strong>أنطون الخوري حربتتقاطع حركة رئيس مجلس النواب نبيه بري لإحداث اختراق في جدار الأزمة، مع حسابات محلية وإقليمية، منها ما يدفع باتجاه الانفراج، ومنها ما يزيد الأزمة تعقيداً. وكشفت مصادر في كتلة التغيير والإصلاح أن تحرك بري وجولته على سوريا ومصر وقطر، جاءا على خلفية التحفيز السوري لطرح صيغة حل جديد، كإحدى نتائج القمة العربية، بعد ربط مصر تحسين العلاقات العربية ـــــ السورية بحل الأزمة اللبنانية، وقد مثّل دعم دمشق وتجاوبها مع مبادرة بري الإخراج المطلوب للتفاهم المسبق بين الطرفين. لكن محاولة بري المدعومة سوريّاً اصطدمت بالجدار المصري ـــــ السعودي بالمبادرة، التي «تبتغي السلطة اللبنانية عبرها تهريب انتخاب رئيس للجمهورية من دون سلة المعارضة. ولطالما كان الإيحاء الأميركي للسلطة رفض مبادرة بري، يدفع أيضاً باتجاه الرفض العربي لها، ما أدى إلى تعطيلها بالكامل».
وتضيف الأوساط النيابية المعارضة أن «خروج النائب ميشال المر من تكتل التغيير والإصلاح، الذي تزامن مع تحرك بري، لم يحصل دون معرفة دمشق وحلفائها اللبنانيين وموافقتهم عليه، بغية إمرار انتخاب العماد سليمان لرئاسة الحمهورية تلبيةً لمطلب بري والفريق السلطوي، على أن يكون القبول بمبدأ الحكومة الانتقالية «جائزة ترضية تُمنح للمعارضة». وتجمع المصادر النيابية نفسها على تأكيد التنسيق الدائم للنائب المر مع رئيس البرلمان في كل خطواته منذ عام 2005.
أما بالنسبة إلى مستقبل الأزمة، فلا يرى النائب إبراهيم كنعان إمكاناً لحل في الأفق المنظور، متوقعاً استمرار الوضع كما هو إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية وتغيير الإدارة الحالية. «ومن الآن وحتى ذلك الوقت يبقى احتمال وقوع حوادث، كالتي يشهدها لبنان منذ أعوام، احتمالاً واقعياً، بالتلازم مع الركود في كل القطاعات الاقتصادية. إلا إذا انطلقت وساطة إقليمية أو دولية جديدة».
ويتقاطع كلام كنعان مع المعطيات التي يملكها مسؤول العلاقات السياسية في حزب الله نواف الموسوي، عن استنتاج السفارة الفرنسية في لبنان بشأن صعوبة التوصل إلى قواسم مشتركة، تصلح لأن تكون قاعدة لتسوية سياسية تقوم على تنازلات متعادلة، من فريقي السلطة والمعارضة. وتكون مكاسب هذه التسوية لمصلحة الانفراج السياسي العام، الذي يستفيد منه المجتمع سياسياً وأمنياً واقتصادياً، وإن كانت على حساب بعض المطالب التي يتمسك بها الطرفان. وهذا الاستنتاج «يحيّد» قوة الدفع الدبلوماسي، الفرنسي والأوروبي، للوصول إلى حل على المدى المنظور. كما أن الفريق الدبلوماسي في السفارة الفرنسية يبحث حالياً في آلية للتعايش مع مرحلة المراوحة المرتقبة، ضمن برنامج عمل مخصص لهذه الغاية وغير محدد بتواريخ زمنية ثابتة.
ولا يغيب مشروع ترئيس العماد سليمان عن الاهتمام الجدي للمعارضة، إذ بدأت تظهر نتائج استنفاد المبادرة العربية، التي تبنت ترشيح قائد الجيش، كما منيت جهود الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بالفشل، ما يعوق انتخاب سليمان. وهذا ما يفسر استعجاله تأمين انتخابه، الذي أصبح بحكم المتلاشي، كما توحي تصريحاته ومواقفه الأخيرة.