صيدا ـ خالد الغربيلم تكن مئات الصور العائدة لعميد الأسرى في السجون الإسرائيلية سمير القنطار التي نشرها ناشطو الحزب الديموقراطي الشعبي في أحياء صيدا وشوارعها مجرد طقوس متصلة بإحياء ذكرى اعتقاله، أمس، التي درجوا على إحيائها غير عابئين بـ«مضبطة» اتهامهم بالانتماء الخشبي وعدم مراعاتهم للعصرنة الأميركية. لم يتخلف أحد عن اللقاء الذي أقيم في ساحة الشهداء في صيدا. رفاق وإخوة من لبنانيين وفلسطينيين من مختلف الأطياف اليسارية والإسلامية والوطنية، يتقدمهم النائب أسامة سعد والأمين العام للحزب الديموقراطي الشعبي نزيه حمزة، وعقد نصاب الرفاق يكتمل مع حضور وفد من الحزب الشيوعي في الجبل.
هو حبل سرة النضال يجمع بين مدينة صيدا وسمير، يقول عريف الحفل الزميل علي حشيشو مطمئناً سمير إلى أحوال صيدا «التي أحببتها وما نسيتها وما نستك. صيدا ما زالت تدرب المقاومين يا سمير، ولم يقوَ أصحاب الدولار ولا تجار المذهبية على تغيير وجهها المقاوم» يقول حشيشو. أما سمير فيرد في رسالة من معتقله في فلسطين: «أُحييكم على هذا الوفاء الدائم، وأعاهدكم جميعاً على أن أبقى صامداً قوياً مؤمناً بقضيتنا وبحتمية نصرنا، مهما طال ظلام السجن. كنا وسنبقى معاً، يداً بيد، كلٌّ من موقعه، من أجل القيم التي تختزنها ضمائرنا، من أجل مستقبل أبنائنا، وحرية أجيالنا القادمة». بدوره حيا حمزة في كلمته بطولة القنطار.
ويرى البعض في مدينة صيدا أن احتفال أمس ومختلف التحركات والنشاطات المرتبطة بالمقاومة، على أهميتها، ليست العنوان الوحيد الذي يمكن أن يتم الاستثمار الناجح فيه في صفوف الصيداويين، «فهناك قضايا أخرى يجب متابعتها والتأسيس عليها، كالغلاء الذي من شأن التحرك فيه أن يعيد الاعتبار للملف الحياتي. ومنه ما هو متعلق بالخصوصية الصيداوية، كعلاقة المدينة مع جوارها الشرقي والجنوبي ومحاذير بعض العلاقات (القوات اللبنانية نموذجاً)».
ووفقاً لمصادر صيداوية، فإن ثمة اختراقات جدية لوسائط الدفاع التي كان ينطلق منها «المستقبليون» للهجوم على خصومهم، فما عاد مثلاً وهج الكلام عن محاولات «تشييع المدينة» وغزوة شراء المحالّ من الشيعة تمثّل «أكشن»، بعدما تبين أن عمليات الشراء هذه هي نقطة في بحر الاستثمارات والمشاريع التجارية الواسعة في منطقة البوليفار الشرقي ـــــ البستان الكبير، التي تأتيها المشاريع من كل حدب وصوب.
وكذلك سقوط نغمة «السيادة والحرية» واحتكار المناداة بها بعد تبيان حجم التدخلات الأجنبية والأميركية.
لكن آخرين من هذا الفريق يرون أن التراجع ليس ناتجاً من أداء متميز للمعارضة أو اختراقات سجلتها في سياق تصور، وإن كان عمودها الأساسي في المدينة التنظيم الشعبي الناصري، بقدر ما هو إخفاقات للفريق الآخر مع ارتفاع مستوى الهموم المعيشية والحياتية الضاغطة، وهي هموم تلام المعارضة على عدم الاستثمار فيها.
عنوانان مع عناوين أخرى ممكن أن تُكسب هذا الفريق أو ذاك نقاطاً على حساب الآخر، لكن دون كسر الستاتيكو القائم الذي بدا أن كثراً باتوا يشجعونه، لأن الثنائية ولّادة للحراك وهي تكبح وتمنع أي فريق من أخذ المدينة باتجاه واحد، فضلاً عن ملفات ما زال يرتاب منها صيداويون كثر تُسجَّل لمصلحة المعارضة.