، إلى أنه «لم يملك الجرأة ليتحدث مباشرة عن انزعاجه المتكرر من موقف العماد عون مع المعارضة». ورأى «أن أميركا تسيطر بشكل كامل على قرار السلطة في لبنان»، وبالتالي «فالأزمة طويلة جداً جداً»، متهماً الموالاة بأنها تريد إخراج المعارضة من كل المؤسسات الدستورية، وخاطب أركانها بالقول: لستم مؤتمنين على لبنان حتى نعطيكم إياه ... وإذا ظننتم أن الضغوط العربية والدولية يمكن أن تؤثر علينا فهذا أمر لم يعد وارداً».
وبعد زيارته لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية في بنشعي، لإطلاعه على نتائج جولة بري، رأى النائب علي حسن خليل في ما قاله ولش «تجاوزاً للمبادرة العربية القائمة على سلة حل متكامل»، وأن «هذا الموقف يبرهن رفض الأكثرية للبحث في قانون انتخابات جدي يحقق الاطمئنان لعموم اللبنانيين وخصوصاً المسيحيين». وإذ كرر تبني المعارضة لقانون 1960، أعلن الانفتاح في إطار مبادرة بري الحوارية «لسماع أي طرح جدّي من قبل قوى 14 آذار يقدّم للنقاش ربما يحقق الغاية نفسها وهي شعور المسيحيين تحديداً وكل اللبنانيين بالاطمئنان إلى مستقبلهم الذي يصنعه قانون انتخابات حقيقي وجدي».
بدوره، أكد فرنجية أن المعارضة «لن تتخلى عن ثوابتها، وهي ليست الفريق المعرقل، لا بل إنها فريق يطالب بحقوقه وبحقوق نصف الشعب اللبناني على الأقل». وطالب الأكثرية بـ«طرح رسمي حول قانون الانتخابات لنناقشه معهم». وقال إن طرحه التخلي عن الحكومة مقابل تلازم انتخاب الرئيس وإقرار قانون 1960 «هو كما يقول المثل: لحاق الكذاب لباب الدار»، معتبراً أن رفض هذا الطرح يعني «أنهم فعلاً هم الذين لا يريدون رئيساً للجمهورية لا نحن».
ورأت الكتلة الشعبية أن الزيارة «تأتي لتؤكد رغبة الإدارة الأميركية في استمرار حالة المراوحة وعدم تبديل صورة الفراغ القائم، ولإصدار أمر عمليات جديد يمنع التلاقي والحوار». وقالت «إن الانتخابات النيابية المقبلة لا تشكل أولوية بالنسبة للإدارة الأميركية لأنه تم تنظيم الفراغ وانتقال السلطة من رئيس الجمهورية إلى يد رئيس الحكومة». كما انتقد النائب مصطفى علي حسين تصريحات ولش، وأضاف: «لو أن ما قاله جاء على لسان أحد من المسؤولين السوريين أو الإيرانيين لأقام فريق السلطة الدنيا ولم يقعدها».

«اللغة الثأرية تعرقل كشف الحقيقة»
وبرز أمس، هجوم «مستقبلي» على المطالبين بإنصاف الضباط الأربعة، قاده النائب سعد الحريري، الذي أطلّ بعد غياب عن لبنان لاثنين وخمسين يوماً، ببيان وزعه مكتبه الإعلامي، منطلقاً من الذكرى الثالثة لاستشهاد النائب باسل فليحان، ليشن هجوماً عنيفاً على «القوى التي تنفذ اليوم تعليمات النظام القاتل دفاعاً عن الضباط الأربعة»، وقال إن هؤلاء، مسؤولون «على أقل تقدير عن خفض الحماية الأمنية عن رفيق الحريري قبل اغتياله، والتلاعب بمسرح الجريمة بعده، والمشاركة في تأليف أكذوبة أحمد أبو عدس».
وأضاف «إن من يمنع قوى الأمن الداخلي والجيش من حماية المواطنين اليوم وكل يوم، ويخطف عناصرهما، ويعتدي عليهما ويحجب عنهما المطلوبين من العدالة العادية في كل لحظة، لا يحق له أن يتكلم عن التحقيق في جريمة بحجم اغتيال رجل تاريخي مثل الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، معتبراً ذلك «محاولة دنيئة للضغط على مجريات التحقيق وإرهاب القضاة والجهات المولجة بالتحقيق الدولي»، ولوّح بأن «جمهور رفيق الحريري لن يقف مكتوف اليدين بعد اليوم في وجه محاولة اغتياله مرة جديدة، وإن غد العدالة لناظره لقريب».
وما قاله الحريري تلميحاً، سمّاه النائبان عاطف مجدلاني ومحمود المراد صراحة، بحملة مباشرة على «الضاحية الجنوبية» وحزب الله الذي رد على «شخصيات فريق السلطة» ببيان قال فيه «إن الخلفية التي تحدث بها هؤلاء قبل اعتقال الضباط وبعده وإلى الآن، هي اتهام سياسي ولغة ثأرية وتصفية حسابات سياسية. وهم الذين اتهموا وهم الذين اعتقلوا وهم الذين حاكموا وهم الذين أصدروا الأحكام، وبالتالي فإنهم يحتاجون إلى هذا النوع من الضجيج الإعلامي للتغطية على هذه الجريمة الإنسانية في اعتقال الضباط». واتهمهم بأنهم «يلجأون إلى مزيد من التحريض والتهويل بهدف التعمية والتغطية على جريمة الاعتقال السياسي»، داعياً إياهم إلى تقديم أدلّتهم الاتهامية، معتبراً أن «اللغة الاتهامية والثأرية» هي «التي تعرقل الكشف عن الحقيقة وتمنع اكتشاف القاتل الحقيقي».