strong>دعوة إلى اعتصام نيابي ومكاري يشكو من «مسلسل سوري ـ إيراني طويل»
التأجيل مؤجّل إلى اليوم والوضع إلى «كباش» من نوع جديد مع التأجيل الـ18 لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية، المتوقع إعلانه اليوم، تكون التأجيلات قد بلغت مرحلة الرشد، لكنها لا تزال تحتاج إلى ثلاثة لتصل إلى سن الاقتراع، وربما إلى أكثر من ذلك إذا ما ارتبطت بشرط «الحوار أولاً»

صحيح أن طاولة الحوار جاهزة في مجلس النواب، إلا أن الحوار الفعلي سيجري في اللقاءات الثنائية على هامش مؤتمر جوار العراق في الكويت، التي ينتظر من كواليسها أكثر مما ينتظر من الاجتماع حول لبنان الذي ستشهده العاصمة الكويتية أيضاً، والذي استبقه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة باتصالات هاتفية شملت الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل للمرة الثانية في أقل من 24 ساعة ووزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد.
في هذا الوقت، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري، لم يعلن حتى ساعة متأخرة من مساء أمس تأجيل جلسة الانتخاب المقررة اليوم، ما يعني تأجيل إعلان التأجيل إلى اليوم، وسط توقعات بأنه سيربط تحديد موعد جديد للانتخاب بإجراء الحوار حول المواد الخلافية. وهو ما أكدته كتلة التحرير والتنمية في بيان تلاه النائب أنور الخليل بعد اجتماعها أمس، بتجديد دعمها لمبادرة بري الحوارية «وسعيه للتوصل إلى إعلان نتائج حول نقاط البحث المطروحة على طاولة الحوار والتي ستتركز على موضوعي حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب». كما أعلن الخليل أن بري «لا يزال مصراً على قيام الحوار بشكله الكامل».
وكان بري قد استقبل، أمس، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، الذي زار أيضاً مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، وحضّ على ضرورة «الحد من التحريض المذهبي والطائفي في الشارع العام». ورأى أن «الأزمة تتراوح الآن حول قضية القانون الانتخابي»، قائلاً إن «كلاً يريد أن يتم تبنّي قانون الانتخاب على مقاسه وتفصيله، وهذا ليس في مصلحة لبنان ولا اللبنانيين». ودعا إلى التجاوب مع مبادرة بري «لأن الوضع لا يسمح بتأخير الحلول حتى لا نصل إلى الفوضى، وبالتالي إلى القضاء على الدولة». ورهن نجاح المبادرة العربية باتفاق قادة الدول العربية.

الموالاة: على النواب الاعتصام في المجلس
ورغم تأخر إعلان تأجيل الجلسة، برزت أمس مواقف للموالاة تشير إلى إعداد «شيء ما»، إذ عرض نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، مضبطة اتهام ضد ما سمّاه «مسلسلاً سورياً ـــــ إيرانياً طويلاً»، حمله مسؤولية «تعطيل» جلسات الحوار السابقة والمبادرات العربية والفرنسية ومفاوضات بري ـــــ الحريري، واللقاءات الرباعية، وجلسات انتخاب رئيس الجمهورية، ومسؤولية التراجع عن مبادرة بري في بعلبك، وتمييع مبادرة قوى 14 آذار للقبول بترشيح العماد ميشال سليمان رئيساً توافقياً. ثم عرض بعض مواقف ومبادرات وطروحات أركان في المعارضة، ليخلص إلى أن «التفسير الوحيد هو أن قوى 8 آذار لا تملك قرارها»، وليقول: «كي تثبت لنا الأقلية النيابية عكس ذلك، فإننا نضعها أمام التحدي، بأن ننتخب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وننتقل في الساعة نفسها من ساحة النجمة إلى قصر بعبدا بحوار يرأسه الرئيس ميشال سليمان، ونخرج منه بإعلان النيات الذي يحفظ مصالح لبنان واللبنانيين».
وقال النائب رياض رحال: «لقد وصلنا إلى الحائط المسدود، والمطلوب نزول كل النواب إلى المجلس والاعتصام فيه ليل نهار حتى انتخاب رئيس، ومن لا ينتخب أو لا ينزل إلى المجلس عندها يكون منتهكاً للدستور وخائناً للوطن». وسأل: «لماذا هز الأصابع والبهورة على اللبنانيين؟ هل يريدون دفعنا إلى إنشاء مقاومة ثانية في وجه المقاومة؟ هذا يعني حرباً أهلية، فهل هذا ما يسعون إليه؟».
وفي حوار مع رابطة خريجي كلية الإعلام، رأى البطريرك الماروني نصر الله صفير، أن بقاء البلد دون رئيس خمسة أشهر «أمر شاذ»، وأن الفراغ الرئاسي «يجب أن يملأ بحسب الدستور لا بحسب رأي كل من الناس»، داعياً النواب «الذين يتلكأون» عن الانتخاب إلى أن «يلبوا نداء الواجب». ونفى علمه بوجود جهود للمصالحة المسيحية ولقيام النائب ميشال عون ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية بزيارة بكركي. وقال إن المطران بولس مطر بدأ مبادرته و«لم يسألنا ولم يسأل أحداً، ولكن بعدما تم الحديث جاء وأخبرنا بما حدث، والأمور لا تزال حيث هي».
وأبدى تأييده للتحركات التي تشهدها بعض المناطق للمطالبة بانتخاب رئيس، قائلاً إن على الشعب أن يظهر رأيه «وهذا رأي مشروع لأن الفراغ مرفوض». ورفض ما تردد عن تسليم قيادة الجيش لرئيس الأركان (درزي) بعد تقاعد العماد ميشال سليمان، بالقول: «هناك دستور، والوظائف موزعة على الطوائف، وحتى الآن ليس ما يوجب قلب هذا الوضع، يجب المحافظة عليه». وكرر تأييده لقانون 1960 «شرط ألّا يتعدى عدد النواب الأربعة»، مشيراً إلى تمنيه «أن تكون هناك دائرة واحدة لكل نائب، لكن هذا يشجع على الرشوة». وأجاب عن سؤال بشأن ترميم الحكومة، بالقول: «هناك دستور يجب أن يطبق، ولكن عندما يستقيل بعض الوزراء فيكونون قد استقالوا، لا أن يستقيلوا لفترة من الزمن، وبعد ذلك يكونون غير مستقيلين، فإما أن يكونوا مستقيلين وإما غير مستقيلين». ورأى أن الحوار السابق «لم يعط شيئاً»، مردفاً أن المطلب الأول هو انتخاب رئيس، ولهذا الرئيس رأي في «سائر المطالب».
وكان صفير قد استقبل الرئيس رشيد الصلح والنائب بطرس حرب، الذي قال إنه بحث معه «في كيفية مواجهة المرحلة المقبلة وإخراج موضوع انتخاب رئيس الجمهورية من دوامة الشروط والشروط المضادة بحيث نتمكن من انتخاب رئيس خارج إطار هذه الشروط السياسية التي أفرغت موقع الرئاسة».
أما الرئيس نجيب ميقاتي، فقد شدد بعد لقائه القائمة بالأعمال الأميركية ميشيل سيسون، على أن الحوار «يجب أن ينحصر بالاتفاق على مرحلة ما بعد انتخاب رئيس جديد، لأننا لا نريد أن نصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية، ومن ثم نقع في الفراغ مجدداً»، موضحاً أن الحوار يجب أن يكون «للوصول إلى اتفاق لإعطاء الحرية لرئيس الجمهورية، ضمن نصوص اتفاق الطائف وروحيته، كي يؤسس للبنان من دون أن يكون أسير منطق الأكثرية أو الأقلية».
وبعد لقائه سفراء مصر واليونان وأوستراليا وهولندا، قال النائب ميشال المر، إن النقاط المعقدة تتطلب تنازلات من الفريقين، وإن الرهان الوحيد على أي حل لن يكون إلا عبر المبادرة العربية، مضيفاً إن مبادرة بري ليست بعيدة عن العربية. ورأى الحاجة «إلى يد أكبر من اللبنانيين لإيجاد الحلحلة، والمطلوب تأثير مباشر على السعودية وعلى سوريا لتسهيل الحل»، وإلا فإن الحل على طاولة الحوار «سيصطدم بالنقاط الحساسة».
وأعلن عن بيان صدر إثر ترؤسه اجتماع المجلس التنفيذي لتجمع البلديات والمخاتير والهيئات الأهلية في المتن، يؤكد أن تحرك التجمع كان يهدف إلى تحريك الضغط الشعبي لتأمين انتخاب رئيس للجمهورية، ويشدد على استقلالية التجمع «عن أي حزب أو تكتل أو تيار سياسي»، وأن العلاقة مع حزب الكتائب والقوات اللبنانية اقتصرت على اتصالين بالمر من الجميل وسمير جعجع، تأييداً للتحرك. وقد رفض المجتمعون التوسع في تفسير تحركهم «أو التشكيك في وجود تحالفات وهمية تعمل للفتنة».

«الكاوبوي موجودون أينما كان»
وإثر ترؤسه اجتماعاً لتكتل التغيير والإصلاح، تطرق النائب ميشال عون إلى «المهرجانات التي انطلقت من البلديات»، قائلاً: «ثمة أكثر من شخص يعتبر محركاً لمهرجانات سياسية أو مواقف سياسية، فانتهت في زحلة حتى الآن، وأعتقد أنه لن يحصل غيرها، إلا إذا كان هناك إصرار على هذا النوع من التحركات، الذي يعتبر في غير مكانه». ورأى «أن الأعذار الواهية التي يطلقونها لتحريض الناس على مواقف سياسية معينة ويجعلونهم يتخلون عن أهدافهم الأساسية التي تؤمّن المشاركة، هي تضليلية».
وقال إنه لا يستغرب أن يكون قانون الألفين «مدعوماً أميركياً، لأن الـ«Cowboy» موجودون أينما كان، وليسوا في انتظار أن يشجعهم أحد»، وتحدث عن التدخلات الأميركية والعربية قائلاً «ليس المهم الدولة التي تتدخل، بل المهم الذين يسمعون منها»، ولفت إلى أن مطلبه المشاركة «ولست موجوداً في لبنان كنائب لتغطية القرارات الأميركية والعربية التي يمكن أن تقضي على لبنان».
وأعلن أنه سيكشف الاتفاقات السرية حول التوطين بالأسماء والمستندات. وقال: «لسنا نحن من نهاجم أميركا، أميركا هي من تهاجمنا وتهدد وجودنا بسياستها».
سائلاً: «ماذا أعطت أميركا منذ عام 1970 إلى اليوم، أعطوني الموقف الذي ساعدتنا به، ولم تكن متفرجة أو مشجعة. ما هي رؤوس الأموال التي قامت بالحرب اللبنانية؟ من أي بلدان أتى المقاتلون؟ لماذا تقوّض الاستقرار في لبنان؟ لماذا حصلت حرب إسرائيل؟ حرب الجبل؟ شرقي صيدا؟ لماذا صار الشريط الحدودي؟ أليس ضمن اللعبة الدولية؟ من كان يسهر عليها؟ والآن يعدنا السيد ولش بأن الصيف حار، هل هو نبيّ القرن الـ21؟ ويأتي تلميذه ليقول إن هناك اغتيالات، يبشّرنا. يقومون بالخطة ويخبروننا إياها، ويهددوننا بها». وقال «نحن مقرّون بضرورة انتخاب العماد سليمان، ولكننا نفاجأ بأن البعض يسعى للشدّ به بقصص المهرجانات كي يصبح طرفاً. لسنا نحن من يجعله طرفاً، بل من يؤيده كالحب القاتل».
إلى ذلك، تواصلت ردود الفعل على زيارة ولش ومواقفه الأخيرة، وتحدث رئيس المجلس السياسي لحزب الله السيد إبراهيم أمين السيد، عن «معطيات تقول إن الأميركيين أبلغوا عملاءهم وفريقهم في لبنان والمنطقة بأن رتّبوا أموركم على أساس أننا لا نستطيع شن حرب على سوريا أو إيران أو المقاومة، وقالوا لهم بالحرف لسنا بصدد الحرب على أي أحد في المنطقة». وقال: «إننا قادرون على حل الأزمة، فإن أرادوا فيدنا ممدودة».
ورأى النائب نوار الساحلي أن فريق السلطة «قائم بالدعم والمصل الأميركيين، ومصير هذا المصل هو الانقطاع والرمي به في مزبلة التاريخ».
وبعد لقائه سفير البرازيل إدواردو دو سيكساس، وصف مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله نواف الموسوي، زيارة سيسون للجنوب، أول من أمس، للاطلاع على واقع القنابل العنقودية، بـ«الوقاحة». واتهم الإدارة الأميركية بشن «حرب إلغاء ضد التيار الوطني الحر، بهدف إلغاء أكثرية مسيحية تؤمن بالتفاهم مع الشريك في الوطن للحفاظ على وحدته».
على صعيد آخر، تمنى رئيس الحزب الديموقراطي طلال أرسلان، بعد لقائه وفدين من «تجمع العلماء المسلمين» و«المرابطون»، على بري «أن يعيد النظر بطاولة الحوار، لأنها لا تمثل كل فرقاء المعارضة داخل الطوائف والفئات اللبنانية، وكذلك داخل الأحزاب»، مطالباً بمقعد في صفوف المعارضة «للوزير محمد الصفدي الذي هو من صلب 14 شباط، لأنه شخص جدير بالاحترام»، وبموقع «يمثل مجموعة الموالاة نعطيه لديفيد ولش»، لأن الموالاة «لا تستطيع الارتباط بالتزام أو موقف تقارب».
وأمس، ذكرت قيادة الجيش، في بيان، أن أرسلان «دأب في الآونة الأخيرة على تناول المؤسسة العسكرية في تصريحاته السياسية، باتهامات غير صحيحة، وبعيدة عن الواقعية والموضوعية، حتى وصل به الأمر إلى الادّعاء بأن أموراً خطيرة تجري داخل هذه المؤسسة»، داعية إياه «إلى أن يضع الأمور الخطيرة التي أعلن وجودها بحوزته، بتصرف القضاء المختص، الذي يعتبر من دون غيره، المرجع الصالح لكشف الحقيقة وجلاء الأمور، كما تعتبر تصريحاته بمثابة إخبار، وتحيلها إلى النيابة العامة العسكرية للمقتضى».