يدوّي صوت الصفّارات لينذر باقتراب موكب أمني كبير متوجّه نحو مجلس النواب، وفيه عدد من السيارات التابعة لقوى الأمن الداخلي. يخرج العناصر الأمنيون بنادقهم الرشاشة من النوافذ في منطقة «فردان»، ويلوّحون بها لإبعاد السيارات وتخويف الناس. يعلو صراخ العسكر عندما لا تمتثل إحدى السيارات للأوامر، «رجاع لورا ولا! منّك شايف؟ موكب أمني!». في السيارات المموّهة الزجاج، عناصر أمنيون بنظارات سوداء، بعضهم بلباس قوى الأمن والبعض الآخر باللباس المدني الأنيق. السائق المرعوب من الصراخ ومن «هيبة الأمن»، يبقى جامداً في سيارته للحظات بعد مرور الموكب، ربما ليتأكّد من أنه قد مرّ فعلاً.وفي منطقة برج المرّ، تمرّ سيارة لقوى الأمن مموّهة برقم مدني (193507و) وتخالف الإشارة الحمراء عند مدخل شارع الحمرا، ثمّ تدخل مسرعة إلى وزارة الداخلية.
أما في الأشرفية، فيستغرب الناس تصرّف قوى الأمن «كالأشباح»، كما وصفهم أحدهم، إذ تبيّن أن سيارتين بالدفع الرباعي، من نوع «جيب» بيضاوَي اللون ومموّهتَي الزجاج، تحملان نفس رقم لوحة التسجيل المدنية (175369و). لا يبدو أن هذا التمويه البدائي مفيد، وبما أنه لا يخفى على أحد أن السيارتين تابعتان لقوى الأمن، فلمَ لا توضع عليهما لوحات تسجيل لقوى الأمن؟ «وكيف بدّن ينمّرو علينا؟» تجيب سيدة خمسينية عند سؤالها عن ذلك.