نظّم معهد إعداد المربّين، بمناسبة الذكرى الـ25 لتأسيس «التربية التقويمية»، مؤتمر «نظرة مختلفة إلى الطفل ذي الحاجات الخاصة: نظرة المربي التقويمي»
رشا أبي حيدر
هل تُعَد الإعاقة حجة كافية لاستبعاد صاحبها من النظام التربوي؟ هل ترتّب تربية وتعليم ذوي الحاجات الخاصة أعباءً إضافية؟ هل فقدت مدارسنا مفهوم التربية للجميع؟ أين المدرسة الرسمية من التربية التقويمية؟ أسئلة طرحها المشاركون في مؤتمر قسم التربية التقويمية في جامعة القديس يوسف. فمفهوم التربية التقويمية لا يزال برأي الاختصاصيين في القسم غير واضح لدى الكثيرين، وخصوصاً أنّ المجتمع ينظر إلى المربي التقويمي على أنّه فاعل خير يساعد الإنسان المختلف عنه.
وتوقفت مسؤولة القسم أسمى عازار عند الهوية المهنية للمربي التقويمي، فأوضحت أنّه معلّم متخصص بالتدخل التربوي إلى جانب أشخاص لديهم إعاقة، أو اضطراب، أو صعوبات في التكيّف والتعلّم، وهو يعمل مع كل شخص طفلاً كان أو مراهقاً، يعاني صعوبة في التكيّف الاجتماعي والاضطراب في النمو، أو مرضاً يؤثر في استقلاليته الذاتية واندماجه في المدرسة والمجتمع. وأشارت عازار إلى أنّ مدارس لبنان تفتقر إلى المتخصصين في هذه المهنة المطلوبة على صعيد المجتمع، لافتة إلى أنّ وزارة التربية والتعليم العالي تهمّش الاختصاصيين في مجال التربية التقويمية «بس نحنا عم نطحش، والقسم هو أول من أطلق نقابة المربّين التقويميين في لبنان».
ويراعي المربّي التقويمي، بحسب غيا سعيفان التي تناولت التدخل التربوي التقويمي في إطار المدرسة، حاجات، قدرات وأهدافاً محددة في الخطة التربوية، كي يستطيع المتعلم أن يكوّن كيانه الشخصي واستقلاليته وتطوّره مع الوقت.
وفي المداخلات، انتقدت إحدى الأمهات وزارة التربية لعدم اهتمامها بالتلامذة المعوقين، ولحظهم في برامجها. وتساءلت: «ما الذي يمكن أن يفعله أهالي المعوقين الذين لا يستطيعون إدخال أولادهم إلى مدارس مختصة بسبب الإمكانات المادية؟، هل نحن مضطرون إلى بيع البيت والأرض لتعليم أولادنا؟». يذكر أنّ المتدخلة هي والدة لمعوّق عمره 18 عاماً.
من جهته، شرح أحد الآباء أهمية التربية التقويمية التي ساعدت ابنه على التطور، متمنياً أن يُعتمَد هذا القسم في جميع المدارس الرسمية والخاصة حتى يتمكّن الجميع من الحصول على حقّهم في التعلّم، كي لا يكون هذا الأخير لفئة على حساب أخرى.
وعبّر شاب أصمّ عبّر بطريقته الخاصة عن تحسّنه الملحوظ على يد مربين في التربية التقويمية، بعدما تلقّى العلاج في السابق على يد أشخاص غير متخصصين وليس لديهم شهادة.
أمّا منسقة التوجيه التربوي في مديرية الإرشاد والتوجيه جوليانا طرابلسي، فعرضت ما قامت به وزارة التربية على صعيد التربية التقويمية، وأوضحت أنّ الوزارة تجهد لتأمين الظروف لكل التلامذة ذوي الاحتياجات الخاصة، وإن كانت الطريق لا تزال طويلة، مشيرة إلى «أننا تلقينا مجموعة من الاقتراحات بهذا الشأن، وهناك عشر مدارس رسمية يجري تدريبها على دمج الأطفال ذوي الحاجات الخاصة». لكن طرابلسي أشارت إلى أنّ من يعملون مع هؤلاء الأطفال يعتمدون على خبراتهم، وهم حائزون شهادة في الفلسفة أو علم الاجتماع أو علم النفس.
وتطرقت هلا رعد إلى التحديات التي تواجه التربية التقويمية على رغم نجاحها في إحداث تغييرات على مستويات عدة في لبنان، منها النقص في التوصيف وإدراج المهنة على مستوى الوزارات المعنية، عدم وجود قسم في وزارة التربية يعنى بمتابعة أمور ذوي الحاجات الخاصة، النقص في تحديث وتطوير القوانين وعدم تطبيق المواد المتعلقة بالأشخاص المختلفين. أما على صعيد الممارسات، فقد تبيّن عدم تبني نهج الحقوق والتربية الدامجة على مستوى النظام الإداري العام في بعض الأماكن، إضافةً إلى صعوبة التنسيق بين جميع الأطراف المعنية وتعددية المناهج واللغات التي تضع ذوي الحاجات الخاصة في مشكلة تحدٍّ تعوق تطوّرهم.