السنيورة يتشاور مع الفيصل والمعارضة تدعو الموالاة إلى طرح أي قانون انتخابي لمناقشتهبديلاً من طاولة الحوار التي أعدّها الرئيس نبيه برّي في الطبقة الثالثة من مقر المجلس النيابي، استؤنف السجال الحاد بين عين التينة وقريطم بالواسطة عشية التأجيل الثامن عشر لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة غداً
عكس الحادث الأمني الذي شهدته مدينة زحلة، أمس، المدى الذي بلغه الاحتقان السياسي والشعبي نتيجة استمرار الأزمة وإغلاق أبواب الحوار والاستعاضة عنه بالسجالات والتراشق الكلامي العنيف، مع انسداد أفق المبادرات وانتظار الأطراف المحلية ما ستسفر عنه الحركة الخارجية، وأبرزها الاجتماع المرتقب غداً الثلاثاء في الكويت والذي سيخصص لبحث الأزمة اللبنانية.
ومتابعة لتحضيرات هذا الاجتماع، أجرى رئيس الحكومة، فؤاد السنيورة، اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، وتطرق البحث إلى آفاق المرحلة المقبلة في ضوء الاجتماع المذكور، وقد تركّز الحديث على المواضيع التي ستطرح خلاله وما يمكن أن يصدر عنه.

«صدى المغترب سعد الحريري»

في هذه الأثناء، تجدد السجال على خط قريطم ـــــ عين التينة، وفي هذا الإطار توجه النائب عمار حوري بتصريح إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري رداً على إعداد الأخير طاولة الحوار، ورأى حوري: «أن الحوار ليس طاولة خشبية، بل منطق وانفتاح بعيداً عن هذه العقلية المتحجرة التي وضعت فيها المعارضة نفسها بين حدّي الكذب وتزوير الحقائق خدمة للآخرين»، متسائلاً «هل من عاقل يمكن أن يبرّئ المعارضة من جريمة الفراغ في الموقع المسيحي الأول في رئاسة الجمهورية ومن جريمة إقفال المجلس النيابي ومن جريمة احتلال وسط بيروت؟ وهل من أحد يمكن أن ينكر على المعارضة هذه القدرة البهلوانية غير المسبوقة على التلاعب بمقدرات الوطن، والاختراع اليومي للأعذار الواهية والشروط المستحيلة؟ وهل من مؤمن بلبنان يقبل يا دولة الرئيس بهذا الابتزاز ما بين إعلان نيات، بغضّ النظر عن تفاصيله، وتفكيك مستعمرة وسط بيروت وإنهاء الاحتلال؟».
ورأى أن الماراتون المطلوب «هو إسراع جميع نواب الأمة في اتجاه المجلس النيابي، وفي طليعتهم نواب المعارضة لننتخب العماد ميشال سليمان ». وختم: «ننتظر الثلاثاء بشوق».
ورد النائب علي حسن خليل على حوري، قائلاً: «سمعنا اليوم صدى صوت النائب المغترب سعد الحريري عبر كلام قلة الأدب السياسي لأحد «حوريه» الذي اتهم الأخصام والمعارضين بصفاته من التحجر والكذب والتزوير. نقول بكل حزم إن مخططكم لوضع اليد على لبنان وتحويله إلى شركة من شركاتكم وأراض مفرزة للبيع لمؤسساتكم، هذا المخطط سينتهي إلى الفشل».
وأضاف: «إن الحوار الذي يدعو إليه الرئيس نبيه بري ومساعيه من أجل إنقاذ لبنان يكشفان خشيتكم من العري أمام حلفائكم وأمام الرأي العام بأنكم لا تريدون حلاً، وخاصة في ما يتعلق بقانون الانتخاب، سوى قانون الألفين أو التمديد كما علّمتكم المعلّمة (وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا) رايس»، مشيراً إلى أنه «إذا صدّقنا أن أضرار الاعتصام بلغت 3 مليارات دولار، فإن خمسين مليار دولار من الديون على حاضر لبنان ومستقبله هي نتيجة عدم اعتصامكم بحبل الله». ورأى أن «من ينتظر الثلاثاء بشوق كان يجب عليه أن يستجيب لنداء الحوار الذي يطفئ شوقه... وإلا فهو المسؤول عن كل تأخير وتأجيل، ونحن نعلم أنكم فعلاً تخططون لذلك».
وخلال احتفال لـ«نادي الرسالة» في بلدة كفررمان ـــــ النبطية في ذكرى مجزرتي قانا والنبطية الفوقا وشهداء كفررمان، وتكريماً للفنان العربي دريد لحام، دعا خليل الموالاة إلى طرح مشروع قانون للانتخابات على طاولة النقاش «ونحن سنكون في أعلى درجات الإيجابية للتوصل إلى تفاهم وقاسم مشترك».
من جهته، أكد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب محمد رعد، أن الأزمة قد تمتد إلى انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي، مشدداً على أننا «نريد إعادة إنتاج السلطة وفق قاعدة الوفاق الوطني، ولا نريد تعديل أي بند من بنود الطائف». وأكد، خلال احتفال تأبيني في بلدة كفربيت، أن الحوار هو طريق الخلاص، مشيراً إلى أن «الذي يرفض الحوار هو الذي يرفض السيادة والوحدة الوطنيةعلى صعيد آخر، سأل النائب إبراهيم كنعان، خلال تمثيله العماد ميشال عون في حفل العشاء السنوي لهيئة «التيار الوطني الحر» في جسر الباشا، «ما هو الطريق الأقرب إلى انتخاب رئيس للجمهورية؟ فهل هو في الفتنة والانقسام في داخل مناطقنا، أم في وضع قانون انتخاب لطالما انتظره اللبنانيون والمسيحيون خاصة؟ مشدداً على «أننا لن نسلّم شعبنا مرة أخرى ونتنازل عن حقوقنا من أجل كرسي، وبعض المكتسبات الحكومية وغير الحكومية».

صيف لبناني زاهر ومثمر

ووضع رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني، طلال أرسلان، زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش في خانة التحريض على الفتنة. واتهم من السرايا الأرسلانية في الشويفات النائب وليد جنبلاط بأنه «رأس الحربة الأميركية في مشروع الخربطه على المستوى الداخلي والإقليمي». ورأى أن على العماد سليمان «أن يثبت جدياً حياديته إذا كان لا يزال طامحاً إلى موقع رئاسة الجمهورية»، مكرراً أن «على (مدير المخابرات في الجيش) جورج خوري أن ينتبه إلى الضباط من حوله الذين يحاولون توريطه».
في المقابل، أكد وزير السياحة جوزف سركيس في احتفال لـ«القوات اللبنانية» في سيدني قبل إنهائه زيارته لأوستراليا «أن الحكومة المدعومة من قوى 14 آذار متماسكة كما هي، وتسير بلبنان إلى الخلاص والأمان»، داعياً اللبنانيين إلى «حزم الحقائب وتمضية الصيف في لبنان»، آملاً «في موسم زاهر ومثمر».
وشن النائب أنطوان زهرا هجوماً عنيفاً على عون، متهماً إياه بأنه «أصبح وسيلة لإسقاط كل مقومات الوجود المسيحي الحر والفاعل في لبنان»، وفي المواقف، حمل متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، على المعارضة، وتساءل خلال العظة التي ألقاها بعد قداس أحد الشعانين، في كاتدرائية القديس جاورجيوس في ساحة النجمة، «لمَ يغلق وسط هذه العاصمة التي كانت منارة ومقصداً؟» وأضاف: «مجرم كل من يبقى صامتاً عما يحصل في هذا البلد»، كما سأل: «لمَ إغلاق مجلس النواب لأكثر من سنة؟ إذا لم يكن من واجب النائب الدفاع عن حقوق الشعب، فمهمة من إذاً هي هذه المهمة، ولمَ اللف والدوران واختراع الحجج؟».
ورد المفتي الجعفري الممتاز، الشيخ أحمد قبلان، على عودة، معتبراً أنه كان حريّ بالمطران عودة «كما عرفناه حكيماً أن لا يحمّل جهة دون الأخرى أزمة الوطن الذي هو لجميع بنيه». وسأله «لماذا لم تحمّل المسؤولية لحكومة ما زالت على وتشبّثها بمواقفها المعطّلة لكل الحلول المنصفة».

قضيّة الضباط بين الإقليم والجاهلية

في غضون ذلك، استمرت قضية توقيف الضباط الأربعة بالتفاعل، ورداً على الدعوات المطالبة بإطلاق سراحهم، أوضح النائب علاء الدين ترو، خلال احتفال أقامته «قوى 14 آذار» في إقليم الخروب تكريماً للنائب الراحل الدكتور باسل فيلحان، أن توقيف الضباط كان نتيجة الضغط الشعبي من المتظاهرين، فيما رأى النائب محمد الحجار «أن الحملة التي يتصدّرها «حزب الله» وميشال عون لعبة خطيرة تنذر بعواقب وخيمة».
وكانت قضية الضباط محور لقاء بين رئيس «تيار التوحيد اللبناني» الوزير السابق وئام وهاب والوزير السابق ناجي البستاني والنائب السابق إميل إميل لحود في دارة الأخير في الجاهلية.
وبعد اللقاء، قال البستاني: «كنا ننتظر من الوزير شارل رزق الجواب المطلوب خلال التصريح الذي أدلى به بعد زيارة السيد ديفيد ولش له في مكتبه في وزارة العدل، أما قوله إن وزارة العدل اللبنانية اختصاصها في لبنان ولا يمكنها أن تقوم بأي شيء في فرنسا، فهذا ليس بالجواب المفترض»، فيما سأل وهاب: «كيف يسمح لنفسه مسؤول أجنبي له مواقف تحريضية ومشبوهة في القضية اللبنانية، أن يدخل إلى وزارة العدل ويتدخل في قضايا قضائية ويضغط على وزارة العدل وعلى بعض القضاة في قضية من هذا النوع؟».
بدوره، دعا شيخ عقل الطائفة الدرزية، الشيخ نصر الدين الغريب، خلال ترؤسه الاجتماع الشهري للقاء التشاوري في كفرمتى، السياسيين إلى عدم الاستخفاف في قضية الضباط، وقال: «لم يدنهم التحقيق الدولي الذي طلبوا بموجبه إقرار المحكمة الدولية، وأما هم فيستمرون في اعتقالهم لغاية في نفس يعقوب».